جرائم اختطاف الأطفال.. محافظة السيسي بلا أمن
العلاقات الشخصية وحدها ربما تحرك أدوات العدالة وتحكم رؤية كثيرين من رجال الشرطة في مصر، تجاه قضايا الأمن المجتمعى، وبينها قضايا اختطاف الأطفال وبيعهم في سوق الأعضاء البشرية أو تسريحهم في ميادين التسول بعد تشويههم وتغيير ملامحهم وطمس براءة أعمارهم، حتى يتحولوا إلى غرباء بلا أهل داخل وطن يلفظهم، كثمن لتقصير من يتحصلون على ضرائب أهلهم في صورة رواتب وحوافز لا حدود لها.
المقدمة تؤكدها لى حسرة الدكتور إسلام قمبر، على طفله "مؤمن"، ثلاث سنوات وثلاثة أشهر، والذي جرى اختطافه، حسب رسالته لى، من أمام منزل عائلته بقرية المصيلحة مسقط رأس الرئيس الأسبق حسنى مبارك بمركز شبين الكوم بمحافظة المنوفية، محافظة الرئيس السيسي، ظهر السبت 14 يونيو الجارى، ليحل اليوم شهر رمضان الكريم بينما كل منا في بيته مستمتعًا بإطعام أولاده وابتسامات زوجته وذويه من حوله.
مائدة رمضان اليوم داخل منزل عائلة الدكتور إسلام قمبر، تخلو من طفلها الوحيد "مؤمن" لمجرد أن شرطة المنوفية رفضت تحرير المحضر 2826 إدارى مركز شبين الكوم، إلا بعد مرور 24 ساعة كاملة، معتبرة الطفل "متغيبا" وليس "مختطفا"، وكأنه يملك إرادته ويتحرك طبقًا لوعى كامل بكل الدروب من حوله، ودون أن يجتهد ضابط مباحث أو أمين شرطة أو شيخ خفر في استغلال الساعات الأولى لغيابه في حصار مناطق يحتمل احتفاظ الخاطفين به داخل حدودها بالمحافظة، ليفقد أي رجل أمن أطراف الخيط الأول المؤدى للوصول عليه، إن تحرك ضميره وضغطت أمانة عمله على مشاعره قليلًا ليبحث عنه الآن.
أهالي القرية منذ اختطاف الطفل يعتمدون على أنفسهم في البحث عنه، شهود عيان يؤكدون أن عصابات الاتجار في الأعضاء البشرية التي انتشرت قبل سنوات بالمحافظة، عادت لممارسة جرائم خطف الأطفال والاتجار بهم عبر مجموعات المتسولين التي تغرق قرى ومراكز المنوفية دون رادع أمني، بينما رجال الشرطة هناك يتفننون في ردودهم على والد الطفل مؤمن بعبارات من نوعية "فكك بقى مننا.. أنت مش عملت محضر"..!!.
والنتيجة غير النهائية لجريمة اختطاف "مؤمن" وبلاغ والده هي حرمان العائلة حتى من مصدر معلومة يدلهم على مكانه أو الحصول على فرصة معرفة الخاطفين والتفاوض معهم لسداد فدية واستعادته، تجاوبًا مع العرف السائد لدى قطاع غير قليل من رجال الشرطة منذ ثورة يناير، والمتمثل في توجيه النصح والإرشاد لضحايا الاختطاف أو سرقة الممتلكات والسيارات، بالتفاوض مع الخاطفين ومنحهم الأموال بدلًا من إطالة أمد الصراع في سبيل الخلاص منهم وسحقهم وتخليص المجتمع من جرائمهم.
والدة الطفل "مؤمن" وجدته، دخلتا في أزمات صحية ونفسية حادة، ووالده بات يبكى حظه السيىء أنه ليس له علاقات خاصة تجمعه بالكبار كى يهتم الجهاز الأمني بقضيته التي تتكرر مع كثيرين بيننا طبقًا لأقدارهم، أما باشوات الشرطة فتكييفات مكاتبهم بجانب رواتبهم المتزايدة، توفر لهم مناخًا أكثر لطفًا من التعامل مع حسرة أهل الطفل المختطف.
إذا كانت عقيدة رجال الشرطة هي حماية الأمن المجتمعى وصون الأرواح والممتلكات ومنع الجريمة قبل حدوثها، وإذا كانت المليارات تنفق من موازنة البلاد السنوية على أجور ورواتب هؤلاء، والنتيجة التعامل مع قضية والد الطفل "مؤمن" بطريقة اذهب أنت وربك فقاتلا..، فنحن أمام مصيبة تستلزم صياغة رؤية جديدة للرئيس الجديد وحكومته والمجلس النيابى المرتقب، لإعادة بناء جهاز الأمن ومكوناته الأساسية، وإذا كان تثاؤب النيام تصاحبه ألفاظ من عينة "فكك منهم.. بكرة الأب يخلف غيره.."، فنحن أمام عينة ممن لا أقل من وصفهم بالمتنطعين، لا يوجد مسئول عن خيبة أدائهم أعلى من رئيس الجمهورية ووزير الداخلية.