رئيس التحرير
عصام كامل

ساخرون: رئيس "النصر الصوفي": أنشأت الحزب «بفلوسي» ولا أعلم عن أعضائه شيئًا

فيتو

ولأننا هنا في درب الفشارين خضنا العديد من المعارك السياسية خلال السنوات السابقة فقد أصبحت لدينا ملفات لكثير من الشخصيات العامة التي أصبحت أكثر من الهم على القلب.
كنا قبل ثورة يناير نعلم من هم الشخصيات السياسية ورؤساء الأحزاب وغيرهم ولا نجد عناءً في تذكر أسمائهم، وعلى رأي المثل “عد غنماتك ياجحا”.. الله يرحمك ياعم جحا ويرحم غنماتك ويرحم أيام لجنة سياساتك.
أما عقب ثورة يناير ومن بعدها ثورة يونيو أصبح كل من هب ودب شخصية عامة وكادرًا سياسيًا تفاجأ به دون سابق إنذار يفتى في شئون العامة، فالفضائيات باتت أكثر من الهم على القلب.
واليوم وقد باتت مصر في أيدى أبنائها الحقيقيين وعادت لها هيبتها وقوتها أصبح على الرئيس المنتخب أن يعيد تشكيل الخريطة السياسية.
وأنا بالنيابة عن زملائى في درب الفشارين وبالأصالة عن نفسى سوف أتوجه الأسبوع المقبل إلى قصر الرئاسة وأطلب ذلك من الرئيس عبدالفتاح السيسي باعتبارى من قيادات مصر المعدودين على الأصابع وليس باعتبارى صديقًا شخصيًا للرجل.. فجميعكم تعلمون أننا أصدقاء كل الحكام في الدول العربية والدول اللاعربية.
وبمناسبة الحديث عن الشخصيات العامة ورؤساء الأحزاب التي تكونت في زمن الهجص والمسخرة واللا انضباط وأصبحنا نفاجأ بأسمائها وأسماء أصحابها ولأننا في شهر رمضان والصيام يحب التسلية، فإليكم هذه القصة التي حضرتنى عن أحدهم فدعونى أقصها عليكم قبل أن أدخل في الموضوع ولعلها تكون هي الموضوع. 
ففى يوم من الأيام كان هناك رجل أعمال يدعى “محمد صلاح زايد” نشأ فقيرًا وسط عائلة فقيرة في قرية أكثر فقرًا.. لكن “صلاح” هذا أتيحت له فرصة السفر لدولة الكويت.. وهناك اجتهد في عمله حتى صار مسئولا عن مزارع للألبان تخص إحدى الشركات الكبرى وفى هذا يمتدح “زايد” باعتباره شق طريقه من اللاشيء حتى صار يملك كل الأشياء التي من أهمها “الفلوس”.
ولأن صلاح أراد أن يعود لقريته الفقيرة كبيرا يشار إليه بالبنان أخذ يقدم لأهله العديد من الخدمات التي من أهمها أنه كان يساعدهم على السفر للكويت ويقيم لهم الحفلات الصوفية التي تذبح فيها العجول والخراف.
وفى يوم من الأيام استيقظ أهل القرية على صلاح هذا وهو ينادى فيهم أنه يريد أن يخوض انتخابات مجلس الشعب وكان هذا في عام 2005.
التف أهل القرية الفقيرة حول فتاهم وناصروه بكل قوة على خوض المعركة دون أن يطلبوا منه ناقة ولا جملًا.
ولأن “زايد” طموح.. أخذ يكثر من وعوده لأهل قريته بل القرى المجاورة وأهل الدائرة جميعًا.. ولم تكن وعوده عبارة عن خدمات سوف يقدمها من خلال دوره كعضو في البرلمان ولكن من خلال كونه رجل أعمال يلعب بالفلوس.
فوعد هذا بمبلغ ووعد الآخر بمثله والثالث بضعفه وقال لهذا سأشاركك في مشروع وقال لآخر سوف تسافر للكويت وبالفعل طلب من شباب الدائرة إعداد جوازات سفر وتقديمها لمكتبه.
اكتظ مكتب الجوازات بالشباب الراغب في الرحيل للكويت مجانًا ضامنًا العمل في الشركات الكبرى هناك وتجمع لدى زايد أكثر من ألفى جواز لم يسافر منهم أحد بحجة أن الشركة "تفرز" الجوازات وستتأخر لمدة شهرين، وقف الجميع خلف زايد خلال الشهرين وهى فترة الإعداد للانتخابات.
