رئيس التحرير
عصام كامل

أرجوكم لا تفرحوا بمصادرة أموال الإخوان


نعم..إلا في الحالات التي يثبت فيها بالدليل القاطع أن رجل الأعمال الفلاني يمول بشكل محدد النشاط الفلاني المخالف للقانون. قبل الخوض في التفاصيل اسمح لي بأن أذكرك بأنه أثناء حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي، كان يتم استغلال أدوات الدولة للعصف بخصوم الإخوان السياسيين. يمكنك العودة إلى ما حدث مع نجيب ساويرس وعائلته على سبيل المثال. فقد دفعوا مبالغ ضخمة كنوع من الجباية. واضطرت العائلة إلى مغادرة مصر. 

أخاف من تكرار هذه التجارب المرة. فهذا العصف ضد محسوبين على الإخوان يتم بدون تقديم أدلة قاطعة على تمويلهم أنشطة غير قانونية. في حين أنه يتم الآن التصالح مع رجال أعمال رغم مخالفاتهم المالية الصارخة، وصفتها جريدة الوطن أنها جنائية ومنهم مجموعة "سوميد" التي يملكها رجل الأعمال المعروف دكتور هاني سري الدين. لست ضد التصالح، بل معه تمامًا. ولكني أتمنى بأن يكون معيار محاسبة رجل الأعمال ليس توجهه السياسي، لكن القانون ولا شيىء غير القانون. 

طبعًا ليست هناك مشكلة في أن يتحرى جهاز الكسب غير المشروع عن ثروات أحمد مكى ومحمود مكى. الأول كان وزيرًا للعدل في عهد الإخوان والثاني كان مستشارًا للرئيس مرسي. لكن بشرط أن يتم ذلك مع الجميع، وليس فقط من تعاونوا مع الإخوان أو كانوا منتمين إليهم. ناهيك عن تحفظي على هذا الجهاز، مع كامل الاحترام للقائمين عليه. لأنه تابع لوزارة العدل، أي تابع بشكل أو آخر للوزير، أي تابع لرئيس الحكومة ولرئيس السلطة التنفيذية. أظن من المهم أن أذكرك بأن هذا الجهاز لم يستدع أي إخواني أثناء حكم الإخوان. بل حقق ومنع من السفر رجال أعمال وصحفيين وغيرهم من المحسوبين على نظام مبارك. 

خطورة ما يحدث الآن في أمرين. الأول أن المصادرة أمر خطير، و أظن أنها تجافي القانون، فهي في حد ذاتها عقوبة. وثانيا الجريمة طبقًا لروح القانون يجب أن تكون شخصية، أما المصادرة، أي تدير الدولة المال بدلًا من صاحبه، فهي عقوبة جماعية لكل من يعملون في هذه الشركات. 

الأخطر في الأمر هو أنه يوصل رسالة سلبية، ليس لرجال الأعمال المحسوبين على التيار الإسلامي، ولكن للجميع. وهي أن السياسة هي التي تتحكم في الاقتصاد. ومن ثم فمن يحكم يعصف بخصومه. وإذا كنت أنت اليوم ممن يؤيدون النظام الحاكم وفي مأمن. فمن الوارد أن تكون غدًا معارضًا أو مغضوبا عليك. وهذا بالضرورة سوف يدمر تشيع الاستثمارات، ونحن أحوج من يكون لها. فمن الذي يأمن على ماله في مناخ صعب مثل الذي نعيشه. 

أظن أن مؤيدي النظام الحالي يجب أن يوافقوني قبل معارضيه، على أن هدفنا جميعًا يجب أن يكون بناء دولة العدل والقانون. فهي الحامي لنا جميعًا مهما تقلبت السياسة. 
الجريدة الرسمية