المفاتيح القديمة لا تفتح الأبواب الجديدة
تابعت المشروع العظيم للخط الموازى لقناة السويس الذي يباشره ووضع حجر أساسه سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي وأعلم جيدًا أنه من المشاريع التي سوف تعود على الوطن مصر بالخير والرخاء....ولكن... بقدر ما تحتاج مصر لتلك المشاريع العملاقة لتكون حجر الزاوية لجميع دول العالم وتعود محط أنظار ورعاية العالم كله وتسترد مصر مكانتها بين هذه الدول لتكن في طريقها لمصاف الدول العظمى بقدر ما تحتاج لبناء المواطن المصرى من جديد وتغير ثقافته لكى يعود المواطن قادرًا على استيعاب وقبول الآخر.
فنحن نريد تنمية واستثمار العقول البشرية المصرية التي تنتمى إلى تراب الوطن وقادرة على احتواء كل المتغيرات والعقائد والعادات المختلفة لتصهرها في بوتقة العقل وتوظيفها لصالح رقى الوطن كما كان عهدنا في زمن للأسف كنا فيه نعانى الاحتلال فهل نحن دائمًا في الاحتياج إلى محتل يغتصب أراضينا ليعلمنا كيف تكون المواطنة؟
فالمواطنة في رأيى هي أن يشترك كل المواطنين باختلاف عقائدهم وطبائعهم في خدمة الوطن فيشعر المواطن أنه في وطنه لا فرق بين أكثرية وأقلية الكل في واحد مصر للمصريين جميعًا.
ولن يتعلم المواطن هذا إلا بالتعليم الجيد بداية من التعليم الأساسى الابتدائي والذي فيه يُزرع في أطفالنا منذ نعومة أظافرهم التمييز وغابت دروس التربية الوطنية وحل محلها الدروس الدينية التي يتلقى خلالها التلاميذ العلوم الدينية بطريقة تجعلهم لا يحبون الوطن مما جعلنا نسمع أقوالا مسمومة (مثل أن الوطن ما هو إلا حفنة من تراب وإنما نحن ننتمى إلى الإسلام فوطننا الإسلام) فالإسلام ليس له وطن إنما هي أقوال من شأنها زرع الإرهاب في عقول الأطفال منذ نعومة أظافرهم.
فلابد لنا من تعليم جديد من بداية التعليم الأساسى حتى الجامعة فالتعليم لدينا أصبح مقصلة للمبدعين والإبداع يعتمد على التلقين والحفظ حتى مرحلة الدكتوراة فأنا شخصيًا عانيت الأمرين في بعض كورسات الدكتوراة من أساتذة تصر على تلقيننا بالإملاء وكأنها حصة إملاء.
مادة بلا مراجع ولا كتيبات مجرد نسخ لما يريد الأستاذ أن يملأ به عقولنا فهل هذا تعليم يخلق مواطنا له حس إبداعى أو حتى لديه شعور بالمواطنة؟ بالطبع لا.
البلد القوية كشجرة قوية لها جذور مختلفة في أشكالها ووظائفها ولكنها تشترك كلها في امتصاص الغذاء من الأرض لتعطيه لجذع الشجرة الذي بدوره يقوم بتوصيله إلى الأوراق فيجعلها قوية لتتمكن بدورها من تغذية البراعم التي تنشئ الثمار التي تؤكل وكله يعود بالنفع بالطريق العكسى هبوطًاعلى الجذور مرة أخرى فهل يمكن للمواطن المصرى أن يشعر بأنه جذر صغير له وظيفة في الشجر الكبيرة التي هي الوطن وأنه لن يأكل إلا إذا أعطى وأن دوره مهما ضؤل فهو مهم جدًا. فهكذا تبنى الأوطان.
فالبنية الأساسية لبناء الوطن هو المواطن والمواطن ينمو بالتعليم والبحث العلمى وشعوره بالمواطنة.
فإن ما نشهده من إرهاب يومى وانشقاق شعبى فمنهم من يؤيد الإرهاب ومنهم من ينبذه وكل هذا سببه التعليم وخصوصًا التعليم الدينى والمدرسون الذين انتشروا في عصر حسن البنا في المدارس الإلزامية لزرع الخطاب الإرهابى في عقول النشء.
وترك هذا السرطان لأكثر من ثمانين عامًا حتى استفحل أمره ومقاومته ما كانت إلا مجرد مسكنات وهو علاجه يحتاج إلى البتر.
فياليتنا لا نحاول ونصر على فتح الأبواب الجديدة بالمفاتيح القديمة فلن تفتح الأبواب مطلقًا فالأبواب الجديدة تأتى بمفاتيحها الخاصة بها ولكل عصر أدواته ولكل حدث حديث.
لن تنمو مصر وتتطور إلا بتغير جذرى في المنظومة التعليمية فالبناء والتطوير لابد أن يسيرا في اتجاه مواز. نحن نريد إقصاء العجول البشرية ليحل محلها العقول المصرية المبدعة بحق ولدينا منها الكثير ولكننا لابد أن نتحمل عناء البحث والتطوير.
ولك الله يامصر راعك الله وحماك