رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو والصور.. «محطة مصر» باب الخروج.. مخدرات ودعارة وتسول أشهر الأنشطة.. 8 «ديلر» لتوزيع المخدرات.. «الترامادول» أشهر أنواع الكيف.. 3 شبكات تسول تسيطر على «باب ا

فيتو

صافرات الإنذار تعلن قدوم قطار السابعة مساء.. مذيع داخلى يحذر الحاضرين الاقتراب من رصيف القطار.. يتأهب الجميع لاستقبال القطار.. بائعو القهوة والشاى انتهوا من تسخين المياه.. بائعو الصحف صفوا جرائدهم لعرضها على الزبائن.. أصحاب الكافتيريات نظموا الكراسى.. وما بين هذا العالم يوجد هناك من يستعد للوقوف أمام عربات القطار لعرض بضاعة من نوع آخر تكون عادة خارج إطار القانون.


هؤلاء جميعا يسعون إلى راحة الزبون أو الراكب في انتظار دخول القطار رصيف المحطة، لتبدأ الوفود في النزول وأخرى تبدأ الصعود.

«محمد» شاب في العشرينات من عمره تبدو عليه ملامح الجدية والصرامة؛ جاء إلى القاهرة من أقصى صعيد مصر هربا من الفقر؛ يأمل في أن يجد فرصة عمل في رحاب القاهرة الكبرى.

وهناك على الرصيف المجاور أسرة مكونة من أب وأم وثلاثة أبناء تنتظر قطار الإسكندرية لتقضي أسبوعا في "عروس البحر" من أجل المصيف؛ فالأسرة للتو قد انتهت من مارثون الثانوية العامة وتأمل في أخذ قسط من الراحة على شواطئ البحر المتوسط.


أما محطة مصر ذلك الصرح العملاق الذي يشهد ثانى خط سكة حديد في التاريخ بعد إنجلترا تم إنشاؤه في منتصف القرن التاسع عشر، وتم تشييد مبنى المحطة عند افتتاح أول خط سكة حديد في مصر لنقل الركاب ما بين القاهرة والإسكندرية، ثم جرى توسعة المبنى مرتين، الأولى عام 1892، والثانية عام 1955.

وتعد محطة مصر أحد أهم موارد الدخل القومى في مصر؛ فوفقا لأحد المصادر داخل محطة مصر فإن إيرادها يوميا يبلغ 3 ونصف مليون جنيه؛ بالإضافة إلى توفيرها العديد من فرص العمل فقد وصل عدد العاملين بهيئة السكك الحديدية 86 ألف عامل من جميع التخصصات ينتظمون في عدة إدارات فنية مركزية.

وتضم الهيئة عددا من الورش الإنتاجية الكبيرة للوفاء باحتياجات ومتطلبات التشغيل مثل الصيانة والتجديد للوحدات المتحركة والمبانى والأثاثات وغيرها، ويتبعها سنترال خاص به 7 آلاف خط يربط بين جميع مراكز النشاط مباشرة، وتمتلك أيضا مطبعة تمدها بكل ما تحتاجه من المطبوعات كما تعمل أحيانا تجاريا لحساب الغير.

خدمات بأسعار محدودة
داخل المحطة يوجد العديد من الخدمات التي تقدمها الدولة بأسعار تناسب كل الفئات؛ يقول ذلك "محمد عبده " أحد المشرفين؛ موضحا أن الهيئة توفر لجمهورها خدمة النقل بشقيها: نقل الأشخاص ونقل البضائع، ولتلبية كل الاحتياجات فإن الهيئة تقوم فيما يخص خدمة نقل الركاب بتسيير قطارات سريعة فاخرة بالدرجتين الأولى والثانية مكيفة الهواء على جميع الخطوط، وقطارات توربينية فاخرة "خط القاهرة – الإسكندرية"، وقطارات نوم فاخرة طوال العام للوجه القبلى.

ويضيف: فيما يخص نقل البضائع توفر الهيئة نوعين من الخدمة.. خدمة نقل البضائع بالمستعجل على قطارات الركاب نفسها لبعض أنواع السلع كالعفش والأطمعة؛ وخدمة النقل لغير المستعجل على قطارات نقل البضائع والتي تواصل الهيئة دعمها باستمرار من حيث تزويدها بالجرارات الحديثة ودعم أسطول عرباتها بالأنواع الجديدة ذات الأحمال الكبيرة؛ ومن السلع التي يتم نقلها بالقطارات، منتجات البترول والأسمدة المصنعة والملح والأحجار بأنواعها.

