رئيس التحرير
عصام كامل

وقفة قبل البداية


ما جرى قبل وأثناء الانتخابات الرئاسية لا يجب أن يمر مرور الكرام..لابد أن نتوقف ونتأمل ونناقش ونحلل ما كان حتى نتجنب ما حدث من أخطاء فنتلافاها حتى لا تتكرر في قادم الأيام..وحتى نتبين الإيجابيات فنؤكد عليها.. فكثير مما جرى كانت له تداعيات يبدو أن بعضها سيبقى أثره معنا لفترة من الزمن.. 

اللجنة العليا للانتخابات..المُرَشَحان..الإعلام..الشعب..أو الناخبون هم عناصر العملية الانتخابية وكل ٌ منهم له دوره المؤثر والمتأثر في الوقت نفسه بغيره من هذه العناصر..

- اللجنة العليا للانتخابات.. للأسف الشديد كانت اللجنة من عينة  "سيد قراره ".. حصنت قراراتها من أي نقد أو مراجعة وبالتالى أعطت لنفسها الحق في أن تكون خصمًا وحكمًا للقوى السياسية في الوقت نفسه..أصدرت قرارات كان لها تداعيات سلبية على العملية الانتخابية سواء ما تعلق بلجان الوافدين..أو بتمديد العملية الانتخابية ليوم ثالث..لقد حرمت بقرارها الأول كتلة كبيرة من الوافدين من المشاركة مما أثار استياء هذه الكتلة لرغبة الكثيرين منهم في المشاركة وممارسة حقهم الانتخابى.. 

أما فيما يتعلق بقرار تمديد الفترة الانتخابية ليوم ثالث والذي جاء استجابة "لولولة" بعض متأعلمي الفضائيات الخاصة..فأولًا هذا اليوم لم يكن فارقًا وكان الإقبال فيه محدودًا وغير مؤثر على نتيجة يومى الانتخابات..بل على العكس لقد أعطى الفرصة للمشككين لإثارة الشائعات والبلبلة وهو أمر أضر بصورة الانتخابات رغم نزاهتها ورغم نتيجتها المحسومة خلال اليومين الأولين.. 

- المُرشحان..السيسي وحمدين..للأسف الشديد كلاهما أضر نفسه من حيث لا يحتسب..كما أضرت بهما حملاتهما من حيث أيضًا لا تحتسبا..ورغم أن النتيجة كانت متوقعة وشبه محسومة من قبل بداية الانتخابات إلاّ أننا لابد وأن نتوقف أمام هذه الأخطاء حتى لا تتكرر مع أي مرشح آخر قادم.. 

صحيح أن الأعداد التي خرجت للانتخابات لم تكن قليلة ولكنها لم تكن الأعداد التي توقعناها أو على الأقل توقعتها الحملتان..الإقبال لم يكن كما كان مأمولًا.. خابت كل التوقعات..وأعتقد أن كلا الحملتين الانتخابيتين لم تُقدر الموقف تقديرًا سليمًا ولم تعرف أو تدرس طبيعة الشعب المصرى جيدًا.. 

حملة حمدين..اعتمدت على تثوير الشارع.. ولم تُقدر أن الناس زهقت..وبعضها كفر بالثورة.. فعلى مدى ثلاث سنوات لم تُحقق لهم الثورة شيئًا بل زادت متاعبهم ومشاكلهم..وبالتالى اللعب على وتر الثورة ومرشح الثورة لم يٌوجد مع الشارع.. 

حملة السيسي..اعتمدت على تلبية الشارع لنداء السيسي في 3 و26 يوليو..واعتقدت أن حب الناس للسيسي وحده كفاية للإقبال على صناديق الانتخابات..وفاتهم أن الحب وحده لا يكفى..وأن القوى المضادة ظلت تلعب دورها حتى داخل لجان الانتخابات.. 

