رئيس التحرير
عصام كامل

قطر تحت حكم تميم.. الدوحة تمول أنصار بيت المقدس في سيناء لمحاربة الجيش المصري.. دعوات تطالب الـ«فيفا» بحرمان قطر من استضافة مونديال 2022.. كشك الخليج تنفق 4 مليارات دولار لدعم "داعش"

 الامير تميم بن حمد
الامير تميم بن حمد امير دولة قطر

في 25 يونيو 2013، تولى الأمير تميم بن حمد حكم إمارة قطر، بسياسة لم يختلف نهجها عن والده المتنحي حمد بن خليفة آل ثاني، وأزمات لا تنتهي، ورثها الأب لابنه.


ونتناول في هذا التحقيق أهم القضايا والأزمات التي واجهت الأمير الشاب مع استلامه السلطة، بدءًا من سقوط الإخوان في مصر، إلى شبهات الفساد التي طالت ملف قطر لتنظيم كأس العالم 2022.

سقوط الإخوان
بعد أيام من تسلم تميم الحكم، سقط حكم الإخوان، وكانت قطر بادرت بدعم الرئيس الإخواني محمد مرسي بـ8 مليارات دولار، لكن المال القطري، لم ينجح في شراء النفوذ السياسي في واحدة من أكبر الدول العربية.

وتمت الإطاحة بالرئيس الإخواني محمد مرسي المدعوم من قطر، إثر ثورة شعبية في 3 يوليو، وبحسب تقارير صحفية، استمرت الإمارة تحت قيادة الأمير تميم باتباع سياستها الداعمة للجماعة، إذ احتضنت قيادات الإخوان الفارين من مصر، والملاحقين قضائيًا، وتوطينهم في الدوحة، مثل الداعية السلفي محمد عبد المقصود، ومفتي الجماعة عبد الرحمن البر.

وبحسب التقارير، دعمت قطر عناصر الجماعة في مصر بالسلاح والمال، واستمرت بالتدخل في الشئون الداخلية للبلاد.

وقال مؤسس الحركة الجهادية في مصر نبيل نعيم، إن قطر تمول بطريقة غير مباشرة تنظيم أنصار بيت المقدس في سيناء، لشن هجمات إرهابية على الجيش المصري.

وذكر مراقبون أن احتضان وتمويل النظام القطري للإخوان في اليمن وليبيا وغيرها من الدول العربية، شكل نقطة ارتكاز رئيسية مكنت الجماعة من توسيع وتنمية استثماراتها المالية.

وقدمت قطر مليار دولار للحكومة السودانية، المقربة من الأطروحات الإسلامية للإخوان، على شكل وديعة لدعم احتياطيات النقد الأجنبي، وذلك خلال زيارة تميم بن حمد إلى الخرطوم، التي جاءت بعد توتر خليجي مع الدوحة.

أما في تونس، فأعلن رئيس حركة النهضة الإخواني راشد الغنوشى، أن قطر شريك بالثورة التونسية، أولى ثورات الربيع العربي، وكانت قطر منحت تونس 500 مليون دولار تم ضخ نصفها في البنك المركزي.

كابوس كأس العالم
واجه الأمير الشاب، حسبما ذكر موقع 24 الإماراتى، أزمة متصاعدة تتمثل في ضغط الإعلام العالمي، وبعض الشخصيات النافذة في الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، لإعادة التصويت على ملف مونديال 2022، ما يهدد بحرمان الدوحة من استضافة الحدث الكروي الأهم عالميًا، والذي رصدت له قطر 200 مليار دولار، لإنجاز مشروعات البنية التحتية اللازمة.

وجاءت الاتهامات بوجود رشاوي وفساد، لتحول حلم قطر بالمونديال إلى كابوس، ويتعرض (فيفا) لضغوط متزايدة، للتحقيق في قراره المثير للجدل، بمنح قطر حق استضافة بطولة كأس العالم 2022.

يأتي ذلك، في الوقت الذي نشرت فيه صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية، مزاعم فساد خلال عملية التصويت لمنح الدوحة استضافة البطولة، قائمة على تسريب ملايين الوثائق السرية.

ويخضع قرار الـ«فيفا»، لرقابة وتحقيقات متزايدة، تتزامن مع تأكيد نائب رئيس الـ«فيفا» جيم بويس، أنه سيؤيد إعادة التصويت للعثور على دولة مستضيفة جديدة، إذا تم إثبات مزاعم الفساد.