كما تقوم هيئة السكك الحديدية بتشغيل عربات الدرجة الثانية والثالثة لخدمة قطاعات عريضة من المواطنين بأسعار مخفضة؛ وتولى الهيئة تطوير هذه العربات لتحقيق مزيد من الراحة للمسافرين من تطوير دورات المياه بها لتكون من الصلب غير القابل للصدأ والذي يتحمل الخدمة الشاقة، وتعديل النوافذ والمقاعد لمزيد من الراحة.

الأنشطة الثقافية بالمحطة

لم تتوقف محطة مصر فقط عند تقديم خدمات المأكل والمشرب بأسعار مخفضة فقط للقادمين إليها من محافظات مصر أو المغادرين منها؛ وإنما يوجد بها مشاركة ثقافية واضحة المعالم من خلال الأكشاك المكتظة بالكتب التي تملأ رصيف المحطة.

يقول "سيد ربيع" أحد العاملين ببيع الكتب إن الشركة التي تشرف على الدار الثقافى بالمحطة تابعة للهيئة القومية لمحطة مصر والتي تسمى "الشركة القومية لعربة قطار النوم"، موضحا أن هناك إقبالا كثيفا من المسافرين على شراء الكتب والمجلات؛ مشيرا إلى أن الأسعار موحدة فكل كتاب أو مجلة عليه السعر مختوم من الهيئة وبأسعار مخفضة وبتخفيضات دورية منعا للتلاعب بالمواطنين.


الباب الخلفى للمحطة

بجانب الأنشطة الخدمية المسئول عنها محطة سكك حديد مصر وعدد آخر من الهيئات كبيع الكتب والكافتيريات؛ هناك أنشطة أخرى في المحطة مسئول عنها بعض الأشخاص الخارجين عن القانون والمتحكمين في كل شىء رغم تلك المنظومة الأمنية التي تزعم وزارة الداخلية إحكام قبضتها عليها؛ وتمثل تلك الأنشطة الباب الخلفى للمحطة مثل تجارة المخدرات وشبكة تسول عملاقة داخل المحطة بالإضافة إلى عصابات السرقة وصولا إلى الدعارة.

تجارة المخدرات

بيع المخدرات سواء الحشيش أو بيع الأقراص المخدرة من الترامادول وغيره يعد من أشهر السلع التي يتم بيعها داخل محطة مصر؛ وهو ما كشفه لنا أحد باعة المخدرات بعد عناء في إقناعه بالحديث عن تلك التجارة وعدم ذكر اسمه.

«س.ع» هو شاب ثلاثينى يعمل «ديلر» في محطة مصر منذ سبع سنوات تقريبا بعد أن قاده قدره إلى العمل في المهنة ومن ثم أصبح موطنه الأصلي محطة مصر؛ ورغم أننا في شهر رمضان إلا أن التجارة لم تتأثر خاصة أن من يتعاطاها يقوم بتدخينها بعد الإفطار.. أو هو في الأساس مفطر طوال العام.

يحكي الشاب الثلاثيني عن طريقة البيع داخل محطة مصر مؤكدا أنها لا تحتاج إلى جهد كبير كما يتصور البعض وإنما تقوم من خلال انتشار عدد من "الديلر" على الأبواب وعرض البضائع على الزبائن بطريقة الرموز مثل "حد عاوز يعمل دماغ" و"ظبط دماغك يا بيه"؛ لافتا إلى أنهم لا يعرضون بضاعتهم إلا على الشباب الذين يتوسمون فيهم أنهم من متعاطى المخدرات؛ أما النساء والكبار فلا يتم العرض عليهم.


ويضيف: لا توجد مخاطر أمنية في محطة مصر على باعة الكيف؛ خاصة أننا نردد هذه المصطلحات ومعنا آلاف الأصوات من الباعة فكل منهم يعرض ما يبيعه سواء أكل أو صحف ونكون داخل السيارات؛ أما بالنسبة لقوات الشرطة فهى في وادٍ آخر فهى مهتمة أكثر بالتمشيط بحثا عن المتفجرات وقبل ذلك كانت مهمتها البحث عن "النشالين" أما تجارة المخدرات فهم يعلمون أن الزبون هو اللى عاوز ومش هيجى يشتكى؛ بالإضافة إلى أن بعضا من أمناء الشرطة يعرفوننا جيدا.

يؤكد «س. ع» أن تجارة الكيف في المحطة يسيطر عليها أحد التجار يسكن في منطقة السبتية القريبة من المحطة؛ وعادة لا يدخل للمحطة؛ موضحا أن عدد "الديلر" في المحطة الذين يروجون للمخدرات 8 أفراد فقط.

وعن أشهر الأنواع المتداولة يقول: الترامادول لأن عددا كبيرا من القادمين يعملون بأشغال شاقة قد تصل لـ 18 ساعة وبالتالى فهم يحتاجونها بل إن هناك بعضا من سائقى القطارات يقومون بشراء تلك الأنواع لمواصلة القيادة لمدة أكثر من 18 ساعة.


