هيكلة قطاع البترول
استطاع قطاع البترول فى مصر تدعيم ميزان مدفوعاتها بما قدره 31.7 مليار دولار منذ بداية الألفية الجديدة وحتى نهاية العام المالى الماضى (2011 / 2012) وهو ما دعم من احتياطيات البلاد الدولية من العملات الأجنبية والتي تم هدرها بعد الثورة في إخراج أموال من داخل مصر لخارجها سواء كانت أموالا أجنبية قصيرة الأجل مستثمرة في أدوات الدين المحلي بالبورصة المصرية أو أموال أجنبية مستثمرة في مشروعات طويلة الأجل، والواقع يؤكد أن هناك أموال رجال أعمال وساسة مصريين خرجت أيضًا من مصر وبكثافة بعد نجاح ثورة تونس وأثناء ثورة مصر في 25 يناير وبعدها أيضًا في صورة تحويلات للخارج وفي صورة اعتمادات مستندية وخطابات ضمان خارجية وخلافه، كما يؤكد الواقع أيضًا أن قطاع البترول في مصر قد غرق في بحر من الديون تجاوزت المائة مليار جنيه سواء كانت هذه الديون لبنوك أو شركات وبخاصة الشركات الأجنبية.
وتعاني مصر من أزمات في غاز البوتاجاز والسولار وبعض أنواع البنزين نتيجة لصعوبة وضعف القدرة على الحصول على الائتمان.
وبالتالي بات البحث في شأن هذا القطاع الحيوي أمرًا هامًّا وعلى الحكومة البدء في إجراء تغييرات وهيكلة فورية لقطاع البترول وإيقاف صرف الحوافز والمكافآت والأرباح بصورتها الحالية للمتعاملين بالقطاع إلا بعد إتمام الهيكلة.
بالإضافة لضرورة إيقاف صرف حوافز للصحفيين القائمين على تغطية أخبار وزارة البترول فورًا والاكتفاء بنادي واحد فقط يمثل أندية البترول بالدوري الممتاز.
مع مراجعة التعاقدات كافة التي قامت بها وزارة البترول في مجال البترول وكذا التعدين لاحتمالات كبيرة في أن يكون قد شابها الفساد والتلاعب في غير صالح الوزارة ومصر.
وأعلنت هيئة البترول أنها تحتاج 9.5 مليار دولار لتطوير معامل تكرير البترول التابعة للهيئة المصرية العامة للبترول وتقوم خطة التطوير على مرحلتين.
الأولى تهدف لتأمين المعامل ووضع شبكات أمان لتجنب ما حدث لمعمل السويس للتكرير وتقدر التكلفة لهذه المرحلة بـ500 مليون دولار والجدول الزمني المحدد لها 18 شهرًا.
أما المرحلة الثانية فتشمل تطوير المعامل التابعة للهيئة ورفع كفاءتها الإنتاجية وتقدر قيمة عملية التطوير بـ 9 مليارات دولار.
ونرى أن البنوك المصرية الخاصة لن تستطيع في ظل حجم المشاكل الموجودة بالقطاع أن تقوم بتمويل هذه العملية حفاظًا على أموال المودعين وكذا بنوك القطاع العام والتي يتصرف بعض رؤسائها وكأن أموال هذه البنوك هي أموالهم الخاصة رغم أنها فوائد المصريين وأغلبها فوائد أرامل وعجزه وشيوخه وبالتالي فالمرحلة الأولى نرى أنها هي الأهم حاليًا ويمكن دراسة تكلفتها مرة أخرى وتقوم وزارة المالية ببحث تمويلها مع وزارة الاستثمار وقيادات الهيئة الجدد.
كما لا بد من البدء في تكوين مخصصات عامة بالزيادة للبنوك التي قامت بالتوسع في منح الائتمان لقطاع البترول مع ضرورة تهميش عوائد قروضه المتعسرة طبقًا للتعليمات المنظمة لهذا الشأن وكذا تكوين المخصصات المقابلة لهذه القروض مع ضرورة تحفظ باقي البنوك تجاه هذا القطاع للحفاظ على أموال المودعين وعلى وزارة المالية ووزارة الاستثمار وقيادات هذا القطاع (بعد إعادة الهيكلة) تدبير موارد التمويل بخلاف البنوك مع ضرورة بحث كيفية سداد المستحق للشركات والبنوك الأجنبية والمصرية وبشكل منتظم.