رئيس التحرير
عصام كامل

خبراء اقتصاد يطالبون "الاستثمار" بالتصالح في 20 قضية.. السيد: الخسائر تمثل 120% من إيرادات الدولة.. عبد الحميد: نفتقد الخبرة التحكيمية.. الحماقي: التخبط وضعف أداء الحكومة وراء المنازعات

اجتماع مجلس الوزراء-
اجتماع مجلس الوزراء- ارشيفية

توقع خبراء الاقتصاد أن تصل الغرامات المستحقة على مصر، جراء قضايا التحكيم الدولي المرفوعة ضدنا إلى 100 مليار دولار، خاصة بعد أن فشلت مصر في هذا المجال، ووصول عدد قضايا التحكيم المرفوعة ضد مصر إلى 76 قضية لم نكسب منها سوى قضيتين إحداهما طابا بينما خسرنا 74 قضية أبرزها قضية سياج.

أرجع الخبراء ذلك إلى افتقار الخبرة الكافية لمستشاري التحكيم المصريين، ولغياب دور الدولة ممثلة في وزارة الاستثمار، في وضع إستراتيجية لفض هذه المنازعات مع المستثمرين، وتجنيب الاقتصاد المصري مخاطر التحكيم الدولي.

وترددت أنباء حول استجابة المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء للمذكرة المقدمة له من عبد الإله كعكى، مشترى شركة النوبارية لإنتاج البذور "نوباسيد"، بسرعة تسليمه الشركة التي تم الحجز عليها.

من جانبه قال الخبير الاقتصادى الدكتور عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، عضو لجنة فض المنازعات بالهيئة العامة للاستثمار، أنه ما زالت مشكلات شركات قطاع الأعمال العائدة للدولة والتي تنشب بين الحكومة ممثلة في وزارة الاستثمار ورجال الأعمال تعكر مناخ الاستثمار.

20 قضية 
وكشف عن أن عدد القضايا المنظورة أمام التحكيم الدولي تزيد عن الـ 20 شركة، وتتجاوز التعويضات فيها الـ100 مليار دولار، مطالبا وزير الاستثمار أشرف سلمان بضرورة إجراء تسويات مع المستثمرين تضمن حقوق كل من المستثمر والدولة، بدلا من لجوء المستثمر للتحكيم الدولي، لافتا إلى أن خبرة مصر في التحكيم الدولي متواضعة للغاية.

خبراء دوليون
وأوضح السيد أن مصر تفتقر إلى الخبرات القانونية الدولية، وهو سبب رئيسي في خسارة قضايا التحكيم الدولى، إذ أننا بحاجة لخبراء دوليين لديهم الخبرة لخوض مثل هذه القضايا، حتى لا تواجه مصر خسارة كالتي واجهتها في قضية وجيه سياج، والتي تكبدت بسببها خسائر بلغت 600 مليون جنيه.

وأكد أن أغلب المستثمرين لديهم الرغبة في التصالح وليس في التصعيد، وبالتالي فمن غير المنطقي تخاذل وزارة الاستثمار عن التواصل معهم وفض المنازعات بهدف إعادة تشغيل شركاتهم وتشغيل العمالة وزيادة الناتج المحلي وتحسين سمعة مصر الخارجية وبالتالي جذب المزيد من الاستثمارات.

وأشار مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، إلى أن أحكام المحاكم الدولية نهائية ولا يجوز الطعن عليها وحال صدورها تلتزم مصر بدفع التعويضات التي تزيد من الأعباء على الموازنة العامة للدولة، إذ تمثل تلك التعويضات 120% من إيرادات الدولة.

عبء الشركات المستردة 
وأضاف أن أغلب الشركات التي استردتها الدولة من المستثمرين،لا نملك الموارد لتشغيلها، ولا لإعطاء مستحقات المستثمر، نظرا لما قام به من توسعات وتجديدات بشركته، وهو الحال مع المستثمر السعودي عبد الإله كعكى الآن، بعدما استردت منه الدولة شركة طنطا للكتان والزيوت.

تعديلات قانون 8 
طالب الدولة بضرورة إعادة النظر في هذه الأحكام التي اتخذت ضد المستثمرين، من خلال الاستفادة من التعديلات التي تمت على قانون 8 الخاص بالاستثمار وعلى رأسها قصر الطعن على طرفي البيع، لتقوم الدولة بإلغاء العقد بموجب الحكم القضائي وإبرام عقد جديد ببنود وشروط جديدة مع نفس المستثمر بما يضمن تحقيق مصالح طرفي العقد.

وأكد الدكتور عبد المطلب عبد الحميد، أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات والعلوم الإدارية أنه من غير المنطقي فسخ عقود مع المستثمرين على خلفيات سياسية، فإلغاء عقود أبرمت مع مستثمرين في عهد مبارك على سبيل المثال ليس سببا كافيا للإلغاء، كما أن عدم قبول الرأي العام لبرنامج الخصخصة لا يمكن أن يكون سندا للقضاء المصري في اتخاذ مثل هذه الأحكام.