ويواجه الرئيس السابق للاتحاد الآسيوي لكرة القدم القطري محمد بن همام، ادعاءات أنه استغل اتصالاته بالعائلة الحاكمة في قطر، لترتيب صفقات تؤمن فوز بلاده بتنظيم البطولة.

عبيد العصر الجديد
ويواجه الأمير انتقادات وتنديدات دولية، بعد أصدرت صحيفة الغارديان البريطانية، تقريرًا مفصلًا كشفت خلاله أن هناك 400 عامل من نيبال لقوا حتفهم، ما بين حوادث في مواقع العمل وضربات شمس تتسبب في الموت خلال تحضير قطر لاستقبال مونديال 2022.

وذكرت تقارير صحافية عالمية، أن العمال في قطر يعملون في ظروف غير إنسانية، وأشار التقرير إلى أنه في حال استمرار سقوط الضحايا في قطر من أجل تنظيم المونديال بهذا المعدل، سيصل الرقم إلى 4 آلاف قتيل لحين انطلاق كأس العالم 2022، أي ما يفوق عدد ضحايا تفجيرات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة.

وكشفت منظمة العفو الدولية أن قطاع البناء في قطر مليء بانتهاكات حقوق العمال، وذكر التقرير الذي نشر تحت عنوان "الجانب المظلم لهجرة العمال: أضواء على قطاع البناء في قطر"، النقاب عما يتعرض له العمال الأجانب من انتهاكات قالت إنها تتم بشكل ممنهج وواسع النطاق، ما يجعل عملهم في بعض الحالات بمثابة "السخرة".

وأضاف التقرير أن الانتهاكات بلغت في بعض الأحيان حد "العمالة القسرية"، مشيرًا إلى أن بعض العمال تعرضوا للتهديد بدفع غرامات، أو الترحيل حال الاعتراض على العمل دون الحصول على أجر في بعض الأحيان.

داعش والجماعات الإرهابية
واستمرت قطر، بحسب تقارير صحافية، تحت قيادة الشيخ تميم بن حمد، بدعم الجماعات الإرهابية، كتنظيم داعش في سوريا وامتداده في العراق، وجبهة النصرة، أو تنظيم القاعدة، بالإضافة إلى دعم واستقبال قيادات جماعة الإخوان، التي صنفتها دول عربية كثيرة منها مصر والسعودية بأنها إرهابية.

وذكرت تقارير إعلامية، أن قطر تنفق أكثر من 4 مليارات دولار لدعم سياستها التي تعتمد على احتضان الجماعات الإرهابية في العراق وسوريا.

وبدأت أجهزة الأمن ومكافحة الإرهاب ومراقبة نقل الأموال الدولية عملية تتبع للأموال التي نقلتها شبكات محسوبة على قطر في أوربا، وعبر تركيا إلى جماعات إرهابية في العراق وسوريا.

وتصاعد الجدل داخل الإدارة الأمريكية، حول الدور الذي يلعبه رجال أعمال قطريون في تمويل الجماعات المتشددة في سوريا، تحت غطاء الأنشطة والجمعيات الخيرية، وعلى رأسها جمعية تعرف باسم "مديد أهل الشام" التابعة لجبهة النصرة في سوريا، وهى إحدى القنوات التمويلية المهمة للتنظيم.

ويرى مراقبون أنه على الرغم من الإجراءات الصارمة ضد الشبكات الجهادية التي تتّخذها دول الخليج وأوربا، إلا أن محاولات قطر تعيق هذه الإجراءات.

وأشارت مصادر إلى أن أجهزة الأمن الأوربية وضعت قائمة طويلة بأسماء على علاقة بقطر، وبالمدعو عبد الرحمن بن عمير النعيمي أحد أفراد العائلة الحاكمة في قطر، والتي قامت بنقل الأموال إلى جماعات متطرفة عن طريق استغلال العمل الخيري والحقوقي.

وكشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أن الجمعيات الخيرية الإسلامية في قطر، تمول تنظيم القاعدة بالملايين.

وتربط قطر بحركة طالبان علاقات قوية، إذ توسطت لإبرام صفقة بين الحركة من أجل الإفراج عن 5 من كوادرها من سجن غونتانامو تم نقلهم إلى قطر، مقابل الإفراج عن الجندي الأمريكي المختطف لديها بوو بيرجدال.

شيخ الفتنة
كان شيخ الفتنة يوسف القرضاوي إحدى الأدوات المستخدمة في التطاول على دول مجلس التعاون الخليجي، من خلال الخطب التي يلقيها ويبثها التليفزيون الرسمي القطري ويهاجم فيها الإمارات والسعودية والبحرين.

