رئيس التحرير
عصام كامل

سيادة الرئيس "مصر مش شركة..مصر وطن"


من المؤكد أنه أمر طيب أن يؤكد السيسي في خطاباته، أننا نحتاج لأن نصحو فجرًا للعمل. فهو نفسه لن ينام. ومن المؤكد أيضًا أنه قال أفكارا جيدة. منها مثلًا الظهير الصحراوي لمحافظات مصر لاستزراع آلاف الأفدنة. ومنها ترشيد الإنفاق على الطاقة.. وغيرها من الأفكار الجادة والجذابة. 

لكن مع كامل الاحترام لهذه الأفكار، فهي لن تبني اقتصادًا قويًا يخرج البلد من أزمتها الطاحنة. ربما مثل هذه الطريقة في التفكير تصلح لإدارة المؤسسات الاقتصادية للجيش المصري، والتي كان يتولاها سيادة الرئيس باعتباره كان وزيرًا للدفاع. فهذه المؤسسات ونجاحها من الصعب القياس عليه. السبب أنها مؤسسات لديها "عماله ببلاش" تقريبًا. وثانيا لأنها معفاة من الضرائب. ومن هنا لا يمكن الاطمئنان لأن نجاحها يعني أن القائمين عليها يستطيعون النجاح الاقتصادي في حياتهم المدنية. لأن الأمر مختلف كما يعلم القارئ الكريم، وكما يعلم سيادة الرئيس. ناهيك عن أنه في النهاية هذه طريقة لإدارة الشركات وليس للأوطان.

فكيف يتم حل الأزمة الاقتصادية الطاحنة للبلد؟ 
لست خبيرًا اقتصاديًا، ولكن هناك خطوات من الصعب أن يختلف عليها اقتصاديون أو سياسيون، مناصرو السيسي أو معارضيه. وأولها هي ضرورة ضخ استثمارات في شريان الاقتصاد سواء من الداخل أو الخارج. وهذا يحتاج إلى الكثير من الإجراءات على الأرض. أظن أن أهمها على الإطلاق هي الاستقلال الكامل للقضاء. 

لماذا؟ 
لأن هذا يخلق بيئة عمل آمنة لأية أموال. فلا يصبح أمانها مرهونًا بالوضع السياسي أيًا كان. أقصد أن القضاء هنا يعمل بشكل مهني تمامًا ولا علاقة له بالسياسة ولا علاقة له بالسلطة الحاكمة ولا بباقي سلطات الدولة ومنها السلطة التشريعية. أي ليس شرطًا أن تكون قريبًا من الذين يحكمون بشكل أو آخر حتى تكون آمنًا على استثماراتك في مصر. 

لكن تحقيق هذا يحتاج إلى إرادة سياسية وليس إلى كلام مرسل. أقصد إصدار قانون بالاستقلال الكامل للقضاء. ينهي سطوة وزير العدل على القضاة من خلال التفتيش القضائي. ولعل القارئ يذكر أن هذا الجهاز تم استخدامه ضد قضاة أعلنوا انحيازهم للإخوان أثناء حكمهم. في حين أنه لم يفعل ذات الشىء مع القضاة الذين كانوا يعارضون الإخوان ويعلنون جهارًا نهارًا أنهم مع الجهة الأخرى. والأمر هنا ليس أن تكون مع الإخوان أو ضدهم. لكن أن تكون مع الاستقلال أو ضده. 

الأمر الثاني إنهاء جهاز الكسب غير المشروع، ومع كامل الاحترام للقائمين عليه، إلا أنه يتم استخدامه ضد الخصوم السياسيين في كل العهود، ويتم استخدام السلاح البطار وهو المنع من السفر ضد الخصوم. مثلما حدث على سبيل المثال مع عائة ساويرس في عهد الإخوان. 

وبالمثل لابد من إنهاء تبعية الطب الشرعي لوزارة العدل، وإلحاقه مثلما طالب كثيرون إلى الهيئة القضائية، حتى يكون تحت ولاية المجلس الأعلى للقضاء. وحتى لا يتحول القضاء إلى جمهورية مستقلة فوق الدولة والدستور، مثلما فعل مجلس الدولة عندما رفض تعيين النساء قاضيات فيه. 

هذه بعض الأفكار التي تؤسس لدولة مؤسسات قوية قادرة على النجاح، وليست شركة قطاع يسيطر عليها شخص أو تيار سياسي
أو مؤسسة من مؤسسات الدولة. 
الجريدة الرسمية