خسرنا 90% من القضايا 
وأثنى على قانون قصر الطعن على طرفي العقود المبرمة، كخطوة نحو طمأنة المستثمر الذي يخشي من تدخل أطراف أخرى قد تستهدف مصالح شخصية، بما يضر بمناخ الاستثمار المصري، مؤكدا أن مصر خسرت ما يقرب من 90% من قضايا التحكيم الدولى خلال السنوات الأخيرة، وتكبدت خسائر طائلة تصل لـ 7 مليارات دولار، في وقت نعاني فيه من أزمة اقتصادية طاحنة، وتراجع ملحوظ في النقد الأجنبي، خاصة وأن مصر ملتزمة بقبول بما انتهى إليه التحكيم الدولى، نظرا إلى أنها ضمن الموقعين على الاتفاقيات الدولية.

هروب الاستثمار 
وأضاف عبد الحميد أن التعويضات التي تتكبدها مصر جراء هذه القضايا تتجاوز قيمة الشركات التي استردتها، وهو أمر يرفضه أي عقل اقتصادي، إلى جانب ما تتسبب فيه هذه الأحكام من هروب الاستثمارات الخارجية من مصر،مشيرا إلى ضرورة أن تتجه الدولة للتسويات السلمية قبل تفاقم الأوضاع ولجوء المستثمرين للتحكيم الدولي.

و في سياق متصل قال الدكتور صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن أغلب عمليات البيع التي تمت على خلفية الخصخصة في عهد مبارك،كانت يشوبها فساد إداري ومالي وسيطرت عليها المصالح الشخصية، إذ تم نقل ملكية هذه الشركات بالكامل لمستثمرين عرب وأجانب لا نعلم على أي أساس تمت عملية البيع لهم.

سوء الخصخصة 
وأشار إلى أن مصر خاضت تجربة للخصخصة في منتهي السوء، على الرغم من نجاح دول أخرى على رأسها تونس، مؤكدا أن العيب ليس في الخصخصة وإنما في الأسلوب الذي تمت به، وهو ما يؤكد ضرورة أن تخضع أي عمليات خصخصة في المستقبل وفق المعايير الدولية، إذ أنه لو كانت مصر لجأت لبيت خبرة يتولي عمليات البيع في الماضي لكان اختلف الوضع كثيرا.

وأضاف فهمي أن الخطورة تكمن في عدم قدرة مصر على سداد مبالغ الغرامات جراء تلك الأحكام، وهو ما يعرض الاقتصاد المصري لخطورة حقيقية، وبالتالي على الدولة ممثلة في وزارة الاستثمار سرعة التحرك من أجل إجراء التصالح مع رجال الأعمال تجنبا للدخول في هذه الدائرة، كذلك عليها أن تضع الشروط التي تضمن عدم تكرارها في المستقبل.

خطة محكمة 
ومن ناحيتها طالبت الدكتورة يمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، حكومة "محلب" بضرورة وضع خطة لتجنب قضايا التحكيم الدولي التي ترفع على مصر جراء قضايا الخصخصة والتي تكبد الاقتصاد المصري خسائر طائلة وتضر بمناخ الاقتصاد القومي،مؤكدة على ضرورة إيجاد قوانين للاستثمار متوافقة مع القوانين والاتفاقيات الدولية، وتحقق التوافق بين المصالح.

تفعيل الرقابة 
وأشارت إلى ضرورة تفعيل الرقابة على العقود التي يتم إبرامها بين رجال الأعمال والحكومة المصرية، لمنع توقيع عقود مخالفة للمعايير الدولية، محذرة من الربط بين السياسة والأعمال الأمر الذي يعوق قدرة البلاد على جذب الاستثمارات في وقت نسعي فيه لرفع معدلات النمو الاقتصادي وتشجيع المستثمرين على ضخ رءوس أموالهم في السوق المصري للاستثمار.

وقالت د.يمن الحماقي إن مصر بحاجة إلى التعاقد مع مكاتب محاماة دولية، ومع محامين دوليين قادرين على خوض مثل هذه القضايا حتى لا تزداد الأوضاع سوءا، مؤكدة على ضرورة إيجاد سبل لحل النزاعات داخل البلاد قبل وصولها للتحكيم الدولي.
وأضافت أن زيادة عدد القضايا المرفوعة على مصر بالمحاكم الدولية يدل على تخبط وضعف أداء الحكومات المصرية،الأمر الذي ترتب عليه نزيف من الخسائر المستمر.

يذكر أن المهندس إبراهيم محلب - رئيس مجلس الوزراء – اتخذ قرارا بتشكيل الهيئة العليا لدراسة وتقديم الرأي في قضايا التحكيم الدولي المرفوعة من وعلى مصر برئاسته، وعضوية وزراء العدل، العدالة الانتقالية وشئون مجلس النواب، التعاون الدولي، والاستثمار، ورئيس هيئة قضايا الدولة، ورئيس هيئة مستشاري مجلس الوزراء، ومساعد وزير العدل للتشريع.
الجريدة الرسمية