الثورة مش بالعافية
دون شك، أهداف ثوار الميادين نبيلة وعظيمة.. بل ودعنى أعيد ما كتبته وقلته مرات من أنهم هم الضمانة الأهم والأقوى لكى تستريح بلدنا فى حضن دولة علمانية ديمقراطية، تحمى وتدعم التساوى المطلق فى الحقوق والوجبات. ودعنى أقول أيضاً ما أكدته مرات من أنهم لا يخضعون ولا يجب أن يخضعوا للصفقات السياسية الرخيصة التى باعت وأتمنى ألا تبيع مستقبل بلدنا.
هذا النبل لا يعنى عدم وجود أخطاء فادحة جعلت القوى الديكتاتورية ( المؤسسة العسكرية والتنظيم السرى للإخوان وحلفائه)، يحققون مكاسب لا يستحقونها أوصلتهم لأن يجسموا على قلب البلد.
من هذه الخطايا أن يتصور الثوار أن قطع الطرق وإيقاف المترو ومنع دخول الموظفين إلى مجمع التحرير... الخ ، سيجعل الناس يتعاطفون معهم ويستمعون إليهم أو يدركون أنهم يضحون بأنفسهم من أجل هذا الشعب. للأسف هذا لن يحدث وخاصة من تلك القطاعات التى لم تكن وقود الثورة، وكانت مجرد داعم من بعيد.
أضف إلى هؤلاء ملايين من المصريين كانوا ينظرون بريبة إلى الثورة وأهدافها، وكانوا ضد تغيير النظام السابق، فهم فى الأغلب ضد أى تغيير. فليس صحيحاً ما نقوله لأنفسنا ليل نهار، بأن نظام مبارك كان عبارة عن عصابة من الفاسدين. ولكنه كان أيضاً وهذا هو الأهم، تعبير عن مصالح فئات اجتماعية متنوعة كانت ترى فى نظام مبارك رغم عوراته أفضل اختيار ممكن. وهؤلاء ظهرت قوتهم التصويتية عندمما ترشح عمر سليمان، وعندما أعطوا أصواتهم لأحمد شفيق.
هذه القطاعات لا تختلف فى الجوهر على أهداف الثوار، وتكاد تقتنع من أن ما تعانيه البلد ليس سببه الثورة ولا الثوار، ولكن سببه الأساسى جرائم المجلس العسكرى، ومن بعده جرائم التنظيم السرى للإخوان. ولكنهم يحتاجون إلى تفاعل مباشر، يفهمهم ويحولهم من طاقة سلبية أو محايدة إلى طاقة إيجابية لصالح بلدنا.
فهؤلاء هم الجيش الحقيقى الذى يجب أن يحمى أهداف الثوار النيلة، فلا تتركوهم يقعون فى الفخ ويدعمون القوى الفاشية.