رئيس التحرير
عصام كامل

ذكرى أحداث دار الحرس الجمهوري.. بدأت باعتصام «رابعة».. البلتاجي حرض المتظاهرين على مهاجمة الدار.. المسلحون أطلقوا النار من أعلى الأسطح المحيطة بالمبنى.. واستدعوا وسائل الإعلام قبل الاشتباكات

 أحداث الحرس الجمهوري
أحداث الحرس الجمهوري - صورة أرشيفية


بدأت أحداث "الحرس الجمهوري"، في 29 يونيو 2013، بعد بدء اعتصام ميدان رابعة العدوية بمدينة نصر، وحاولت مجموعة إرهابية مسلحة اقتحام دار الحرس الجمهوري بشارع صلاح سالم والاعتداء على قوات الأمن من القوات المسلحة والشرطة المدنية، مما أدى إلى استشهاد ضابط وإصابة عدد من المجندين، منهم 6 حالتهم خطيرة، تم نقلهم إلى المستشفيات العسكرية.


تأمين المنشآت الاستراتيجية

وقبلها بيوم بدأت القوات المسلحة عملية الانتشار في الشوارع صباح يوم الأربعاء 28 يونيو 2013، بهدف تأمين المواطنين بدون أي استثناءات وتأمين كافة المنشآت الاستراتيجية وحماية مقدرات الشعب.

وكانت هناك أعمال تحريض مستمرة لارتكاب أعمال عنف واستهداف المنشآت العسكرية، بعد العديد من التحذيرات بعدم الاقتراب من الوحدات العسكرية وهو قانون موجود في كل أنحاء العالم وهى تجريم الاعتداء على أي منشأة عسكرية أو ضابط أو جندى، وبالرغم من كل هذا إلا أن قوات الجيش والشرطة تعاملت مع المتظاهرين الغاضبين بكل احتواء لهم، إلا أن المشهد خرج عن السلمية.

لحظة الهجوم

وهاجمت مجموعة تلك الأفراد المسلحين القائمين على تأمين دار الحرس الجمهورى باستخدام أسلحة وذخائر حية، وفى الوقت نفسه اعتلى أفراد آخرون أسطح المنازل بشارع الطيران المطل على دار حرس الجمهورى واستهدفوا أفراد الجيش والشرطة القائمين على تأمين الدار واستشهد في الاشتباكات ضابط في القوات وأصيب 42 منهم 8 حالتهم حرجة.

اللافت للانتباه أنه كان هناك ضابط آخر من بين المصابين يخضع لعملية حرجة بعد اختراق رصاصة لرأسه من أعلى وخرجت من فكه وهو ما يشير إلى إطلاق نار من أعلى أسطح المبانى.

طلقات فشنك
وعرضت بعض القنوات فيديوهات لمتظاهرين يمسكون بفوارغ طلقات وهى في الأساس طلقات فشنك "الظرف الفارغ" ,وقال خبير عسكري: "في علم المقذوفات معلوم لدى الكافة أن طلقات الفارغ تخرج من يمين السلاح من الفتحة الموجودة به ويؤكد علم المقذوفات أيضا أن الفارغ عندما يتطاير لا يبتعد أكثر من 2 متر عن السلاح فكيف وصلت المقذوفات إلى أيدى المتظاهرين، وهو ما يحتاج إلى تحقيق لأن المسافة بين القوات والمتظاهرين أكثر من 200 متر".

ولم تتحرك أي من القوات المسلحة والشرطة للتعامل مع المتظاهرين بل كانوا متواجدين في الأساس لحماية دار الحرس الجمهورى والمتظاهرين الذين حاولوا الاحتكاك بهم، بالإضافة إلى أن القوات كانت مدربة على مثل هذه الأوضاع بالتعامل مع المتظاهرين طبقا للموقف وآليات التدرج في التعامل.

وتبدأ بالقنابل المسيلة للدموع ثم الرصاص المطاطى ثم التهديد بإطلاق الرصاص في الهواء ولا يكون التعامل بالإطلاق المباشر إلا في الحالات التي حدده القانون العسكري، وأنه عندما يكون الهجوم على وحدة عسكرية بالذخيرة الحية يكون من حقهم التعامل فورا مع أي أعمال استهداف والقانون يكفل ذلك.

