رئيس التحرير
عصام كامل

هل نراجع أنفسنا..؟!


مقاصد الأديان ورسالات السماء واضحة، الحفاظ على النسل والعقل والبدن والدين والمال، إشاعة التكافل الاجتماعي والتراحم بين الناس، تربية النفوس على الصبر والإحساس بمعاناة الفقراء، فما أراد الله تجويعنا بالصيام ولكن أرادنا أن نتوقف لندرك قيمة الماء الذي نهدره ونلوثه، وندرك قيمة الطعام الذي نرمي ما زاد عن احتياجنا منه في سلال القمامة وإغفال حق الفقراء فيما استخلفنا الله فيه من مال، وشتان بين ما أراده الله من الصيام وما فعلناه بأنفسنا في هذا الشهر الفضيل، أراد الله لنا المغفرة وأثقلنا أنفسنا بالذنوب.

أراد الله لنا الرحمة والتوقف عن إيذاء النفس والآخرين، ونقع نحن دون أن ندري في أتون الغيبة والنميمة، أراد الله لنا أن نصل الأرحام وأن نغيث المنكوبين والملهوفين، وأبينا نحن إلا أن ننشغل بملذاتنا وتجاهل ما يدور حولنا، فهل نراجع أنفسنا لنعيد رمضان شهرا للانتصار على النفس، شهرا للجهاد والعمل والنصر والصبر والرحمة والاعتدال والتكافل وإعلاء راية الأوطان، فهل نعود بالشهر الفضيل إلى نقائه وصفائه وجلاله الروحي؟!

وهو ما يضعنا دائما في مواجهة أسئلة عديدة: كيف يصنف المصريون بأنهم أكثر شعوب الأرض تدينا ثم يكونون في الوقت ذاته أكثرهم استهلاكًا ونهمًا، لماذا نصر على أداء العبادات شكلا ثم نهدر روحها وجوهرها في تعاملاتنا وتصرفاتنا، كيف نصوم عن الحلال في نهار رمضان، ثم نقع في شرك المسلسلات والأفلام وبرامج المقالب التي تخاطب –بعضها أو أغلبها– الغرائز وتحض على الرذيلة بما تحتويه من قبح وقلة أدب وعنف، وتدفع لمزيد من الاستهلاك والجمود العقلي والكسل!!

ومن المؤسف أن تتصدر الفضائيات وحتى القنوات الأرضية المشهد لتطارد المُشاهد لتلهيه وتضيع وقته أمام برامج ومسلسلات بلغت تكلفتها مليار جنيه!!

ولو أن تلك البرامج والمسلسلات أو حتى الإعلانات تغوص في قضايانا بموضوعية وتجرد، وتعرض حلولًا واقعية لمشاكلنا وتأخذ بأيدي المشاهدين نحو الاستنارة واستلهام التجارب الناجحة من حولنا، ما كانت هناك مشكلة من الأساس، لكنها في الغالب تشيع الإحباط واليأس وتنمي قيم الاستهلاك والإثراء السريع دون تعب وتحض على العنف والتواكل، أفلا يستلزم ذلك وقفة مراجعة وتدبر؟!
الجريدة الرسمية