رئيس التحرير
عصام كامل

الإخوان يحتفلون بعيد الحب فى سرية تامة خوفا من السلفيين!

فيتو

أنا الأنثى الوحيدة فى درب الفشارين، لذا كان لزاما على ‏زملائى أن يغمرونى فى هذه المناسبة بالقلوب الحمراء ‏والورد الطبيعى الذى أعشق رائحته.. اجتمع زملائى بدرب ‏الفشارين هنا فى منزلى كعادتهم كل عام، وفى مثل هذه الأيام ‏‏"عيد الحب" وتبادلنا التهانى، وحديث السمر وذكرياتنا ‏الجميلة.. فكلهم يحبوننى- زى أختهم طبعا علشان محدش ‏يفهم غلط-.. أبوطقة أهدانى قلبا أحمر، وسحلول القاضى ‏أهدانى باقة ورد بنفسجى، أما عرفة بستلة فأهدانى وردة ‏بيضاء يانعة وقصيدة شعر مخملية. ‏


امتدت سهرتنا حتى منتصف الليل.. ورحل الجميع ليتركوا ‏خلفهم هذا الجو البديع من المحبة والحنان.. جلست أمام ‏التلفاز ففوجئت بإعادة لخطاب الرئيس محمد مرسى وهو ‏يقول: "بالحب وحده نستطيع أن ننهض بمصر، ونخرج بها ‏من أزماتها".. أخذتنى عبارة مرسى إلى عبارات أخرى مثلها ‏تدعو للحب، كان قد ذكرها فى خطاباته السابقة وتلقفها ‏الشباب بالسخرية على مواقع التواصل الاجتماعى دون أن ‏يعلموا حقيقتها والدوافع الخفية التى تدفع مرسى لتكرارها.. ‏‏"بالحب وحده نستطيع أن نخرج من عنق الزجاجة".. ‏‏"بالأحضان والتفانى نستطيع عبور المرحلة الحرجة".. ‏

وكثير من تلك العبارات الداعية للحب التى يطلقها مرسى عبر ‏خطاباته.. لم تكن عشوائية بقدر ما هى معبرة عن أن الرئيس ‏قد مر خلال سنوات انضمامه لجماعة الإخوان بقصة حب ‏ملتهبة.. فالحب فى حياة الإخوان المسلمين له قصص ‏وروايات، وبحكم علاقتى الوثيقة بهم واقترابى منهم طيلة ‏سنوات الشقاء والنضال ضد النظام السابق وبحكم معرفتى ‏بقيادات الجماعة على مستوى العالم.. كنا نتجالس ونتسامر.. ‏فعرفت معظم قصص حبهم الملتهبة.. فقصة حب المرشد ‏‏"بديع" أقرب لقصة حب نائبه الشاطر، لكنهما يختلفان تماما ‏عن قصة حب البلتاجى والعريان.. أما إسماعيل هنية والشيخ ‏القرضاوى فالحب عندهما له مآرب أخرى.. كل تلك ‏القصص دائما ما أتذكرها معهم فى مثل هذه الأيام من كل عام ‏التى توافق عيد الحب وذكرياته الجميلة..‏

