رئيس التحرير
عصام كامل

حكومة محلب الثانية


انتهى مشهد الانتخابات الرئاسية كما الحال للاستفتاء على الدستور، وجاءت حكومة المهندس إبراهيم محلب الثانية لتبدأ أمس مسيرتها لاستكمال خارطة المستقبل وإنجاز الاستحقاق السياسي الثالث للمصريين بالإعداد لانتخابات نيابية.

عشرون وزيرا من حكومة محلب الأولى التي حلفت اليمين الدستورية أمام الرئيس السابق عدلي منصور أول مارس الماضى، كرروا صباح أمس الثلاثاء ذات اليمين أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو ما فعله محلب مع حكومة الببلاوى تماما حين أبقى على 20 وزيرا بها وأضاف 12 آخرين، كما فعل وأضاف 14 جددا هذه المرة مع تسمية مشرف على المجلس الوطنى للإعلام ونائب لوزير التعليم لشئون التعليم الفنى.

ولم يغير محلب كثيرا من تصورات سابقيه فأبقى على 4 حقائب وزارية للمرأة كما استحدث وزارة للتطوير الحضارى والعشوائيات لا جدوى حقيقية لها إذا ما توقفنا أمام وزيرة "بيئة" سابقة وراجعنا ضرورات الاستعانة بها "تحديدا"، خاصة في ظل وجود أجهزة تنفيذية ذات صلة أكبر وأكثر تخصصًا في التعامل مع قضايا التطوير الحضارى والقضاء على العشوائيات وتنمية المناطق المحرومة، وأغلبها يتبع رئاسة الوزراء كصندوق تطوير العشوائيات، والمحافظين والإسكان والتنمية المحلية وغيرها.

ولن أتوقف كثيرا أمام الإصرار على إبقاء وزراء انتقاليين في حكومة "تأسيسية" تباشر صلاحياتها ومهامها الآن في ظروف أقرب إلى الطبيعية، حيث التكاتف الشعبى مع مؤسسات الدولة ضد جماعات العنف والإرهاب المسلح التي كانت "حجة" حكومة الببلاوى في تعطل إنجاز تنمية حقيقية واستعادة الدولة سيطرتها على أطراف خيوط إدارة الاقتصاد، لكن الملفت للنظر هو إصرار محلب على الاحتفاظ ببعضهم رغم هشاشة أدائه خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مع استحضار تكنوقراط جدد من الصفوف الخلفية لأجهزة الدولة، بطريقة تثير التساؤل حول ماهية حكومته الثانية، هل هي تكنوقراط حقيقية تسعى لإنجاز استحقاقات متأخرة للمصريين عن ثورتين رفعوا خلالهما شعارات العيش والحرية والعدالة والكرامة، وكررها السيسي في أول خطاباته فور فوزه بالرئاسة ؟ أو أن محلب لدى من الشعور والحس والخبرة العملية ما يبنى لديه قناعة بأن الأحزاب والجماعات السياسية في مصر خالية من الكفاءات أو هي بالضرورة عاجزة عن تقديمها وقت الجد ؟!

الرئيس السيسي، وفى حدود صلاحياته الواردة في دستور 2014، مسئول عن إنجاز تلك الاستحقاقات المتأخرة للمصريين، وحكومة محلب ومعها مجلس النواب المقبل والذي سيجسد مع المجالس المحلية المنتظر انتخابها، توليفة الإصرار الشعبى على المشاركة في صنع القرار وضبطه عبر آليات التشريع والرقابة، مطلوب منهم جميعا استعادة المشروع الوطنى لمصر، وإعادة دمج كل الفئات فيه، والمهمة أكثر ثقلًا على الرئيس والحكومة تحديدا خلال الأسابيع القليلة التي تسبق حضور المجلس النيابى، فأعضاؤه لن يحسن الجوعى والمهمشون اختيارهم إذا ما شعروا بانعدام جدوى المشاركة السياسية وأثرها وانعكاسها على حياتها الاقتصادية والاجتماعية بالإيجاب، ولنا في مراجعة مشاهد الاستفتاءات والانتخابات دليل، فكلما كثرت وتكررت وسط غياب وتأخر الاستحقاقات، عاد المصريون إلى السكون والانخراط في دوامة الظروف الطاحنة، وتقلبت أمزجتهم لتعيد إنتاج حالة الإنطواء والقبول بأفكار تصف أوضاعها بالأقدار المحالة إلى السماء، وتلك سمة المجتمعات المواتية لتوسعات بيئة الإرهاب والتطرف.

لن يدخر أحد جهده في دعم حكومة تحلف اليمين في السادسة صباحًا ويخرج وزراؤها من القصر الجمهورى إلى أعمالهم ليباشروا مصالح الشعب، ولن يتوقف أحد أمام هوية وخلفية أي من أعضائها طويلًا إذا ما أنجز المراد منه على أكمل وجه، ولن يتسامح معهم أي مواطن سيضطر حال إخفاقهم في دعم استحقاقاته، إلى السير في طريق آخر معروف ومعلوم بالضرورة للكافة، يسهل فيه إعادة إنتاج أنظمة ومجتمعات قامت من أجل محوها ثورتا يناير ويونيو.
الجريدة الرسمية