ليلة وقوع الحادث

وكلف محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان، 5 من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، ليلة وقوع الأحداث، بتحريض عدد من المعتصمين في ميدان رابعة العدوية على التوجه إلى مقر الحرس الجمهورى ومهاجمته أثناء أداء باقى المعتصمين صلاة الفجر والاشتباك مع أفراد التأمين.

ثم اتصلت الجماعة بعدد من مندوبى وكالات الأنباء الأجنبية والفضائيات، لإبلاغها بأن قوات الشرطة العسكرية تهاجم المعتصمين أثناء أداء الصلاة، إلا أن أفراد الشرطة التزموا ضبط النفس ولم يطلقوا النار على المعتصمين، موضحة أن الجماعة طلبت من مندوبى وسائل الإعلام إحضار كاميرات معهم لرصد الحدث.

مع سبق الإصرار والترصد

ثم رصدت جهات سيادية توقيتات اتصال المتهم جهاد الحداد، المتحدث الرسمى باسم جماعة الإخوان، بعدد من الصحفيين الأجانب، ومعد أحد البرامج التليفزيونية، والإعلاميين المصريين في قناة 25، تبين أن الحداد اتصل بهم في توقيتات متتابعة، ما بين الواحدة والثانية من صباح يوم الحادث، أي قبل الحادث بنحو 4 ساعات

وأكد عدد من الصحفيين، الذين تم دعوتهم، أن (الحداد) أبلغهم بضرورة التواجد في رابعة العدوية بعد ساعتين، وقال لهم إن المعتصمين في الميدان سيتحركون في مسيرات إلى الحرس الجمهورى لتحرير الرئيس المعزول محمد مرسي من داخل المبنى.

وتبين أن أجهزة الأمن ألقت القبض على عدد من أنصار جماعة الإخوان بعد تلك الأحداث بأيام، وعثر معهم على أسلحة نارية وطبنجات، واكتشفت أجهزة الأمن مفاجأة، إذ تبين أن الطلقات النارية التي عثر عليها في أجساد الضحايا من أنصار الإخوان في تلك الأحداث خرجت من الأسلحة التي تم ضبطها مع المتهمين، أنصار الإخوان فيما بعد.

كما تبين أن هناك 10 من الضحايا في تلك الأحداث لقوا مصرعهم بطلقات نارية من الخلف، وتبين من التحريات أن عددا من المتهمين المعتصمين في رابعة العدوية تحركوا إلى الحرس الجمهورى أثناء صلاة الفجر، ورشقوا قوات الأمن بالحجارة والزجاجات الحارقة والمولوتوف، واستمرت تلك الأحداث قرابة نصف ساعة، ثم فوجئ أفراد الأمن بزيادة عدد المتظاهرين بعد صلاة الفجر.

إلى أن أطلقت قوات الأمن إنذارات تنبيه للمتظاهرين بضرورة العودة إلى مقر اعتصامهم وعدم مهاجمة مقر الحرس الجمهورى، إلا أن المعتصمين زادوا من هجومهم على قوات الحرس الجمهورى، الأمر الذي اضطر قوات الأمن، التي كانت متواجدة أمام الحرس الجمهورى لإطلاق أعيرة نارية في الهواء وغاز مسيل للدموع لإجبار المتظاهرين على العودة إلى مقر اعتصامهم.

ثم تم رصد فيديوهات على موقع «يوتيوب» تظهر توجيه أحد المعتصمين سلاحه الناري من خلف المعتصمين وإطلاق النار على أحدهم، ما أدى إلى سقوطه على الأرض.

بعد الصلاة

وبعد استجواب صفوت حجازى، الذي كان متواجدا في اعتصام رابعة، أكد أن قوات الحرس الجمهورى لم تطلق النار على المتظاهرين وقت الصلاة، وذكر أن الأحداث بدأت بعد الصلاة.


