رئيس التحرير
عصام كامل

المتاجرون بأقوات الغلابة!!


هل يكفي أن يصرح وزير التموين بأن المجمعات الاستهلاكية ومحال البقالة التموينية البالغ عددها 25 ألفًا كافية لطرح السلع بأسعار مخفضة وإحداث التوازن المطلوب في السوق، أم أن الأمر يحتاج لضبط عناصر المنظومة الاقتصادية كافة وأن تتدخل الدولة لفرض الانضباط ليس بتسعيرة استرشادية أو حتى جبرية بل بتحديد سقف محدد لهامش الربح حتى لو اضطرت لاستيراد السلع المطلوبة وبيعها للجمهور في المنافذ التقليدية واستحداث منافذ جديدة في مقار الشركات والمصانع والتجمعات التي تضم أكثر من 50 عاملًا، وإحياء نظام التعاونيات لإجبار القطاع الخاص على عدم المغالاة في الأسعار وهامش الربح.

النظام الرأسمالي الرشيد لا يترك القطاع الخاص يتحكم في السوق بمنطق العرض والطلب بل ثمة هامش ربح منضبط وأسعار محدودة لكل السلع والخدمات تطبق في الدول المتقدمة اقتصاديًا لكن الأمور في مصر لا تزال ضاربة في العشوائية.. وليس الاحتكار إلا شكلًا من أشكال الفساد الاقتصادي الذي آن له أن يتوقف فورًا.

تصريحات الحكومة وحدها لا تكفي ووجود الرقيب بصورته التقليدية ولو كان مكثفًا أيضًا لا يكفي، بل لا بد من استحداث آليات وتشريعات تضمن ضبط السوق من المنبع والتدخل الفوري بأساليب اقتصادية علمية للسيطرة على هذه السوق حتى لا يترك الفقراء والمطحونون فريسة لتحريض هذا ذاك ودفعهم إلى الانفجار.. فالوضع لا يحتمل !

واجب الدولة حماية الفقراء والمعوزين وتحقيق العدالة في توزيع الأعباء في هذه المرحلة الصعبة.. وأن يكلف كل فرد بحسب طاقته وقدرته على التحمل.. فلا يصح أن يطحن الفقراء ويترك الأغنياء.. بل على الحكومة أن تحاكي تجارب الدول الناجحة اقتصاديًا، وأن تجبر الأغنياء على تحمل نصيبهم العادل من المسئولية، وألا تسمع لطنطنة البعض وفزاعته بهروب الاستثمار.. فالكل يعلم أن ما يجده المستثمرون في مصر قد لا يجدونه في دول أخرى.. لكن في المقابل على الدولة تذليل العقبات واستعادة الأمن والتحول لحكومة إلكترونية تنهي مصالح الناس في أقرب وقت وبأقل جهد وتكلفة كما يحدث في دبي مثلًا..!!

التنمية الإدارية وغربلة الدولاب الحكومي البالغ نحو 6 ملايين موظف أولوية قصوى، وتوسيع مظلة الضمان الاجتماعي ليشمل 1.5 مليون أسرة جديدة كما وعدت الحكومة، مطلوب..لكن ذلك لن يتحقق إلا بحلول غير تقليدية تعتمد على كفاءات وخبرات وكوادر مؤهلة وتنظيف الوزارات والمحليات من الكسالى ومعوقي النجاح والفاسدين.

على الحكومة أن تبادر بشفافية كاملة بإعلان مردود قراراتها على المجتمع وخصوصًا الفقراء والمستهدف تحقيقه بالأرقام والمواعيد وأن تتابع الإعلان عن ذلك دوريًا وبصفة منتظمة حتى تزداد ثقة الناس فيها ودعمهم لها.

على الحكومة أن تعيد ضخ عملات صغيرة جرى إلغاؤها في السنوات الأخيرة حتى تحل مشكلة الزيادة في أسعار الموصلات، خصوصًا للوصلات الصغيرة التي تبلغ تعريفتها مثلًا 50 قرشًا وأضيفت لها الزيادة 10 % أي صارت 60 قرشًا حتى لا ترتفع إلى 75 قرشًا بمعدل زيادة 50 %.

ثمة حلول كثيرة.. وعلى الحكومة إعلان خطوات إجرائية وتشريعية مدروسة بدقة وسرعة تقطع الطريق على المحتكرين والمتاجرين بأقوات الغلابة حتى لا تتعب الحكومة نفسها وترهق المواطن بإجراءات لن تجدي نفعًا..
الجريدة الرسمية