رئيس التحرير
عصام كامل

صحيفة أمريكية تكشف سيناريوهات التدخل العسكري في ليبيا.. هجمة أطلسية بمباركة أممية.. تفعيل البند السابع تفاديا لـ"فيتو" روسي وصيني.. إجبار الميليشيات على الانسحاب.. وإدخال قوات حفظ سلام عربية وأفريقية

الوضع فى ليبيا -
الوضع فى ليبيا - صورة أرشيفية

كشفت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية في تحليل لها اليوم، سيناريوهات التدخل العسكري المحتمل في ليبيا، لاستعادة الأمن هناك، والقضاء على التنظيمات المسلحة التي باتت تشكل خطرا داهما على دول الجوار والمنطقة، وأكدت الصحيفة في مستهل التقرير، أن التهدئة في ليبيا ستتطلب تدخلًا غربيًا وقوة لحفظ السلام، إلى جانب وجود بعثة وساطة دولية أكثر قوة، لكنها ترى أن احتمالات هذا التدخل ضئيلة جدًا، وأن إدارة أوباما لن تدعمها بشكل شبه مؤكد.


قوات حفظ السلام

وصرحت السفيرة الأمريكية لدى ليبيا ديبورا جونز خلال مداخلة مع قناة «سكاي نيوز عربية» أمس السبت بأنها ناقشت مع رئيس الحكومة الموقتة عبدالله الثني في واشنطن، على هامش حضوره القمة الأفريقية الأمريكية، إمكانية تشكيل قوة لحفظ السلام في ليبيا من خلال الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، بعد تزايد الاشتباكات بين الجماعات المسلحة في طرابلس وبنغازي.

وكان الثني قد صرح لنفس القناة يوم الخميس الماضي بأنه لا يمانع في وجود قوات عربية أو أفريقية أو دولية، لمساعدة أجهزة الدولة في بسط سيطرتها على الأوضاع في البلاد، خاصة بعد أن أصدر مجلس النواب قرارًا بوقف إطلاق النار بمراقبة الأمم المتحدة.

ويبدو أن المجتمع الدولي أصبح أكثر قبولًا للتدخل في ليبيا، من خلال تصريحات الرئيس الأميركي باراك أوباما مؤخرًا، التي قال فيها إنه يأسف لعدم بذل المزيد لإعادة إعمار ليبيا، وأضاف أوباما في مقابلة مع «نيو يورك تايمز» الجمعة أن «تخلي الإدارة الأميركية عن إعادة إعمار ليبيا خطأ لا يُقبل تكراره».

تأييد أممى.. ومباركة أوربية

كما أن تغيير رئيس بعثة الأمم للدعم في ليبيا طارق متري، وتعيين الإسباني برناردينو ليون المبعوث الأوربي الخاص رئيسًا للبعثة الأممية في ليبيا، يؤكد أن بعثة الأمم المتحدة زاد وزنها بإضافة قوة الاتحاد الأوربي لها، وكان متري قد واجه انتقادات كثيرة بانحيازه للإسلاميين، خاصة بعد دعوته إلى لقاء استبعدت منه شخصيات تمثل التيار المدني، وهيمنت عليه شخصيات إسلامية، وطالب متري بتقاسم السلطة بين التيارين بغض النظر عن نتائج الانتخابات، وهو ما عجل بسحب متري لدعوته.

وتزامن تغيير متري بليون مع فشل عملية فجر ليبيا في تحقيق أي من أهدافها بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من انطلاقها، فهي لم تسيطر على المطار ولا على أي مقر مهم، كما تزامن مع فشل عملية الكرامة، وسيطرة الإسلاميين على بنغازي، ويمكن اعتبار عملية فجر ليبيا محاولة لتعطيل عمل مجلس النواب المنتخب، كما أن الإسلاميين فشلوا سياسيا في منع مجلس النواب من الانعقاد، فقد نجح المجلس في الحصول على دعم معظم الشعب الليبي، كما حصل على دعم عربي ودولي، أي أن ما حدث هو فشل سياسي وعسكري في تحقيق أي هدف مهم.

طلب رسمي من البرلمان

ولكن إذا طلب البرلمان الليبي والحكومة الموقتة من المجتمع الدولي التدخل فكيف سيكون شكل هذا التدخل؟ من المرجح أن يعتمد مجلس الأمن الدولي على القرار 1973 الذي اتخذه في مارس 2011 بحماية المدنيين في ليبيا، تلافيًا لفيتو "روسي أو صيني"، خاصة وأن ليبيا لا تزال خاضعة للبند السابع، ومع ارتفاع عدد الإصابات بين المدنيين سيضطر المجلس لتجديد القرار، وتفويض حلف الناتو مرة أخرى باستئناف الغارات الجوية، وعندها ستجد كتائب القعقاع والصواعق والمدني التي تمثل الزنتان، وكتائب درع ليبيا التي تمثل مصراتة، مجبرة على الانسحاب من العاصمة طرابلس، وعودة مطار طرابلس الدولي وقاعدة معيتيقة لسيادة الدولة، كما ستضطر كتائب أنصار الشريعة وراف الله السحاتي وكتيبة 17 فبراير في بنغازي للانسحاب من المدينة والاختباء في الجبل الأخضر، مثلها مثل الكتائب الجهادية التي تحتل درنة.

إلا أن القصف الجوي لا يكفي لمساعدة الدولة على بسط سيطرتها على البلاد، مثلما يتمنى رئيس الحكومة عبد الله الثني، فوجود قوات دولية على الأرض عامل حاسم في مراقبة وقف إطلاق النار، وتجريد الكتائب القبلية من سلاحها، وأيضًا المساعدة في إعادة بناء الجيش والشرطة، وبالتأكيد لن تتواجد أي قوات غربية على الأرض الليبية لحساسية الليبيين من هذا التدخل، وخاصة وأنهم رفضوا هذا التدخل خلال قتالهم لكتائب القذافي على مدى ثمانية أشهر العام 2011.

الجامعة العربية.. شريك دولى

من المرجح أن تساهم الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في تشكيل قوات لحفظ السلام في ليبيا، وقد تتدخل قوات أفريقية للسيطرة على الجنوب الليبي، بينما تسيطر قوات عربية وربما إسلامية على الشرق والغرب، يمكنها التسريع في بناء الجيش الليبي وقوات الأمن، لأن ليبيا وفقًا للسفيرة الأمريكية ديبورا جونز ليست أفغانستان ليتغاضى المجتمع الدولي عما يجري بها.
الجريدة الرسمية