الإخوان يحتفلون بعيد الحب مثلهم مثل كل المحبين فى ‏العالم.. لكن على طريقتهم.. فبالأمس وصلتنى رسالة من ‏خيرت الشاطر يقول فيها: "كل سنة وأنت حبيبى.. كل سنة ‏وأنت معايا".. أما رسالة بديع فكانت: "فاتت سنة حتى ‏الجواب منكم ماوصلشى.. مقدرش أنا.. ع البعد ده أنا ‏مقدرشى".. العريان وصلتنى رسالته صباح اليوم.. يقول ‏فيها: "بحبك مش هقولها.. خوفى عليك يمنعها.. عايز تسمعها ‏ليه.. إنت عارف يا حبيبى القدر مخبى إيه؟".. أما الريس ‏مرسى فقد طلبنى تليفونيا وقال: كل سنة وانتى طيبة ‏يا سطوطة هانم.. وعيد حب سعيد عليكِ وعلى مصر كلها!.. ‏قلت: وانت طيب ياريس.. كويس إنك محافظ على العادة ‏بتاعتك فى كل عيد حب، والرئاسة لم تأخذك عنا.. وإن شاء ‏الله يكون وشك حلو على مصر ووش مصر حلو عليك!.. ‏قال: انتى أول واحدة تقولى لى وشك حلو على مصر ‏يا سطوطة هانم.. بالحب يا سطوطة سنتغلب على كل ‏المصاعب.. كل شىء بالحب ولازم كلنا نحضن بعضنا!.. ‏قلت: طبعا وكمان بالبوس ياريس كل حاجة هتيجى وحدها إن ‏شاء الله!.. ضاحكا قال: بوس إيه بس يا سطوطة.. الله ‏يجازيكى؟!.. قلت: وهل توجد أحضان دون بوس ياريس؟!.. ‏قال: عموما كل سنة وانتى طيبة وعيد حب سعيد عليكِ.. وإن ‏شاء الله كلنا هنتجمع فى مكتب الإرشاد هذه الليلة، وياريت ‏تشرفينا انتى وزملاؤك فى درب الفشارين.. لكن كما تعلمين ‏يا سطوطة هانم فهذه ليست دعوة للجميع.. فنحن أمام الشعب ‏لا نحتفل بمثل هذه المناسبات، ولو علم السلفيون بذلك ‏سيخرجون فى جمعة عيد تكفير الإخوان، وليس عيد الحب!.. ‏قلت: أنا أفهم ذلك يا مرسى بيه.. وكالعادة سيقتصر الاحتفال ‏على مجموعة مكتب الإرشاد ومجموعة درب الفشارين.. ‏وكل سنة وانت طيب.. وربنا يجعل حياتك كلها حب فى حب!‏

التقينا فى مكتب الإرشاد.. الجميع حاضرون.. قادة الإخوان ‏وعظماء الفشارين فى مكتب المرشد.. مبنى الإخوان فى ‏المقطم يخلو من الجميع، سوى أعضاء الحفل السرى.. اللهم ‏إلا شباب الأمن الذى يحرس مداخل ومخارج المبنى ويمنع ‏الدخول لكل من هو ليس مدونا فى قائمة أسماء المحتفلين.. ‏الجميع يهنئ الجميع.. ‏

فى البداية تحدث إلينا المرشد قائلا: كل عيد حب وانتم طيبين ‏وربنا يجمعنا دائما على المحبة.. فحب بعضنا لبعض هو الذى ‏مكننا من حكم مصر، وخاصة حب الفشارين لنا وحبنا لهم ‏ومعاونتهم لنا بقيادة الكبير أبوطقة واستخدام علاقاتهم بقادة ‏دول العالم فى دعمنا فى جميع مراحل الوصول إلى ‏الرئاسة!.. وهنا أشار إليّ أبوطقة وقال له: تفضل يا كبير.. قل ‏لنا كلمة بالمناسبة الحلوة دى..‏
التقط أبوطقة طرف حديث المرشد وقال: طبعا كان لازم ‏ندعم الإخوان المسلمين؛ لأنهم كانوا مضطهدين من النظام ‏السابق مثلنا تماما.. فدعمناهم بكل الحب حتى خطفوا الثورة ‏من الشباب.. وطبعا ده كان دون قصد منا؛ لأننا كنا نظنكم ‏تسعون مثلنا لصالح الوطن وليس للوصول للسلطة على ‏حساب الثورة.. ثم الإلقاء بها وبشبابها فى سلة المهملات.. ‏ودعمناكم أيضا للوصول للحكم ليس حبا فيكم ولكن كرها ‏فى شفيق.. ثم فوجئنا بكم لا تحبون إلا أنفسكم أيها الإخوان.. ‏وأنا قبلت الدعوة هذا العام كى أذكركم أن احتفالاتنا معا بعيد ‏الحب طوال السنوات الماضية كانت لأننا كنا نحسن الظن ‏بكم، أما هذا العام فأنا ليس عندى كلمات تصف حبى لكم.. ‏لأنه أصبح غير موجود بالمرة بعد أن استأثرتم بالتورتة ‏وحدكم!‏

