رئيس التحرير
عصام كامل

"هابى فالنتاين"..3


بعدما أنهى "عمر بن أبى ربيعة"، إلقاء قصيدته فى حب "نعم"، حمل "قيس بن الملوح"، مجنون "ليلى"، أوراقا، قرأ منها:
تَـذَكَّـرتُ لَـيـلى وَالـسِـنينَ الـخَوالِيا

وَأَيّـامَ لا نَـخشى عَـلى الـلَهوِ ناهِيا
بِـثَمدَينِ لاحَـت نـارَ لَـيلى وَصَحبَتى
بِذاتِ الغَضا تَزجى المَطِيَّ النَواجِيا
فَـقـالَ بَـصيرُ الـقَومِ أَلـمَحتُ كَـوكَباً
بَــدا فــى سَـوادِ الـلَيلِ فَـرداً يَـمانِيا
فَـقُـلتُ لَــهُ بَــل نــارَ لَـيـلى تَـوَقَّدَت
بِـعَـليا تَـسـامى ضَـوؤُهـا فَـبَـدا لِـيا
فصفق الحضور بحماس غريب إلا أنا، و"أنيس منصور"، الذى همّ بالانصراف لولا أن بعضا من رفاقه أقنعوه بالبقاء، فجلس قبل أن يأخذ "جميل بن معمر"، مكانه على المنصة متغزلا فى محبوبته منشدا شعرا يمتلئ بشكاوى النفس وما يلاقيه المحب المتيم من تباريح الوجد، فقال:
أَلا لَــيــتَ رَيــعـانَ الـشَـبـابِ جَــديـدُ
وَدَهــــراً تَــوَلّــى يـــا بُـثَـيـنَ يَــعـودُ
فَـنَـبـقـى كَــمـا كُــنّـا نَــكـونُ وَأَنــتُـمُ
قَـــريــبٌ وَإِذ مــــا تَـبـذُلـيـنَ زَهــيــدُ
وَما أَنسَ مِنَ الأَشياءِ لا أَنسَ قَولَها
وَقَـــد قُـرِّبَـت نَـضـوى أَمِـصـرَ تُـريـدُ
وَلا قَـولَـها لَـولا الـعُيونُ الَّـتى تَـرى
لَــزُرتُــكَ فَـاِعـذُرنـى فَــدَتـكَ جُـــدودُ
خَـلـيلَيَّ مــا أَلـقى مِـنَ الـوَجدِ بـاطِنٌ
وَدَمـعـى بِـمـا أُخـفـى الـغَـداةَ شَـهـيدُ
فاستحسن الحاضرون أبياته وصفقوا له كثيرا، كما صفقت "بثينة"، كثيرا جدا وارتمت فى حضنه، وقبلت خديه، ثم خلفه الشاعر العاشق "العباس بن الأحنف"، الذى تذكر حبيبته "فوز" بأبيات زاخرة بعاطفة صادقة وشاعرية أصيلة، منها:
أَمــيـرَتـى لا تَــغـفِـرى ذَنــبــى
فَــــإِنَّ ذَنــبــى شِــــدَّةُ الــحُـبِّ
يــا لَـيـتَنى كُـنـتُ أَنــا الـمُبتَلى
مِــنــكِ بِــأَدنــى ذَلِـــكَ الــذَنـبِ
حَــدَّثـتُ قَـلـبـى كــاذِبـاً عَـنـكُـمُ
حَـتّى اِسـتَحَت عَينَيَ مِن قَلبى
إِن كـانَ يُـرضيكُم عَذابى وَأَن
أَمـــوتَ بِـالـحَـسرَةِ وَالــكَـربِ
فَـالـسَمعُ وَالـطاعةُ مِـنّى لَـكُم
حَسبى بِما تَرضَونَ لى حَسبى
وقبل أن ينهى "ابن الأحنف"، أبياته كان دوى التصفيق أعلى من أى شىء تلاه "امرؤ القيس"، بأبيات مبهرة عن حبيبته "فاطم"، وكان مما قال:
أفاطم مهلاً بعض هذا التدلل وإن كنت قد أزمعت صرمى فأجملى
وإن تك قد ساءتك منى خليقةٌ فسلى ثيابى من ثيايك تنسل
أغرك منى أن حبك قاتلى وأنك مهما تأمرى القلب يفعل
وأنك قسمت الفؤاد فنصفه قتيلٌ ونصفٌ بالحديد مكبل
وما ذرفت عيناك إلا لتضربى بسهميك فى أعشار قلب مقتل
وبيضة خدرٍ لا يرام خباؤها تمتعت من لهو بها غير معجل
تجاوزت أحراساً إليها ومعشراً على حراصاً لو يسرون مقتلى
إذا ما الثريا فى السماء تعرضت تعرض أثناء الوشاح المفضل
فجئت، وقد نضت لنوم ثيابها لدى الستر إلا لبسة المتفضل
فقالت يمين الله، ما لك حيلةٌ وما إن أرى عنك الغواية تنجلى
خرجت بها أمشى تجر وراءنا على أثرينا ذيل مرطٍ مرحل
فصفقنا جميعا لإمرئ القيس.. ونكمل غدا.
الجريدة الرسمية