رئيس التحرير
عصام كامل

اللاير ميروحش الفاير


تلاحق الأحداث فى مصر يحير من يرغب فى الكتابة، ماذا يأخذ أو يترك؟!.. لكننى توقفت فى اللحظة الأخيرة عند عبارة أوردتها الصحافة العربية نقلا عن عمر نجل الرئيس، الذى شغل الناس والإعلام بأمر وظيفته فى الشركة القابضة للمطارات، يقول عمر: "مرتب الوظيفة ليس بالآلاف، لكنه 900 جنيه، ومع هذا اخترت ألا أكمل أوراقى، 900 جنيه أساسى المرتب، يا ناس يا حلوة يللى بتكذبوا وبتقولوا 38 ألف جنيه، ولا دلوقتى اللاير مبيروحش الفاير"، ويقصد أن الكذاب لا يذهب النار!!...


حقيقة كلام نجل الرئيس عين الصواب، فالناس على دين ملوكهم، وأكاذيب الحكم أصابت الشعب بخيبة أمل و"قرف"، فلم يجد ضيرا من المبالغة فى حقيقة راتب الوظيفة التى هبطت على عمر وهناك آلاف المصريين أكفأ وأحق منه بشغلها.

عندما يتهم عمر الشعب بالكذب، كان حرى به استعادة كم تزييف الحقائق، ونقض العهود منذ أصبح والده رئيسا لمصر، وحتى لا يتحمل عناء البحث، نتولى عنه المهمة، فالتكرار يعلم "الشطار".

احتدم الصراع بين الرئاسة والقوات المسلحة حتى خرج إلى العلن، فى ظل سعى الأولى لاخضاع الجيش ضمن مخطط "أخونة" الدولة، وقد أطلقت الجماعة المحظورة شائعة إقالة الفريق أول عبدالفتاح السيسى، ثم اضطرت إلى النفى والتراجع كعادتها حين وصلها رد الفعل القاسى، وأن سيناريو المشير طنطاوى والفريق عنان لن يتكرر.

كما لم تتحمل الرئاسة كلمة حق قالها خالد علم الدين القيادى بحزب النور حول التخبط والفشل فى إدارة البلد، فعاجلته بالإقالة من الهيئة الاستشارية للرئيس، بتهمة استغلال منصبه فى منافع شخصية، ومع تصريحات الحزب العنيفة ودموع علم الدين المصدوم من طعنة الغدر، ردت الرئاسة بأن الحزب فى القلب، وماحدث يتعلق بشخص مستشار الرئيس فقط. وهكذا خسرت الرئاسة أهم الحلفاء نتيجة الصلف وسياسة الإقصاء.

وعلى الصعيد الشعبى طالب المواطن بالعدالة الاجتماعية، وحد أدنى وأقصى للدخل، لكنه فى عهد أول رئيس منتخب بات يطالب بحد أدنى من الكرامة وحد أقصى من العنف وسفك الدم، فممارسات الإخوان أدمت قلوب نساء ترملت، وروعت صبايا تعرضن للتحرش والاغتصاب الجماعي. سياسة الرئيس والجماعة استباحت دم نشطاء وشباب وأطفال، سحلت الرجال وجردتهم من ملابسهم لأنهم أرادوا العيش بكرامة، كما رفع الرئيس عصا التأديب الجماعى فى وجه مدن القناة الثلاث بإعلان حالة الطوارئ فرد البواسل بمظاهرات تحد، لأن "ساعة الحظر متتعوضشى" وزادوا بالعصيان المدنى الذى ينتظر اتساع رقعته ليشمل محافظات أخرى.

والمضحك المبكى أن الرئيس المنتخب جاء من رحم حزب "الحرية والعدالة"، لكنه بدأ عهده بالتعدى على رموز الحرية والعدالة "الإعلام والقضاء"، فالاتهامات ضد "الميديا" فى أسابيع حكمه أضعاف ماشهده عهد الرئيس السابق فى 30 سنة، ولا يغيب عن الأذهان مشهد حصار مدينة الإنتاج الإعلامى والاعتداء على الإعلاميين والفنانين وإرهاب الضيوف، أما العدالة ممثلة فى المحكمة الدستورية فشهدت أياما سوداء حين منعها "شبيحة النظام" من العمل وعقد الجلسات، ولم يحرك النظام ساكنا حتى أقر بالتزوير دستور يكرس حكم الجماعة.

الحاكم الذى تعهد بالنهضة وتوظيف موارد البلد بشكل مثالي، إذا به يغرقها فى الديون والقروض ويستنزف الموارد، فتهرب الاستثمارات وتعم الفوضى وينهار الاقتصاد. ومع ذلك يتحدث عن معدلات تنمية وأرقام فلكية كأنه فى اليابان.

الرئيس الذى أقسم اليمين الدستورية 4 مرات حنث بالقسم حين تعدى على القانون وأوقف سلطة القضاء بموجب إعلان دستورى ديكتاتورى، ثم وجد الحل بصيام 3 أيام كفارة، مع أن اعترافه بصيام الكفارة أفقده الشرعية، باعتبار أن كل ما يصدر عنه مبنيا على الكذب، ومع استمراء الكذب وصيام الكفارة فإن "اللاير ميروحش الفاير".
الجريدة الرسمية