رئيس التحرير
عصام كامل

احتلال مصر عبر بوابة «المركزي للمحاسبات».. رئيس الجهاز يرسل قانون الجهاز لـ«البنك الدولي» بالمخالفة للقانون.. خبراء: اقتراح التركيز على القضايا المهمة يفتح الباب للمخالفات المالية

المستشار هشام جنينة
المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات

ما أن قرر المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات إرسال قانون الجهاز المركزى للمحاسبات إلى البنك الدولي، حتى انهالت سلسلة من التعليقات الغاضبة والرافضة من داخل الجهاز نفسه، ومن قانونيين آخرين من خارجه، تخوفًا من «فتح بابٍ للتدخلات الخارجية في مصر».


تدخل خارجي
الرفض تزايد بقوة بعد إرسال مذكرة للشئون القانونية للجهاز المركزى للمحاسبات بشأن تعليقات البنك الدولى على مسودة القانون الجديد للجهاز، بعد إرسال المستشار هشام جنينة مسودة القانون للبنك الدولى بتاريخ 26 نوفمبر 2013، رغم تكذيب ونفى الجهاز في تصريح رسمى ما تردد عن الإرسال، فيما اعتبر هؤلاء الخبراء هذه التعليقات والملاحظات تدخلا خارجيًا في التشريعات القانونية المصرية.

وجاءت شروط البنك الدولي، حسب تقرير الشئون القانونية لـ«المركزى للمحاسبات»، مطالبة بتعديل مدة ولاية رئيس الجهاز بألا تكون مماثلة للمدة المحدد لولاية رئيس الجمهورية بالأكثر أو أقل لتخفيف خطر النفوذ السياسي على تعيينه، الأمر الذي رأت الشئون القانونية أنه يتعارض مع نص الدستور في المادة 216 في تعيين رئيس الجمهورية لرؤساء الهيئات والأجهزة لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، واعتبرها الخبراء تمثل تدخلا في السيادة المصرية.

وكان لافتًا للنظر طلب البنك الدولى اقتصار الرقابة على منظمات المجتمع المدني، فيما يتعلق بإعانات الحكومة تجاههم فقط، وعدم الرقابة على الدخل الخاص بتلك المنظمات أو أدائها، ما يسفر عن أضرار كبيرة على الأمن القومى المصري، خصوصًا إذا كان هذا الدخل الخاص بتلك المنظمات يأتى بطرق غير مشروعة.

مراقبة البرلمان
كما طلب البنك الدولى أيضًا تعيين مراقب حسابات مستقل من قبل البرلمان لمراجعة حسابات الجهاز، بسبب وجود إدارات داخلية تقوم بهذا الدور، كما أن الجهاز يقوم على مراقبة ميزانية البرلمان نفسه، الأمر الذي يشككك في نزاهة واستقلال الجهاز ورئيسه، وقوبل هذا الطلب بالرفض أيضًا من قبل الخبراء.

ولعل ما أثار دهشة الخبراء، ما اقترحه البنك الدولى باستخدام الجهاز منهج المراجعة على أساس المخاطرة، وتركيز موارد الجهاز على القضايا الأكثر أهمية فقط، الأمر الذي رأته الشئون القانونية لـ«المركزى للمحاسبات» يؤدى إلى إفلات عدد كبير من المخالفات المالية من رقابة الجهاز بذريعة أنها ليست أكثر أهمية.

كما اقترح البنك الدولى أن يودع المركزى للمحاسبات كافة الإيرادات من جميع الجهات العامة بما فيها الجهاز الأعلى للرقابة المالية في صندوق موحد ولا تبقى في حوزة تلك الأجهزة.

إعفاء الرئيس
ومن الغريب تدخل البنك الدولى في تحديد القواعد التي على أساسها إعفاء رئيس الجهاز من منصبه في القانون، وعلى سبيل المثال، عدم قدرته فعليا على القيام بأعباء وظيفته، ووجود نصوص في القانون تضمن عدم تعرض رئيس الجهاز للمحاكمة خلال أدائه واجباته العادية في الوقت الحالى والسابق.

وتضمنت قائمة طلبات البنك الدولى أيضًا أن يتضمن القانون إنشاء محكمة محاسبة ضمن تشكيل الجهاز تدعيمًا لدور الجهاز الرقابى وزيادة آلية الرقابة.

من جانبه، اعتبر مدحت عوض وكيل أول بالجهاز المركزى للمحاسبات أن تدخل البنك الدولى في قانون الجهاز «غير مقبول» ولا توجد أي علاقة بين الجهاز وبين البنك الدولى حتى يتم التدخل في قانون ومقترحات الجهاز وإذا كان هناك تعامل مع البنك الدولى لابد وأن يكون عن طريق الحكومة.

وأشار عوض إلى أن علاقة البنك الدولى تتم عن طريق البنك المركزى الذي يراقبه الجهاز المركزى للمحاسبات، وهذا التدخل غير مقبول باعتبار أنه يعد تدخلًا في شئون الجهاز ولا يوجد أي مبرر حتى يناقش البنك الدولى مسودة مشروع قانون الجهاز المركزى للمحاسبات.

من جهة أخرى، وصف حسين السخاوي، رئيس الشئون القانونية بالمركزى للمحاسبات، عقب دراسته لتوصيات البنك الدولي، بأنها تتعارض مع الدستور المصرى الجديد الذي نص على أن الجهاز هيئة رقابية مستقلة يتولى الرقابة على جميع الأموال العامة، وتحديدًا الجهاز الإدارى للدولة وبشمول رئاسة الجمهورية ومجلس النواب، والأشخاص الاعتبارية العامة والجهات الأخرى التي يحددها القانون.

فيما اتهم أحمد السنديوني، رئيس شعبة المحليات بالجهاز المركزى للمحاسبات، المستشار هشام جنينة بإهدار السيادة الوطنية، مشيرًا إلى أن «جنينة عرض قانون الجهاز المركزى للمحاسبات على البنك الدولي»، لافتًا إلى أنه اتصل بالبنك الدولى دون الرجوع لجهات الاختصاص.

وأشار السنديونى إلى أنه سيتم تشكيل فريق من المحامين لمقاضاة هشام جنينة لاتصاله بالبنك الدولى دون إخبار الجهات الأمنية، معتبرًا أن ذلك «استقواء بالخارج».
الجريدة الرسمية