وبحسب مراقبين، دأب قرضاوي، على مهاجمة دول الخليج، فقام بتكفير الإمارات العربية، بسبب موقفها الداعم لمصر، كما عمد إلى تحريض المصريين على العنف، ومقاطعة الانتخابات ومهاجمة الجيش.

ويعتبر خبراء القرضاوي أشرس الأصوات المدافعة عن الإخوان المسلمين، وذكرت تقارير صحفية أن الخلافات بين الإمارات وقطر بدأت تتصدر المشهد السياسي في منطقة الخليج، بسبب مواقف القرضاوي المعارضة للسلطة الحالية في مصر.

وأشار خبراء، أن القرضاوي جزء من القوة الناعمة التي تستخدمها قطر لتنفيذ سياستها الخارجية ولخدمة دبلوماسيتها في العديد من القضايا، منها التقارب القطري مع الجماعات الإسلامية عن طريق فتاواه الموجهة.

وقال الباحث في مركز الأبحاث والدراسات حول البحر المتوسط والشرق الأوسط يافس جونزالس كويجانو، إن القرضاوي: "كان رائعًا لخدمة السياسة القطرية، لكن الآن أضحت سلطته محل جدل، وبعد أن لعب دورًا كبيرًا إبان حكم الأمير القطري السابق حمد بن خليفة، أصبح يمثل نقطة سخط للوريث الحالي الأمير تميم".

سحب السفراء
في 5 مارس (آذار)، قررت الإمارات والسعودية والبحرين، سحب سفرائها من قطر، احتجاجًا على سياستها التي تشجع علنًا الإرهاب.

وتصاعدت حدة الخلافات مع الدول الخليجية حول الملفات الإقليمية، وبحسب خبراء، فإن سحب السفراء إجراء يشير إلى وصول العلاقات مع الدوحة لطريق "مسدود"، على الرغم من محاولات "لم الشمل" مقابل مراجعة الدوحة لسياساتها، إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن.

وأكدت الدول الثلاث في بيان مشترك أخيرًا أن هذه الخطوة جاءت "لحماية أمنها واستقرارها، ولعدم التزام قطر بمبادئ العمل الخليجي".

وبحسب مراقبين، فإن قرار سحب السفراء محاولة لإعادة رسم مستقبل الأمن الخليجي والإقليمي، وسط الهزات العنيفة التي ضربته خلال الأعوام الثلاثة الماضية.

ويرى مراقبون أن دعم قطر لتحركات جماعة الإخوان لزعزعة استقرار مصر، ودعمها للحوثيين في اليمن، وجبهة النصرة بسوريا، إضافة لخلق اضطرابات في دول الخليج، والتدخل بالشئون الداخلية للدول العربية، أغضب مجلس التعاون الخليجي.

وقالت مصادر في الرياض، إن السعودية والإمارات والبحرين لن تقف عند خطوة سحب السفراء، وأن هناك خطوات عملية سيتم اتخاذها قريبًا، لتفهم القيادة القطرية أن الدول الثلاث جادة في دفع الدوحة إلى توضيح موقفها، إما أن تحتفظ بعضويتها بمجلس التعاون الخليجي وتلتزم بقوانينه ومواقفه، أو سيتم تعليق عضويتها فيه.

وثيقة الرياض
بوساطة كويتية، تم توقيع اتفاقية تقضي بالالتزام بالمبادئ التي تكفل عدم التدخل في الشئون الداخلية لأي من دول المجلس بشكل مباشر أو غير مباشر، وعدم دعم كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد، سواء عن طريق العمل الأمني المباشر أو عن طريق محاولة التأثير السياسي، وعدم دعم الإعلام المعادي.

لكن الأمير الشاب، لم يضع تلك الاتفاقية موضع التنفيذ، إذ لم تتوقف قطر عن دعم جماعة الإخوان، كما لم تلتزم الدوحة بما يتعلق بوقف تحريض قناة الجزيرة، التي ما تزال تناقض المواقف الخليجية.

ويرى مراقبون أن التغيير الوحيد الذي أجرته الدوحة كان عبر منع يوسف القرضاوي من إلقاء خطبة الجمعة، التي كان يحرص فيها على مهاجمة دول الاتحاد الخليجي.

تسريبات حمد بن جاسم
ومن الملفات التي واجهها تميم، كانت المكالمة المسربة بين رئيس الوزراء، وزير خارجية قطر السابق، حمد بن جاسم، والزعيم الليبي الراحل العقيد معمر القذافي، والتي تبرز تآمر قطر على الدول العربية الأخرى، وعلى رأسها السعودية، عبر سعيها إلى تقسيمها لدول عدة.