حملة حمدين..ظلت تعمل على التشكيك في السيسي وأنه سيحكم باسم الجيش..و لعبت على وتر عودة الحكم العسكري.. وفاتها أن الناس مازالت ترى في ثورة يوليو التي قام بها رجال الجيش هي الثورة التي أنصفتهم اجتماعيًا.. فخسرت حملة حمدين هذا الجانب.. 

حملة السيسي..اعتمدت على بعض الوجوة من عصر مبارك.. حتى ولو كانوا شرفاء فإنهم محسوبون على مبارك.. وبالتالى ظهرت الحملة من خلال وجوة محروقة جماهيرًا.. فخسرت جزءًا كبيرًا ممن لازالوا يُعانون من حكم مبارك..

حملة حمدين..أطلقت وعودًا براقة..أغلبها ينحو نحو الخيال أكثر من الوقع فلم يُصدقه كثيرون.. فخسرهم.. لأنهم شبعوا أحلامًا.. 

حملة السيسي..اعتمدت على الصراحة أكثر من اللازم..فشعر كثيرون بأنهم لن يحققوا معه شيئًا..وأن الأمور ستبقى على ما هي عليه..فخسر أصحاب الأحلام البسيطة..وهم كثر.. 

و فات الحملتان..أن الإخوان يلعبون ضدهما..وأن قوتهم المادية مازالت تلعب بجيوب الناس قبل عقولهم.. كما لعب عدد من رجال أعمال عصر مبارك أيضًا دورا سلبيا في اﻻنتخابات.. 

- الشعب أو بالأحرى الناخبون كان لها أثر كبير فيما جرى.. تقريبًا نصف الكتلة التصويتية أحجمت عن المشاركة.. اعتقادًا منهم أن أصواتهم غير مؤثرة وأن النتيجة محسومة لصالح مرشح الشعب "السيسي".. فبعضهم عوَّل على ذلك وبعضهم تصور أن صوته تحصيل حاصل.. وبعضهم مل من كثرة الانتخابات المتوالية على مدى الثلاث سنوات الماضية..وبعضهم تصور أنه ليس هناك أمل وانساق وراء الدعايات المضادة..المهم أن نسبة المصوتين لم تكن كما كان مأمولًا.. 

- أما الإعلام..فحدث ولا حرج.. لقد لعب إعلام عصر مبارك دورا سلبيًا للغاية عندما صور للناس أن فوز السيسي مضمون.. بصراحة عملوا البحر طحينة للبسطاء من هذا الشعب..طنطنوا.. وهللوا وكأن الأمر محسوم..فتواكل الكثيرون ممن لم ينزلوا للإدﻻء بأصواتهم..للأسف خدعهم متأعلمو الفضائيات الخاصة.. وانطلت اللعبة على الكثيرين من البسطاء..

ثم خدعوهم مرة أخرى عندما ولولوا وصوروا للناس أن نسب الإقبال ضعيفة ومتدنية وأخذوا يتبارون في إظهار ولائهم للقادم إلى قصر الرئاسة.. ويُطالبون الناس بالنزول بطرق فجة وفاشلة.. مما صور الأمر وكأن العملية الانتخابية فشلت..و ضغطوا على اللجنة العليا للانتخابات لتمديدة مدة الفترة الانتخابية..و للأسف سقطت اللجنة في فخ المتأعلمين الفشلة ممن صدقوا الإشاعات المضادة ولم يكلفوا أنفسهم التأكد من نسب المشاركة الحقيقية.. لقد صنع هؤلاء المتأعلمون من أنفسهم وأنفسهن زعماء بالتهليل والصراخ لا لشىء إلاَّ لمصلحتهم الخاصة ولو كانت على جثة الوطن.. 
كل هذه العوامل والأسباب علينا التوقف أمامها.. ويجب ألا تمر دون تأمل وتحليل لمصلحة الغد القادم والذي علينا أن نعمل يدًا بيد ليكون أفضل. 
الجريدة الرسمية