رئيس التحرير
عصام كامل

الموت أو العجز في مستشفيات الحكومة.. مأساة «أم حنان» في مستشفى الساحل.. أصيبت بكسر في الفخذ وإهمال الأطباء سبب لها قرحة الفراش.. وتنتظر إجراء عملية تجميل على نفقة الدولة

 مستشفى الساحل- صورة
مستشفى الساحل- صورة أرشيفية

من يتجول في المستشفيات الحكومية، يمكنه بسهولة أن يكتشف مدى الإهمال وسوء الرعاية والمعاملة التي يلقاها المرضى من الأطباء والمسئولين.. وبين طرقاتها يجد المرضى بعضهم نائما على الأرض يعانى آلام المرض دون أن يكلف طبيب أو حتى ممرض نفسه عناء السؤال عنه.. وفى العنابر عشرات بل مئات المرضى يرقدون على أسرة المرض في انتظار قرارات العلاج على نفقة الدولة التي لا تأتى أبدا، إلا بعد تدهور حالة المريض.. محقق "فيتو" في السطور التالية يرصد حالتين للإهمال الطبى من داخل مستشفى الساحل، ويضعهما أمام المسئولين عن قطاع الصحة في مصر، ليتخذوا الإجراءات الكفيلة بعدم تكرارهما مع مرضى آخرين.


الحالة الأولى لسيدة تدعى "أم حنان".. مأساتها بدأت عندما أصيبت بكسر في الفخذ ودخلت مستشفى الساحل لتلقى العلاج.. وقع الأطباء الكشف عليها وأكدوا أنها تحتاج لجراحة دقيقة لتركيب شرائح ومسامير، وتصل تكلفة هذه العملية إلى 20 ألف جنيه.. ولأن السيدة لا تملك هذا المبلغ، فقد أكد لها مسئولو المستشفى أنهم سيعدون تقريرا بحالتها، تمهيدا لاستخراج قرار علاج على نفقة الدولة، وشددوا على أن هذا التقرير سهل ولن يستغرق فترة طويلة، 15 يوما على أقصى تقدير.. تم حجزها في المستشفى انتظارا لوصول التقرير، وأثناء انتظارها كانت تعانى آلاما مبرحة حرمتها النوم لأيام طويلة.. وبعد مرور الـ "15" يوما، سألت ابنتها الأطباء عن قرار علاج والدتها، فكانت الإجابة أن القرار لم يستخرج بعد.

مرت الأيام والأسابيع والمريضة ترقد على سريرها بلا حراك تعانى آلامها المبرحة.. وبين الحين والآخر كان الأطباء ينقلونها إلى غرفة العمليات، ثم يخرجونها منها سريعا لعدم وجود قرار العلاج.. مرت عدة شهور وحالة "أم حنان" تزداد سوءا، وبدلا من أن تخرج من المستشفى وقد مَنّ الله عليها بالشفاء من الكسر، أصيبت بعدة أمراض أخرى أخطرها قرح الفراش، وهذه تسببت في تشويه جسدها تماما وأصبحت غير قادرة على النوم.

"أم حنان" تحدثت مع المحقق بصوت واهن قائلة: "ليتنى مت بدلا من العذاب الذي أعيش فيه.. سقطت على الأرض وأصبت بكسر في مفصل الفخذ، وحضرت إلى مستشفى الساحل للعلاج منذ شهور طويلة، وقالوا لى إنك تحتاجين شرائح ومسامير، وطالبونى بدفع 20 ألف جنيه، ولأننى لا أملك المبلغ، فقد أبلغونى بأنهم سيستخرجون لى قرار علاج على نفقة الدولة خلال 15 يوما، غير أن هذه المدة طالت إلى شهور". 

صمتت المريضة قليلا واستطردت: "أصبت بقرحة الفراش، ولم أعد قادرة على النوم.. نقلونى إلى عنبر آخر قالوا إنه عنبر التجميل، وستجرى لى عدة جراحات تجميلية قبل عملية "المفصل".. وبالفعل أجريت لى عملية التجميل، غير أننى ما زلت في انتظار "قرار العلاج على نفقة الدولة" لإجراء عملية مفصل الفخذ، وما أخشاه هو أن يطول انتظارى هنا وتتجدد قرحة الفراش مرة أخرى، أو تتطور إصابتى وتتحول إلى غرغرينة يصعب علاجها".

حالة "أم حنان" لم تكن هي الحالة الوحيدة التي تعرضت للإهمال في مستشفى الساحل، فقد سبقتها حالات أخرى أبرزها حالة شاب يدعى "محمد أحمد"، سقط من مكان مرتفع وأصيب بكسر مضاعف في الساق، وفى المستشفى أخبره الأطباء بأن حالته تتطلب شرائح ومسامير وجراحة تتكلف 15 ألف جنيه كحد أدنى.. وأخبروه بأنهم سيستخرجون له قرار علاج على نفقة الدولة.. وظل الشاب أياما ملقى على فراش ينتظر وصول القرار.. 

وهنا تدخل شقيقه وأنهى إجراءات القرار بنفسه، وأجريت الجراحة بالفعل في المستشفى، وبعد فترة حدث تورم في القدم وتجمع دموى يشبه الغرغرينة.. توجه إلى طبيب في عيادته الخاصة، وبعد أن وقع الكشف الطبى عليه، أخبره بأن الطبيب الذي أجرى العملية، ارتكب خطأ فادحا تسبب في حدوث نزيف داخلى من أحد الشرايين ولو استمر لتسبب في بتر ساقه.. تم علاج "محمد" ولكنه بعد أن تم شفاؤه أصيب بنسبة عجز تمنعه من العمل، وستلازمه طوال العمر.
الجريدة الرسمية