رئيس التحرير
عصام كامل

"أطفال الشوارع" في خيال الأدباء.. "ديكنز" رصدها داخل ملاجئ لندن في القرن الـ19.. " تغريدة البجعة " ترسم ملامح المنسيين.. مكاوي سعيد: الأدب تجاهل الظاهرة.. النمنم: "زقاق المدق" دقت ناقوس الخطر

أطفال الشوارع
أطفال الشوارع "

قدمان حافيتين تحمل جسدا يكسوه ملابس متهلهلة، عادة ما تكون متسخة، ووجه تعلوه ضحكات مسروقة، يتوسطه عينان حائرتان تجول يمينا ويسارا بحثا عن مأوي من البرودة القارصة، شتاء، أو الشمس الساخنة صيفا، لا يترك كيسا أو مقلب قمامة إلا ويبحث فيه عن لقمة عيش تسد جوعا كاد يفترسه، هذه هي صورة أطفال الشوارع في أغلب الأبحاث والتقارير الصحفية، بل وأيضا في الروايات والأعمال الأدبية.


زادت أزمة ظاهرة أطفال الشوارع مع زيادة الكثافة السكنية، ولعل ثورات الربيع العربي زادت من انفجار تلك الظاهرة، اتخذ أدباء الغرب والعرب من هذه الظاهرة مادة ثرية لأعمالهم الأدبية، مؤكدين أن هناك علاقة وطيدة لا تنقطع بين الأدب والمجتمع.

أطفال شوارع لندن
الكاتب الإنجليزي تشارلز ديكنز، يعد من أوائل الكتاب الذين رصدوا هذه الظاهرة، ولفتوا الأنظار إليها، في عام 1837 بدأ ديكنز كتابة رواية أوليفر تويست، وهي أول رواية يصور فيها ديكنز الشرور الاجتماعية والظروف الرهيبة في الملاجئ والإصلاحيات، والرواية تصور عالم لندن الإجرامي الخفي على نحو حي، موضحا كيف يدخل أطفال الشوارع بسهولة بالغة عالم الجريمة تحت تأثير الكبار الذين يستغلونهم لمصلحتهم الشخصية.

"ذاكرة شرير" والعلاقة بين التسول والتسكع
وما كتبه الروائي السوداني منصور الصويم عن أطفال الشوارع في رواية "ذاكرة شرير"، ومرثية أطفال الشوارع للشاعر المغربي بن يونس ماجن بعنوان "هم الآن يكنسون الرذاذ"، فهو يرى التسول والتسكع توأمين يسكنان بذاكرة الشوارع، أما الفقر والجهل فهما رفيقان في العوز والعتمة.

وفي رواية "تغريد البجعة" للأديب سعيد مكاوي، ورواية "مواقيت الصمت" للأديب خليل الجيزاوي، يتعرف القارئ، على ملامح أولئك المهمشين المنسيين من أبناء الفقر والصمت.

وتعليقا على ذلك قال الكاتب مكاوي سعيد: إن تناول الأدب لظاهرة أطفال الشوارع، محدود للغاية، سوى روايتي " تغريدة البجعة، أبو الوفا المصري"، ثم ظهرت في التسعينيات أعمال ليست مؤثرة.

واستنكر سعيد التناول الإعلامي سواء تليفزيون أو صحافة، لظاهرة أطفال الشوارع، ووصفها بـ"المتخلفة"، والتي تنتمي للثقافة الضحلة، مشيرا أنها صورة نمطية لم تحتك بهذه الفئة.

وأوضح أن هناك فرقا بين أطفال الشوارع والباعة الجائلين، فالأوائل غالبا ما لا يعملون، وطالب من يتناول هذه القضية بالاحتكاك وفهم الظاهرة كما يجب قبل تناولها والكتابة عنها.

"زقاق المدق".. وانتشار الظاهرة
فيما قال الكاتب حلمي النمنم: إن ظاهرة أطفال الشوارع ليست جديدة، على المجتمع أو الأدب، فهي موجودة منذ أواخر القرن التاسع عشر، لكنها زادت في الأيام الأخير مع الكثافة السكانية.

وأشار النمنم أن معظم الروايات التي تناولت قضايا اجتماعية، تطرقت إلى ظاهرة أطفال الشوارع، وأشهرها رواية " زقاق المدق"، للأديب الراحل نجيب محفوظ.

وأضاف لا يمكن أن تدور أحداث رواية بأكملها حول ظاهرة أطفال الشوارع، فهو شئ صعب أدبيا، وإذا كان فلا يمكن أن نطلق على هذا العمل رواية.
الجريدة الرسمية