رئيس التحرير
عصام كامل

عودة للاطلاع والمعرفة.. شعيب ودعبس والطرهونى


قبل أشهر وأسابيع منحنى أساتذة زملاء مجموعة كتب من مؤلفاتهم في تخصصات شتى، للاطلاع عليها ومناقشتها، وحقيقة الأمر أننى كغيرى من بين كثيرين، أبتعد لفترات طويلة عن الكتب لحساب الحدث، وأترك في مكتبة بنيتها منذ العقد الثانى من عمرى بأبسط الإمكانيات، كل إصدار أحصل عليه من الأرصفة ودور النشر ومراكز الدراسات، وتضاءلت قراءاتى وتأملاتى فيها بعد سنوات من اشتغالى بمهنة الصحافة وتطورات صناعتها المزعجة ومشكلات وسطها متقلب المزاج.

بين هذه المؤلفات وأكثرها اهتمامًا من الوسط الصحفى، افتراضًا، كتاب الأستاذ سعيد شعيب الصادر عن دار أوراق ومركز "صحفيون متحدون"، "كيف تصبح صحفيًا ناجحًا.. كيف تربح من الصحافة الإلكترونية"، يحاول به الإجابة على سؤال متكرر يعيد نفسه كل صباح على كل محرر، ماذا يقدم للقارئ اليوم بينما مصدره الصحفى بلا معلومة، خاصة في المواسم والأعياد التي تحولت إلى أيام متابعة لطارئ لا أكثر، وهى مواقف تزيد الأمر تعقيدًا عند رؤساء الأقسام ومديرى ورؤساء التحرير داخل الصحف.

خبرة سعيد شعيب في تجارب "العربى، روزاليوسف، اليوم السابع، فيتو، البوابة نيوز"، وسنوات العناء التي عاشها مدافعًا عن هموم المحررين، والتي تلتها سنوات بحث عن آليات تطوير لجودة إنتاجهم الصحفى، جعلت إصداره أكثر أهمية في لحظة يتزايد فيها عدد المقبلين على ممارسة الصحافة والمنتقلين بخبراتهم منها إلى الفضائيات، وحيرة التقليديين من العاملين بالصحف الورقية مع تزايد وانتشار الصحافة الإلكترونية واضطرارهم لتطوير أنفسهم لمواكبتها.

الكتاب الثانى وهو رواية "الحب في زمن الثورة" للزميل هاني دعبس، الصادرة عن دار "اكتب"، يمثل العمل الأدبي الأول الذي يؤرخ لثورتي 25 يناير و30 يونيو، عبر سرد الرواية أحداث ميادين مصر خلال 3 سنوات، في قالب سياسي اجتماعي، يكشف به جرائم جماعة الإخوان في حق المصريين الباحثين عن العيش والحرية والعدالة والكرامة، ويخلد ذكرى الشهداء وبينهم عماد عفت والحسينى أبو ضيف ومحمد كريستي ومحمد الجندي.

وتُجسد الرواية أحداث الثورة المصرية من خلال مواقف جمعت حبيبين في كفاح ضد جماعة الإخوان، ودور التنظيم المسلح في تطويق مصر شرقًا وغربًا بالإرهابيين قبل وبعد وصوله للسلطة، وتتناول دور الدولة المنبوذة قطر في دعم الإرهاب، وتستر قناتها على انقلاب حاكمها حمد على أبيه، ولم يبخل كاتب الرواية على القراء بسرد تاريخى للتغيرات الطارئة على المجتمع المصرى منذ 1967، وتزايد المفقرين والمحرومين بفعل سياسات ضد حقوقهم جعلت أغلبهم عرضة لاستقطاب الإخوان وشقيقاتها.

أما الكتاب الثالث الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب حاملًا عنوان "لطائف الإشارات لفنون القراءات" للإمام الحافظ أبو العباس أحمد بن محمد القسطلاني "شارح صحيح البخاري"، وهو تحقيق ودراسة متميزة للباحث عبد الرحيم الطرهوني، الذي زاملنى مؤخرًا في عمل إعلامي أسقط من حظوظنا الالتفات إلى قدرات أكبر فينا وفيمن حولنا.

تحقيق الطرهونى للطائف القسطلانى يخوض في علم القراءات القرآنية من تخفيفٍ، وتشديدٍ واختلاف ألفاظ الوحي في الحروف، وإعراب القراءة محل الخلاف وبيان جميع وجوهها اللغوية الجائزة، وتوجيه القراءة من لغة العرب نثرًا وشعرًا، والدفاع عن القراءات ضد من أنكرها من علماء اللغة، وبيان الأوجه الشرعية لكل قراءة على حدة، وما يترتب عليها من أحكامٍ فقهية، بخلاف التجويد والتفسير ورسم المصحف الشريف والفواصل القرآنية، وهى منطقة بحثية مختلفة لا يجيد التعامل معها كثيرون، تصدر لها الطرهونى الشاب بتدقيق جريء.

مطالعاتى كتب الأساتذة الزملاء وآخرين لم أذكرهم، غير كافية لعودتى كقارئ حقيقي، لعادة ابتعد عنها الملايين لأسباب مختلفة أو متشابهة، لكن لكل مقام مقال وفى هذا يُذكَرُ هؤلاء وغيرهم بالخير، لأنهم أرادوا أن يكون لنا نصيبُ من المعرفة والمتعة بجهدهم الرائع.
الجريدة الرسمية