رئيس التحرير
عصام كامل

بين الحزام والالتزام


مشكورة الدولة قامت بتطبيق قانون المرور – القديم.. الجديد – غير أن المتابع للقانون وإجراءات تطبيقه على أرض الواقع.. يجد أنه كمعظم القوانين في بلادنا.. تهتم بالشكل دون المضمون.. وتعالج الظواهر وتَغفل عن الأسباب.. بالله عليكم هل مشكلة المرور في بلادنا.. هي ربط حزام.. أو استخدام التلیفون المحمول أثناء القيادة.. أو قیادة المركبة لیلاّ بدون استعمال الأنوار الأمامیة أو الأنوار الخلفیة.. هل هذه هي الأولويات..!


نعم هي أشياء ضرورية ولكنها ليست معالجة لأسباب الأزمة المرورية التي كان الأولى الاهتمام بها.. ومعالجة هذه المشاكل بالتوازى مع علاج جذور وأسباب المشكلة.

إن قانون المرور يبدو وكأنه قانون لتحصيل غرامات وتوقيع عقوبات ليس إلاّ.. ولكنه لا يُعالج أزمة المرور.. وقد سبق وطبق من قبل وتم تحصيل الغرامات وبقيت الأزمة كما هي.. بل واستفحلت الأزمة  وأصبحت كارثة بكل المقاييس.

لقد حصلت الدولة وستحصل الملايين من هذه الغرامات.. ولكن هل المطلوب هو تحصيل الغرامات.. أم السيولة المرورية.
 
وهل ربط الحزام أو عدم التحدث في الهواتف سيؤدى إلى تحسن أحوال المرور.. أو إضاءة المصابيح الأمامية أو الخلفية هو الحل. 

أعتقد أن الإجابة ليست صعبة.. وأعتقد أن الحكومة ارتأت أنها بهذا التطبيق للقانون تكون قد أدت ما عليها.. هل هذا هو المطلوب.. وإلى متى نضع العربة أمام الحصان.

الحزام أو الهاتف أو الكشافات ليست أسباب المشكلة المرورية التي يجب أن نبحث لها عن حلول..و فورية..المشكلة في التكدس والزحام في الشوارع.. المشكلة في عدم الانضباط.. المشكلة في عدم الالتزام بالإشارات.. وبالتالى تحدث الفوضى ويحدث الارتباك المرورى.

مشكلة المرور الحقيقية هي عدم الالتزام بقواعد المرور الدولية والبديهية..هي عدم الانضباط..هي الفوضى السلوكية..هي القيادة بلا أي ضوابط أخلاقية مرورية يتعلمها الإنسان قبل أن يتعلم قيادة السيارة.

في معظم دول العالم ومنها دول الخليج.. لا تُمنح رخصة القيادة إلاّ بعد تعلم قواعد المرور.. وأهمها الالتزام بالإشارات..وعدم التجاوز.. والالتزام بالحارات المرورية.. وغيرها من القواعد السلوكية الأساسية.. فالأولوية عندهم للنظام واتباع الإرشادات المرورية التي تحقق السلام والأمان والانضباط وبالتالى السيولة المرورية.. وليس الغرامات والعقوبات.. ولذلك الالتزام والانضباط عنده سلوك وليس غرامات.

كان الأولى بالحكومة.. أن تبدأ بتطبيق القانون بالالتزام بالإشارات.. كان الأولى بالحكومة أن تُلزم السائقين بالسير في الحارات المرورية لعدم التداخل بين السيارات.. ولكن أين هذه الإشارات.. موجودة نعم.. ولكن هل معظمها يعمل أو صالح للعمل.. وأين هذه الحارات المرورية.. بعضها موجود وبعضها طمسه الإهمال ومعظمها اختفى ولم تفكر الدولة في إعادته أو إعادة تخطيط الحارات.. لأنها وللأسف يبدو أنها لا تؤمن بوجودها. 

لقد لجأت الدولة لتطبيق القانون الذي لا يُحملها أي تبعات.. وألزمت المواطن بكل الواجبات قبل أن تعطيه أي حقوق.
 
من حق المواطن شوارع صالحة للسير.. من حق المواطن شوارع مُخططة بحارات مرورية تُجبره على الالتزام.. من حق المواطن إشارات مرورية.. وعندها أحاسبه على أي تجاوز مهما كان صغيرًا.. ولكن الحكومة كعادتها تُطالب بما لها دون أي تؤدى ما عليها.. وعلى المتضرر اللجوء للقضاء أو الشكوى والدعاء لله.

نحن لسنا ضد تطبيق القانون كما وضعته الدولة. ولكننا مع تطبيقه بالتوتزى مع إيجاد حلول عملية للأسباب الجذرية للمشكلة.
و للحديث بقية. 
الجريدة الرسمية