قنابل ومولوتوف

وتبين بعد ذلك أن المعاينة الخاصة بأجهزة الأمن أثبتت وجود حقيبة بلاستيكية وردية اللون، ملفوف عليها شريط لاصق، بداخلها 9 قنابل، بالإضافة إلى عدد كبير من القناعات الواقية من الغاز، بالإضافة إلى قرابة 50 زجاجة عصير زجاجية بداخلها خليط مائل للاحمرار، مثبت فيها فتيل ومعدة للاشتعال.

وعثرت أجهزة الأمن مع عدد من المتهمين على مظروف بداخله تسع ورقات مكتوبة باللغة الإنجليزية، وهى عبارة عن خطوات لكيفية تركيب مواد مفرقعة، وتم تحرير محضر منفصل بها حمل رقم 9134 جنح قسم شرطة مصر الجديدة.

كما ضم محضر المعاينة، وجود قنابل يدوية مسيلة للدموع، من المعتاد استخدامها في القوات المسلحة وعمليات فض الشغب، وسبق استخدامها لعدم وجود تيلة وذراع الأمان، كما عثر على لفافات ورقية مدعمه من الخارج بواسطة سلك معدنى رفيع، وجدت بداخل كل واحدة منها كميات كبيرة من حبيبات الزلط صغيرة الحجم مختلطة بمسحوق مادة بنية اللون، فضلا عن وجود كميات كبيرة من كراتين بومب أطفال».

شقق متفحمة
وجاء في محضر معاينة الشقق المحترقة خلال تلك الأحداث أنه بتاريخ 11 يوليو 2013 وردت إشارة من قسم شرطة مصر الجديدة تفيد بانتداب خبراء الحرائق بالمعامل الجنائية لمعاينة الحريق الذي شب بمقر شركة النيل العامة لإنشاء الطرق بشارع الطيران، وتحرر عن الواقعة المحضر رقم 9134 لسنة 2013 جنح مصر الجديدة.

وبعد ورود الإخطار، انتقل كل من الرائد أحمد محيى، والملازم أول إسلام خالد، من إدارة فحص الحرائق والمفرقعات بالمعامل الجنائية، لمكان الحادث بالإحاطة بالظروف والملابسات السابقة والمعاصرة لظروف الحادث أفاد ياسر شاهر عبدالحميد، فرد أمن بالشركة، بأنه في نحو الساعة 4 صباحا يوم الإثنين الموافق 8 يوليو 2013.

وأثناء تواجده بالطابق الثالث بالشركة فوجئ ببعض الأشخاص، الذين يعتلون سلم المبنى، وبعدها بنحو نصف ساعة أخبره أفراد أمن الشركة المتواجدون بالطابق الرابع بنشوب حريق، فقام على الفور بالصعود ومحاولة السيطرة عليه، بمعاينة مكان الحادث، تبين أن الحريق شب بالعقار موضوع الإخطار».

وتبين انحصار الحريق بشركة النيل العامة لإنشاء الطرق الكائنة بالطابق الثالث والرابع بالعقار، وكذلك في شركة النيل للمجمعات الاستهلاكية الكائنة بالطوابق الثامن والتاسع والعاشر، وكذلك بالمنور القبلى للعقار، مع سلامة باقى طوابق العقار من أي آثار للحريق سوى بعض الترسبات الكربونية العالقة بها، وتبين أن طوابق الشركة مقسمة إلى حجرات خاصة للعاملين بالشركة.

كما أن الطوابق كانت تحتوى على مكاتب ودواليب وملفات وأوراق خاصة وخلافه، ويؤدى إلى كل طابق سلمان من الجهة القبلية والبحرية، وكل سلم يفتح على طرقة بها بابان متقابلان، ويتوسط الطابق 3 مناور من أعلى، ويحد مقر الشركة من الجهة الشرقية شارع الطيران، ومن القبلية شارع محمود طلعت، ومن الجهة الغربية شارع أحمد قنديل.

ومن البحرية ممر خلفى يفصل بين العقار والسنترال، وتطل معظم نوافذ وشرفات المبنى على هذه الشوارع، وبفحص التأثيرات الحرارية، تبين احتراق باب حجرة الملفات بالطابق الثالث بالعقار والمطلة على المنور القبلى، وتبين تساقط أجسام من الطابق عليها.