ويوضح الشباب الثلاثيني أن تجارتهم تقوم على المخاطرة فهناك بعض الزبائن يقومون بإبلاغ الشرطة؛ ووقتها إما الهرب بين القطارات وهى طريقة نتقنها جيدا أو الحبس؛ لافتا إلى أن آخر رفيق له تم القبض عليه حينما عرض المخدرات وكان بالصدفة من عرض عليه ضابط بالقوات المسلحة أمسكه وسلمه للشرطة.

ويختتم ديلر محطة مصر كلامه قائلا: المكسب داخل المحطة ليس كبيرا فكل منا له يومية يتقاضاها وأما فيما يتعلق بالبضاعة وإيراداتها فتذهب إلى المعلم الكبير".

«الدعارة».. حد عاوز مصلحة!

«حد عاوز مصلحة».. المصطلح الذي يقدم للقادمين من القطارات في محطة مصر؛ ورغم أن الطلب عليها ليس كبيرا لكنها موجودة من خلال بعض القوادين المسئولين داخل المحطة.


ويقول أحد المسئولين عن المهنة: إننا نتعامل مع كافة أنواع البشر من طالب للمخدرات وطالب للكتب وطالب للأكل وطالب للدعارة بدلا من البحث عنها في شوارع القاهرة؛ موضحا أن اختيار الشخص الذي تعرض عليه البضاعة يكون من خلال كلمة واحدة هي "حد عاوز مصلحة" وحينما يأتى الشخص ليستفسر نعلم وقتها أنه طالب إما مخدرات أو دعارة لأن المسافرين عادة يكون هناك من ينتظرهم خارج المحطة والبعض الآخر يكون يعلم أين يذهب "ومش غاوى وجع دماغ"؛ أما من يسأل فنحن نطلق عليه "زبون فاضى" وبالتالى نبدأ في العرض من خلال كلمات "يا باشا أي مصلحة شقة للسكن وبالمزة بتاعتها كمان"!


يقول: الخطورة الأمنية هنا كبيرة نسبيا عكس المخدرات فهناك تتبع مستمر وإن كان في نهاية الأمر لا يستطيع الأمن الإمساك بنا متلبسين لأن الزبون يحرج أن يقول طلبه وينتهى الأمر لو جاء ضابط أن يقول الزبون كنت أسأله عن عنوان بعينه خاصة أننا لا نحمل في جيوبنا شيئا مخالفا بل نذهب بالزبون خارج المحطة وهناك شقق قريبة في وسط البلد وعابدين.

ويؤكد أنه بهذه المهنة لا يوجد شخص بعينه يسيطر عليها داخل محطة مصر؛ ولكن هناك شقق مشهورة يتم العمل معها مقابل عمولة على كل زبون؛ وأما الزبائن الأشهر فيكونون من ركاب الدرجة الأولى والثانية وهو ما نكثف عليه نشاطنا في العمل.

«التسول» أسلوب حياة

في محطة مصر أينما تطأ قدماك داخل القطارات ستجد إما "شحات" أو بائعا متجولا يبيع كافة المنتجات من أكل وشرب بعيدا عن أعين الأمن وهو ما يتسبب في ضيق كبير للمسافرين خاصة ركاب الدرجة الأولى الذين يعتبرونهم الصيد الثمين.. مرورا بالدرجة الثانية والثالثة العادية.


ثلاث شبكات تسول داخل محطة مصر يقودها رجلان وامرأة ويوجد تنسيق بينهم حيث يتم توزيع "الشحاتين" على القطارات حسب درجة كل قطار فهناك متسولون مخصصون للدرجة الأولى والدرجة الثانية والثالثة.. حيث يتم توزيع أكثر من 150 متسولا من خلال تلك الشبكات على القطارات وكل منهم يتقاضى ما بين 100 – 150 جنيها يوميا.

البحث عن المتفجرات

على الجانب الآخر قالت مصادر أمنية بالهيئة القومية لمحطة مصر إن الهيئة تعاونت مع الجهات الأمنية بوزارة الداخلية في تأمين المحطة حفاظا على أرواح المواطنين وحمايتهم من الضربات الإرهابية.

وأشار المصدر إلى أنه تم استخدام أجهزة إلكترونية حديثة وبوابات إلكترونية عبر المداخل الرئيسية للمحطة وكلاب بوليسية تمشط المحطة بأكملها تحسبا لوجود أي مواد مفجرة بعد سلسلة الاعتداءات الإرهابية التي وقعت في الأيام القليلة الماضية.

* نقلا عن العدد الورقي
الجريدة الرسمية