وأخذ الجميع ينظر للجميع فى استغراب من كلام أبوطقة فى ‏مثل هذه المناسبة، فالتقط طرف الحديث أخونا خيرت ‏الشاطر وقال: أنا طبعا ألتمس العذر للصديق أبوطقة لأنه لم ‏يجرب العمل تحت ضغط الشعب وإلحاح المعارضة فى ‏إفشال الجماعة، لكنى اليوم أقدم هذا الدرع للكبير أبوطقة كى ‏يعلم مدى محبتنا له، بالإضافة لهذا المبلغ المالى المتواضع ‏لمجموعة الفشارين حصادا لهم لما بذلوه معنا من جهد..‏
صفق الجميع للشاطر والتقط الزميل سحلول طرف الحديث ‏وقال: لقد كان أبوطقة بيه يعبر عن غضبه من طناش الإخوان ‏طيلة الفترة الماضية وتجاهلهم لمدى الحب الكامن فى القلوب ‏بيننا وبينكم.. لكنى أريد أن أعرف كم هو المبلغ المدون فى ‏الشيك يا خيرت بيه؟! ‏

وهنا التقط الكتاتنى طرف الحديث وقال: إنه مبلغ بسيط ‏عبارة عن خمسة ملايين جنيه.. يقوم بتوزيعها الكبير أبوطقة ‏بمعرفته على زملائه من أحبابنا فى درب الفشارين..‏
موجة تصفيق أخرى.. تحدث بعدها الزميل عرفة بستلة ‏قائلا: مضطرون أن نقبل هذا المبلغ لإثبات المحبة بيننا ‏وبينكم.. وكل عام وأنتم بخير.. ولا عزاء للشعب المصرى..‏

هنا تبادل الجميع العناق والقبلات.. والتففنا حول المائدة التى ‏أعدها المرشد بهذه المناسبة واقترعنا كئوس العرق سوس ‏ثم أشار المرشد للرئيس مرسى بالحديث فقال مرسى: كل ‏سنة واحنا أحباب.. تجمعنا الأحضان والمحبة.. فبالحب وحده ‏وبالأحضان نفعل المستحيل.. وأخرج من جيبه علبة محلاة ‏بالقطيفة الحمراء وفتحها ليظهر بداخلها عقد ذهبى تتخلله ‏حبات من الماس.. فأشار لى وطوق به رقبتى وقال لى: كل ‏سنة وانتى طيبة يا سطوطة هانم..‏

فصفق الجميع.. وشكرته.. فأشار العريان للعقد وقال: هذا ‏الماس من المناجم التى سيطرنا عليها بعد أن كان مبارك ‏يستمتع بها وحده هو وأسرته.. وهناك مجموعة من ‏المشغولات الذهبية التى استخلصناها من منجم السكرى.. لكل ‏فرد منكم أيها الأحباب تعبيرا منا عن مدى حبنا لكم وحرصنا ‏على توطيد المحبة معكم أيها الفشارين العظام!‏
فقال البلتاجى: طبعا يا أحباب.. كل ما يحدث الآن ليس ‏للنشر.. وأرجو أن يظل سرا بيننا.. ونأمل أن يتكرر كل عام ‏إن شاء الله..‏
‏ فنظرنا نحن الفشارين لبعضنا البعض وقلنا فى نفس واحد: ‏‏"فى بييييير يا معلم"!‏
ثم التهمنا معا خروفا مشويا وديكا روميا محشوا جلبوه لنا ‏من مزارع الإخوان.. وجلسنا نتسامر ونتذكر مع الإخوان ‏قصص حبهم التى لن ننشرها مراعاة للحب والمودة.. وقبل ‏انتهاء الحفل الساهر قال أبوطقة وهو يفتح ذراعيه لمصافحة ‏المرشد: طبعا أحباب وإلى الأبد!‏
فهمست له فى أذنه: أكيد الجماعة عايزين مننا حاجة تانى فى ‏الأيام الجاية!.. فقال: ما دام أنهم طماعون فنحن كسبانون.. ‏الحب يا سطوطة الحب.. كل سنة وانتى طيبة!‏

" نقلا عن العدد الأسبوعى"
الجريدة الرسمية