خايف على أنصار السيسي
نعم.. والسبب خوفي من وقوعهم في فخ التعصب للرجل "عمال على بطال"، سواءً أخطأ أم أصاب. أي يشنون حربًا ضارية ضد من ينتقد حتى لو كان محقًا، وحتى ولو كان يفعل ذلك من على أرضية ثورة 30 يونيو المجيدة، ناهيك طبعًا عن أن الانتقاد أيًا كان حق للجميع.
أتفهم بالطبع أن مناصري الرئيس الجديد قد أيدوه خوفًا على الدولة المصرية. فالأمور وصلت إلى درجة من الفوضى والانحطاط وتحتاج من وجهة نظرهم إلى شخصية قوية و"يا ريت من خلفية عسكرية"، لكي يعيد للبلد استقراره وانضباطه. بالإضافة طبعًا إلى توقعاتهم التي بشروا بها بنهضة اقتصادية وسياسية.
إذن فمناصرو الرجل اختاروه لأنهم يريدون تحقيق أهداف واضحة لا لبس فيها. وهذه الأهداف السياسية هي المعيار الذي نحكم به على أداء الرجل إذا كان سيئًا أم جيدًا. لكن للأسف هذا لا يحدث. فقد انتقل الأمر إلى خانة الدفاع المطلق على الرجل. حالة من الهوس لدى كثير من مناصريه تقفل باب النقاش العام وتسد أفق أي تطوير للأفكار. مستندين إلى كليشيهات عفا عليها الزمن. منها الاتهامات السهلة بالتخوين وعدم الوطنية ووجود مؤامرة كونية يشارك فيها العملاء.. إلخ.
صحيح أن هناك من معارضي السيسي يفعلون ذات الشيء. فإذا سار يمينًا انتقدوه وإذا سار في الاتجاه العكسي انتقدوه أيضًا. لكن الحقيقة أن درجة الهوس أكثر بكثير لدى أنصار الرئيس الجديد. والحقيقة أيضًا أنهم يتحملون المسئولية أكثر من معارضيهم لأن رجلهم الآن في السلطة.
ثم إن هذا الهوس وضعهم وسوف يضعهم في فخاخ من الصعب الخروج منها. فمثلًا إذا كان السيسي قد تعهد بأن يعمل المشروع الفلاني ولم يفعل. فلن يناقشوا الأسباب ويطالبوه بأن ينفذ ما تعهد به. لكنهم سيبررون له تراجعه. وإذا نفذ ذات المشروع سيهللون له. أي أن الهوس بالسيسي قد يدفعهم إلى قول الشيء وعكسه. أن يتخذوا مواقف متناقضة.
خطورة الأمر أنه يحول أنصار السيسي إلى قبيلة. أي يدافع أبناءها عن شيخها مهما فعل. وهذا يذكرني بما كان قبل ثورة يناير المجيدة. فقد كانت هناك قبيلة من المؤيدين وقبيلة من المعارضين. كلاهما يتبادل الاتهامات والشتائم. وليس هناك جهد مخلص لتطوير النقاش العام، ولا دفع البلد للأمام.
فأداء السيسي كموظف بدرجة رئيس جمهورية لن يتطور إلا بوجود نقاش عام لأدائه. والاشتباك مع سياساته ونقدها بشراسة سيساعدان في انتقاله من خانة العسكرية لخانة السياسة والحياة المدنية. فمن المهم أن يشعر الرجل طوال الوقت، ليس فقط بوجود سند شعبي له، لكن بوجود رقابة قوية عليه و"مستنية ليه السقطة واللقطة". فهذه هي السياسة، وهذه هي طبيعة وظيفة الرئيس الجديد.
هذا إذا كان أنصاره مع كامل الاحترام لهم، يريدون رئيسًا ناجحًا وليس دكتاتورًا باطشًا.