كما سربت مكالمة لأمير قطر السابق حمد بن خليفة، يقول فيها إن السعودية لن تكون موجودة بعد 12 عامًا، وهو ما يكمل صورة المشروع القطري التآمري على المملكة، وتقسيم المملكة خلال 12 عامًا إلى دويلات عدة، وهو ما كان يحتاج بحسب الأمير القطري السابق، إلى أن تتفرغ الولايات المتحدة لهذه المسألة، بعد استكمال أهدافها من غزو العراق، الذي لم يكن مضى عليه في ذلك الحين سوى أشهر قليلة.

وقال حمد بن جاسم إن "الأمريكان عندهم إستراتيجية تهدئ العراق خلال سنتين، هم يفكرون أن السعودية يجب أن تتقسم" ويفسر قائلًا إن موطن الوهابيين والمتشددين في وسط المملكة ليس به كم كبير من النفط، مقارنة بمناطق الحجاز والشرقية التي بها حسب وصفه "ثروات نفطية."

مليشيات ليبيا
أما في الشأن الليبي، يرى خبراء أن الدوحة بقيادة تميم بن حمد، ما تزال تلعب دورًا كبيرًا في دعم المليشيات الإسلامية المسلحة، التي عرقلت استقرار البلاد.

وأكد اللواء الليبي وقائد عملية الكرامة خليفة حفتر، الذي يخوض حربًا ضد الفصائل المتشددة، أن قطر تدعم تنظيم أنصار الشريعة التابع للقاعدة، والذي حاول اغتياله، مشيرًا إلى تواطؤ الدوحة مع قيادين من المؤتمر الوطني الليبي في التخطيط لهذه المحاولة التي اعتبرها فاشلة تمامًا، مؤكدًا أن قطر، لا تريد وجود جيش أو شرطة في ليبيا، إذ كانت "تبحث عن أتباع لها، ووجدوا ضالتهم في العناصر التي تعمل باسم الدين".

وتوقعت دوائر غربية، أن تكون لعملية اعتقال الليبي أحمد أبو ختالة، المتهم بالضلوع في الهجوم على القنصلية الأمريكية بمدينة بنغازي الليبية في عام 2012، تداعيات بالغة الخطورة قد تتجاوز تأثيراتها ليبيا لتشمل قطر، بالنظر إلى حجم المعلومات الأمنية التي بحوزته عن دور الدوحة وجماعة الإخوان في دعم الإرهاب في المنطقة.

وبحسب تقارير إعلامية، فإن الإعلان عن اعتقال أبو ختالة أثار الرعب في قطر، التي بدأت في حبس أنفاسها خشية افتضاح دورها في الهجوم على القنصلية الأمريكية ببنغازي، من خلال تورطها في عملية "خط الجرذان" لدعم جماعة الإخوان والمتشددين، رغم تراجع واشنطن عنها.

وتخشى الدوحة، تصدع علاقاتها مع واشنطن، لاسيما وأن ملف هذا الدور لم يُغلق بعد، رغم الجهود المضنية التي بذلتها لطمس وإتلاف محتوياته، منذ قرار الكونغرس إعادة التحقيق حول ملابسات الهجوم على القنصلية الذي أسفر عن مقتل السفير و3 من مساعديه.

وشارك في الهجوم على القنصلية ببنغازي ما بين 35 إلى 40 عنصرًا مسلحًا، منهم الليبي أحمد أبو ختالة، ونحو 12 عنصرًا لهم علاقة وطيدة بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، وبجماعة أنصار الشريعة الليبية، فيما أشارت تقارير أمريكية إلى أن هذه المجموعة مرتبطة بتنظيم الإخوان المسلمين المدعوم من قطر.

وفي مقال نشرته مجلة "لندن ريفيو أوف بوكس" في مطلع شهر أبريل (نيسان) الماضي، كشف أن وكالة الاستخبارات الأمريكية أصدرت تقريرًا حول الهجوم الذي استهدف القنصلية في بنغازي الليبية، تضمن ملحقًا وصفه بـ"فائق السرية".

وأشار إلى أن هذا الملحق كشف عن اتفاق سري حول إطلاق عملية استخباراتية تحت اسم "خط الجرذان"، نص على أن قطر هي التي ستقوم بتمويل وتسليح المجموعات المتشددة الناشطة في ليبيا وسوريا.
الجريدة الرسمية