وتبين أن كل محتويات ومكونات معظم حجرات الطابق الرابع، وكذلك المنور القبلى للعقار بحالة تشير إلى امتداد النيران إليها من جهة غرفة رئيس مجلس إدارة شركة النيل العامة، وكشفت المعاينة عن احتراق أبواب الطابق العاشر، التي تفتح على المنور القبلى للعقار بحالة تشير لامتداد النيران من جهته، وكذلك أبواب حجرات الطابق التاسع واحتراق شرفات حجرات المحامين الكائنة بالجهة القبلية بالطابق التاسع على شارع محمود طلعت وامتداد النيران إليها من الطابق الثامن، واحتراق كل محتويات معظم حجرات الطابق الثامن.

وثبت من المعاينة تفحم محتوىات شرفة حجرة الإيجارات الكائنة بالجهة الشرقية البحرية بالطابق الثامن، بحالة تشير إلى تركز آثار الحريق بتلك المنطقة ومعاصرتها لبدء نشوب الحريق - منطقة بداية ثانية للحريق - واحتراق محتوىات المنور بدرجات متفاوتة الشدة، وتزداد تلك الآثار بسلم الطوارئ، والتي نقلت النيران من خلاله.

وأضافت المعاينة أنه بدراسة آثار الاحتراق ودرجات التفحم واتجاه سريان النيران، تبين بدء وتركز الحريق بمنطقتين منفصلتين عن بعضهما دون امتداد مؤثرات الحريق من أي منهما إلى الأخرى».

وتم رفع عينتين من منطقتى بداية الحريق وتحويلهما إلى إدارة الفحوص المعملية لبيان ما إذا استخدمت مواد معجلة على الاشتعال من عدمه، ووردت نتيجة الفحص بخلو العينات من آثار لتلك المواد، وبفحص التوصيلات الكهربائية بالأماكن التي شملها الحريق، تبين سلامة معظمها من أي آثار تشير إلى محاولة فتحها عنوة، وبفحص باقى الأبواب، تبين شدة اندثارها بالحريق في حالة يتعذر فحصها.

وأسفرت نتائج التحليل والفحص عن أن الحريق شب بالطوابق الثامن والتاسع والعاشر للشركة وكذلك بالطابقان الثالث والرابع من العقار».

وبعد دراسة آثار الحريق واتجاه سريان النيران، تبين بدء وتركز الحريق بمنطقتى بداية، وتبين أن سبب الحريق تعرض الأوراق والملفات لمصدر حرارى سريع الاشتعال ذى لهب مكشوف: عود ثقاب أو ورقة مشتعلة أو لهب صادر عن الألعاب النارية والقنابل المسيلة للدموع عند بداية تشغيلها.

تهديدات البلتاجي

في غضون ذلك هدد القيادي الإسلامي صفوت حجازي، باتخاذ خطوات تصعيدية حتى الإفراج عن الرئيس المعزول محمد مرسي، واستعادة ما أسماها الشرعية، وعودته إلى القصر الرئاسي.

ويعتقد حجازي أن الرئيس المعزول ربما يكون في دار الحرس الجمهوري أو بوزارة الدفاع المصرية، رافضا الكشف عن طبيعة الخطوات التصعيدية التي تحدث عنها.

محسوب: نصحته وهو مصمم

وعقب اقتحام مجهولين مقر الحرس الجمهوري، كشف محمد محسوب نائب حزب الوسط ووزير الدولة الأسبق للشئون النيابية والبرلمانية عن خطة القيادي الإخواني محمد البلتاجي للاحتكاك بالجيش لتوريطه بقتل المتظاهرين.

وأشار محسوب أنه نصح البلتاجي أكثر من مرة، لكن الأخير مصمم على تنفيذ خطته، وكتب محسوب في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" "حذرت البلتاجي مرارًا بشأن خطته للاحتكاك بالجيش لتوريطه بقتل المتظاهرين، لكنه صمم على المضي في خطته.. حسبي الله ونعم الوكيل في من يستحل الدم.

في غضون ذلك، تم القبض على العشرات من الذين شاركوا في الاقتحام، أن بحوزتهم كميات كبيرة من الأسلحة النارية والذخائر والأسلحة البيضاء وزجاجات المولوتوف.
الجريدة الرسمية