في الطريق كانت لصلاح هفوات تنم عما بداخله مع بعض المقربين الذين لم يستفيدوا منه بشيء طوال فترة الإعداد للانتخابات اللهم إلا الوعود ليس أكثر، لدرجة أن بعضهم كان ينفق من ماله وقوت أبنائه ليدعوا للمرشح الخارق صلاح زايد على أمل السداد فيما بعد الأمر الذي لم يحدث إلا بالإلحاح وطرق الأبواب.
كل هؤلاء فطنوا لخدعة صلاح ونيته في الحصول على المقعد فقط لتحقيق واجهة اجتماعية تكمل ديكور رجل الأعمال، لم يوفق صلاح زايد في انتخابات البرلمان هذه رغم أنه كان قاب قوسين أو أدنى من دخول مرحلة الإعادة وكان هذا في دورة 2005، ولأنه يتمتع بشيء من الدهاء اجتمع بأهل القرية الفقراء وخطب فيهم أن اعتبرونى نائبكم واطلبوا منى حوائجكم فأنا كفيل بها وكل من وعدته بشيء سوف أحققه له حتى من قدموا جوازات سفرهم سيسافرون.
كنت أنا أشهد كل هذه المهازل وأضرب كفًا بكف حتى أننى نصحته بعدم الإسهاب في الوعود فقال لى “ماتاخدش في بالك ياعم “سحلول” أنا فاهم بعمل إيه” ولأننى مش فاهم كنت أسكت وأراقب لعلى على خطأ.
كان زايد صاحب واجب وكان يقيم ليالى المولد النبوى الشريف “اثنى عشر ليلة” كاملة كل عام يدعو فيها كل الكل من أبناء الدائرة يأكلون فقط لكن لا ينتظرون تنفيذ مطالبهم أبدًا.
مرت أربعة أعوام ولم يشهد أحد من أبناء الدائرة تنفيذ أي وعد لأى منهم حتى تم الإعلان عن بدء التقدم للترشح لانتخابات برلمان 2010 برلمان “الفلول” الشهير.
نادي زايد مرة أخرى في أهله أن أعينونى على خوض الانتخابات إلا أنه لاحظ أن الحمية لديهم ليست كما سبق بل ظهرت له عداوات وعرف أن من أهله من يدعم منافسيه عيانًا بيانًا دون أن يعمل له أي حساب.
ولم يكن يتوقع صلاح أن شقيقه من الممكن أن يدعم ألد أعدائه ويتركه لوعوده التي لم تتحقق وهنا كانت القاصمة.. شعر صلاح بضعف موقفه فأخذ يلف ويدور حول الحزب الوطنى ولأن هناك من بيده أن يأتى صلاح في الحزب لكن بشرط أن يرمى ببياضه فقد طلب من زايد مليون جنيه لا تنقص مليمًا.
لم يرفض صلاح لكنه وعده بمليون ونصف المليون بشرط أن يأتى اسمه ضمن مرشحى الحزب أولا ثم بعد ذلك يتم دفع المبلغ ولأن “مبروم على مبروم مايرولش” لم يعتن به الوسيط واستدار لغيره كان أكثر جدية ولم يدفع زايد أي مبالغ، اللهم إلا أنه أضاع وقته ووقت من حوله وفى النهاية دخل الانتخابات مستقلا، لكنه هذه المرة لم يستطع أن يتقن الحديث بلغة المستقلين؛ لأن معظم أبناء الدائرة كانوا على علم بسعيه للحزب الوطنى.. وأيضًا أخفق صلاح في الوصول لمجلس الشعب وعاد إلى الكويت ينعى حظه السيئ.
لم تمر شهور حتى تم حل مجلس الشورى في 2010 أيضًا فأعلن زايد خوضه انتخابات الشورى ولم يكن له أي بريق هذه المرة ولم يحصل على أي أصوات اللهم إلا أصوات من لم يعرفه بعد ليعود إلى الكويت مهزومًا مخذولًا من ألد أعدائه الذي ترشح لنفس الانتخابات ونجح فيها مكتسحًا بعد أن فضح أمر الليالى الصوفية التي يقيمها زايد لأبناء الدائرة ووصفها بأنها تمول من "شيعة" الكويت بعد أن يقوم زايد بتصويرها، الأمر الذي أنكره زايد وللحقيقة أنا صدقته على المستوى الشخصى؛ لأن زايد رغم وعوده التي لا تتحقق إلا أنه كان رجلا كريما “سخيًا”.
