رئيس التحرير
عصام كامل

الثقة


تعتمد العلاقات بين الناس على الثقة، فهى الإيمان بأن كل الأقوال والأفعال والتعهدات التى تصدر من الطرف الآخر هى صادقة وخالية من مظاهر الكذب والخداع وتدبير المؤامرات وهو ما يترتب عليه الوقوف على أرض سليمة ومستقرة للطرفين تضمن العمل الإيجابى وتنأى عن العمل السلبى الذى يستهلك الطاقات فى الدفاع وصد العدوان الآخر .


وما نراه هذه الأيام من تنامى الخداع والزيف وتناقص الثقة والصراحة بين الناس هو أمر غير محمود حيث لم يعد لدى الإنسان القدرة على أن يوجه طاقاته للعمل بقدر ما هو بحاجة إلى أن يوجه طاقاته للدفاع عن نفسه أو الهجوم لدفع هجوم آخر أو الاحتياط بحشد الموارد الفكرية والمادية لترقب الخداع من الناس من أين سيأتى ومتى سيأتى حتى أصبح ترقب الخداع والاحتياط له من الأولويات فى الشك قبل الاطمئنان ويخضع فيه الفرد إلى اختبارات تستهلك الوقت والجهد للتأكد من أن هذا الفرد يمكن الاعتماد عليه وحتى بعد هذه الاختبارات لا نستطيع أن نجزم أن الخداع قد انتهى .. فالكثيرون يتقنون الوجوه المتقنة التى لا نستطيع منها استكشاف الحقيقة .

وكثيرًا ما نفقد الثقة فى كل من حولنا من كثرة ما تعرض له الإنسان من خداع وخيانات كونت عنده قناعات بأن الناس جميعا كذلك وأن الفلسفة السائدة فى فلسفة الخيانة ولكنها فى الواقع ليست هى الحقيقة .

إن التعميم فى كل الصفات الحميدة أو غير الحميدة هو بالطبع من عدم الحيادية فالثقة بين الناس موجودة وإن قلت والصراحة موجودة وإن انتشر الكذب ولكن هناك تفشٍ لصفات كثيرة غير محمودة طغت على وجود الصفات الحميدة لتظهر صورة جديدة لمجتمعنا تكون الغلبة للسيئ فلا يرى منه أى حسن مع وجوده فى الحقيقة .

إن الثورة على الأخلاق المتردية لابد وأن تتجسد فى محاولة تعليم أطفالنا كيف يمكن أولًا نبذ الكذب وتعليمهم القدرة على المواجهة لأن الكاذب هو من لم يقدر على مواجهة الأحداث ليهرب إلى كذبة صغيرة تتبعها كذبة أكبر وأكبر حتى يتحول الفرد إلى كذاب لا يثق فيه أحد، فلا يوجد منا من يريد أن يترك أرضه الصلبة وينتقل إلى الوقوف على أرض غير مستقرة لإنسان كذاب .

الجريدة الرسمية