رئيس التحرير
عصام كامل

زمن الانحدار


برامج الاستخفاف الثقيل في رمضان قد زادت عن حدها كثيرًا وفاقت كمية الاستخفاف ما تتقه الأنفس فمن المثير للاشمئزاز هذا الكم الضخم من الأموال التي تصرف لإنتاج مثل هذه البرامج والأجور المبالغ فيها بالملايين وكله لإضحاك الجمهور على فنان أو نجم الذي يتقاضى أيضا أجرا ضخما.

والمثير للقىء أن يظهر هذا الفنان أمام الكاميرات ليحث الناس على التبرع لمرضى السرطان وغير ذلك..فما يصعب على الفهم هذا الكم الهائل من هذه النوعية من البرامج وكأن الكل يتسابق من أجل إنتاج هذه النوعية المقززة من البرامج والتي لا فائدة منها غير أنها تعلم الناس الجلد السميك وعدم الإحساس بمشاعر الناس وعدم الإكتراث بأى ذوق أو ردود أفعال الضيوف.

كل ما أخشاه من سياسة الاستخفاف هذه هو أن يصبح الضيف يومًا من رموز السياسة أو الدين لتنهار القيم والاحترام في المجتمع المصرى. فتكرار النكتة يفقدها تأثيرها عند المتلقى وإن اختلفت طريقة الإلقاء فبرنامج رامز جلال وأخيرا النسخة المشوه منه برنامج فؤش في المعسكر فكلها برامج لإرهاب الضيف بطريقة فجة كأننى أشعل النار في مكان تتواجد فيه وعند تدنو ألسنة اللهب من جسدك أتدخل وأنا مبتسم وضاحك وأقول لك كنا بنهزر معاك يالها من سخافة بلهاء.

والله قد فقدنا نفحات رمضان الطاهرة بتلك البرامج السخيفة ويومًا بعد يوم أصبح الشهر شهر لهو وليس عبادة فكنا يوما ونحن في طفولتنا نهجو من يقومون بعمل فوازير رمضان لأن نسبة مشاهدتها كانت كبيرة جدا فاختفت الفوازير وحل محلها كل ما ليس له علاقة بالشهر الكريم وأيضًا نسميها مسلسلات وبرامج رمضان وأنا لا أدرى ما علاقة رمضان بها فما هى إلا سبوبة للممثلين والمنتجين فقط لاغير.

ثم عندما تذهب لتصلى التراويح تجد كل المساجد تستعمل مكبرات الصوت في وقت واحد لدرجة أن المصلين أنفسهم لا يستطيعون متابعة الإمام فلماذا لا يكون هناك مكبر صوت داخلى والمكبر الخارجى يكون للأذان فقط فأتذكر يوم كنا في طفولتنا كان هناك شيخ يجلس بجوار الإمام في صلاة الجمعة لإعادة التكبيرات لتسمعها الصفوف الخلفية والمصلون خارج المسجد وكان هناك نوع من الخشوع والتقوى والتي افتقدناها كثيرًا هذه الأيام وأصبحت ما هى إلا طقوس يؤديها المصلون فقط.

أصبحنا نعيش زمن الانحدار في كل شىء في حياتنا انحدار في الأخلاق وانحدار في المفاهيم الإنسانية وأصبح الجهلاء يتصدرون المشاهد في كل شىء حتى صدقوا أنفسهم بأنهم رواد هذا الزمان.

أين المُثل والقيم العليا؟ وقد أصبح للهوامش قيمة في هذا الزمان ولم يعد للأطفال مثلا أعلى يحتزون به غير المهمشين علميًا وأخلاقيًا بعد أن أصبح لهم قيمة في عالم اللا قيمة.
لك الله يا مصر حماك الله ورعاكى. 
الجريدة الرسمية