الصمت.. العلم الأبلغ من علم الكلام
الصمت هو العلم الأكثر بلاغة من علم الكلام وهو الذى يعطى الردود المناسبة للشعور والملاءمة للمواقف دون البحث عن كلمات فى أغلب الأحوال.. الصمت هو اللغة الإنسانية الأولى والعامة التى لا تحتاج ترجمة ولا جهدا لا فى التعبير ولا فى التفسير.
الكثير من الناس يعتبرون الصمت ضعفا
وهو للأسف ليس كذلك، فهو فى المجتمعات المتحضرة له دلالته وقوة تأثير لا يستهان
بها، أما فى المجتمعات النامية فالأغلب هو سيطرة الصوت العالى على المواقف، وهناك
من الأمثال الشعبية المؤيدة لذلك "صوت الحق دايما عالى " وعلى هذا الأساس
لا مجال إلا لفرض واقع من الصوت العالى الذى لا يترتب عليه حل المشكلات حتى وإن
توقفت مظاهر المشكلات جزئيا فى الظاهر إلا أنها لم تنطفئ النار فى الداخل .
ليتنا نحسن استعمال الصمت كما نحسن استخدام
الكلام ونختار من الاتصال بالعين مكملا له لأن لغة الجسم هى مكمل لكل صمت وجزء لا
تتجزأ منه لإتمام رسالة فعالة للآخرين بدلا من الكلمات التى لا تؤثر إما لعدم
اقتناع مرسل الرسالة بها أو للتشويش أو لوجود سوء الإدراك أو لعدم قدرته على الاتصال
من الأساس .
الصمت فن لا يتقنه الكثير والمثير
الذى يثير الآخرين ويدفعهم لاستكشاف الصمت المعبر كيف يكون وكيف يمكن الوصول إليك
وكيف تتجه الأفكار وما النيات؟ ولذلك لابد من دراسة تعبير لغات التعبير الجسدية التى
تلازم الصمت وتكمله للوصول إلى رسالة واضحة صريحة مفهومة دون تشويش أو سوء إدراك وفهم .
ليت الكلام الكثير كان أوقع من صمت
بليغ يستطيع التعبير عما يشعر به الفرد وما يريده ويحاول أن يصل به إلى الغير ولكن
الكثير يؤثرون الكلام ولا يلجئون إلى الصمت إلا عند الإحباط أو عدم المعرفة، ولذلك
ارتبط مفهوم الصمت بالإحباط والجهل بالأمور وامتنع الآخرون عن التزام الصمت لكيلا
يوصفوا بالسلبية ولهذا تولد أفراد لا ينصتون ولا يتعلمون وإنما يدلون بأقوالهم
بغير علم ولا تحديث لمدركاتهم التى تندثر بمرور الزمن وإنما الحديث غالبا عما
تقادم من معلومات وعن شعور وأحاسيس ومواقف وجدال دون حتى الحديث عن إيجاد هدف لكل مناقشة
أو حوار.