قامت ثورة يناير وفوجئنا بصلاح هذا يقول لنا إنه يقيم خيمة في ميدان التحرير.. لكننا ولأننا في شهر رمضان ويجب أن نتحرى الصدق لم نره فيها قط.
وبدأ زايد يتحدث بلسان ثوار يناير حتى جاءت انتخابات برلمان الثورة برلمان 2011 فراح صلاح يخاطب أهله بلغة الثوار فلم يصدقوه أيضًا وراحوا ينفضون من حوله.
فقال لى ساعتها: كن معى ياعم "سحلول" ولك منى ما تريد بعد أن أصل للبرلمان.. لكنني قلت له: أشوف فلوسك الأول وبعدها نتكلم.. ومن ساعتها لم أر فلوس زايد ولم نتكلم.
ولأن انتخابات 2011 كانت تعتمد على القوائم ولأن صلاح زايد رجل صوفى أو هكذا هو كان يبدو للناس راحت الأحزاب الكبرى تطلب منه خوض الانتخابات على رأس قوائمها بشرط أن يدعم القائمة إعلانيا لكنه رفض واستخسر فيهم هذا فخسر هو ووصلوا هم للبرلمان وكانوا من حزب الحرية والعدالة.
لم يوفق زايد كعادته في انتخابات 2011 فعاد إلى الكويت للمرة الرابعة إلا أننا فوجئنا به في القاهرة يعقد مؤتمرًا صحفيًا لحزب النصر الصوفى يؤكد فيه أن حزبه هو أكبر حزب صوفى في مصر والوطن العربى وأن مقاره تنتشر في جميع محافظات ومراكز مصر بل سيكون الحزب الوحيد الذي يملك المقار في القرى والنجوع بعد الحزب الوطنى المنحل.
كنت أنا ساعتها موجودًا بالصدفة في قاعة المؤتمرات ورأيت خطاب زايد -الزايد على الحد- فسألته مستفسرًا متى فعلت كل هذا فقال لى "الفلوس” تعمل ألف حزب ياعم سحلول !
فقلت له: وأين أعضاء الحزب ؟!
قال: والله ياعم سحلول أنا لا أعرف عنهم شيئًا.. قلتلك بفلوسي!
كان بجوار زايد يجلس شاب وقف من جلسته عندما رآني وأتى ليسلم عليَّ ويبدى إعجابه بكتاباتي وبدرب الفشارين فانزويت به جانبًا لأستفسر منه عن الحزب الصوفى الجديد فقال لى: انت عارف ياعم سحلول أن التوكيلات بتتباع وكل من يعرفهم صلاح زايد في حزبه هم عشرة أفراد من عشرة محافظات حصلوا على “اللى فيه النصيب وأتوا لنا بالخمسة آلاف توكيل المطلوبة لإنشاء الحزب.
تركت أنا المهزلة ورحلت من القاعة وأنهى زايد مؤتمره ورحل إلى الكويت دون أن ينفذ وعوده للصحفيين الذين حضروا المؤتمر ونشروا تفاصيله في صحفهم على أمل أن يغدق عليهم رجل الأعمال الذي راح دون سابق إنذار.
ومؤخرًا جاءتنى مكالمة تليفونية من زايد يقول لى خلالها: إيه رأيك ياعم سحلول أنا عايز انزل انتخابات مجلس الشعب الجاية ؟!
فقلت له: مع نفسك وممكن أعضاء حزبك ينجحوك باعتباره أكبر حزب صوفى في الوطن العربى.. هذا بالإضافة إلى أنك من الممكن أن تخوض الانتخابات على رأس قائمة باعتبارك رئيس حزب ياعمنا !
قال: هو انت بتاكل من الكلام ده برضه ياعم سحلول ؟
قلت: طب هات من الآخر !
قال: تقف معى وعندما أصل للبرلمان سوف تكون لك هدية لا تحلم بها!
قلت: طب سلملى على حزب النصر وعلى البرلمان ومع نفسك ياصاحبي!
الجريدة الرسمية