رئيس التحرير
عصام كامل

فريد: العادلي أول من استخدم التحرش كعقاب للمتظاهرات ضد مبارك

فيتو


  • مجلس الوزراء ألقى تحفظاتنا على قانون التحرش في القمامة
  • نطالب بسجن واحد للمتحرشين على مستوي الجمهورية
  • المتحرش لم يعد يكتفي بالعبث بأجساد النساء ويهرب
  • جرائم التحرش وصلت إلى النساء وهن في صحبة ذويهن
  • جرائم التحرش اختفت طوال الـ 18 يوما الأولى من ثورة يناير
  • الإخوان لديهم خطاب متدنٍ وعنصرية تجاه عموم النساء
  • مشايخ الفضائيات في زمن الإخوان وصفوا المتظاهرات بالعاهرات
  • مطلوب آليات فعلية لتمكين المرأة من مواجهة هذه الجرائم
  • كيف يمكن لسيدة إلقاء القبض على المتحرش واصطحابه مع الشهود إلى القسم
  • النخوة والشهامة تلاشت في المجتمع المصري
  • أجهزة الدولة مكتملة خلقت قبولا مجتمعيا لجرائم العنف الجنسي

قال فتحي فريد منسق مبادرة "شفت متحرش" لصالون "فيتو" إن حبيب العادلي وزير داخلية مبارك كان أول من وضع حجر الأساس لاستخدام التحرش الجنسي كوسيلة قمع، مما خلق تقبلا مجتمعيا لجريمة العنف الجنسي.

وأضاف فريد أنه لا يوجد قانون جديد لمواجهة التحرش الجنسي، وإنما تعديلات على قانون صدر عام 1937، وأن القانون لم يضم آليات جديدة لمواجهة العنف الجنسي والتحرش، وحماية النساء.
وشدد فريد على أن أغلب العقوبات في القضايا في الفترة الأخيرة كانت هزيلة، وتتراوح بين 6 شهور وعام واحد.

- الاتهام الدائم الموجه إلى أي مبادرة مماثلة هو التمويل، من أين تمويل أنشطة "شفت تحرش"؟
تمويل "شفت تحرش" وأنشطتها بالكامل من ملصقات وغيرها قائم على متطوعي المبادرة، وفي المقابل فإن المبادرة لا تقوم بأشياء ضخمة تحتاج إلى تمويل كبير، فأنشطتنا تتمثل في حملات توعية يقوم بها المتطوعون أنفسهم، من المهم أن يتم السؤال عن مصادر التمويل، ولكن ما هو التمويل الذي أنفقه، لا أقوم بأنشطة ضخمة مثل إعلانات الطرق، أو الإعلانات التليفزيونية مثلا، حينها يصبح هناك تمويل بالفعل مطلوب معرفة مصدره، وأي أنشطة تقوم بها المبادرة إذا لم يتكفل بها المتطوعون فإن مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية يتكفل بها.

- في كل مناسبة تقوم مبادرة "شفت تحرش" بنشر متطوعيها لحماية النساء من التحرش، هل تلقى المتطوعون أي نوع من التدريب؟
أولا نحن لا نقوم بالحماية، فدورنا يقتصر على توفير مساحة آمنة من أجل النساء والفتيات لخلق مجتمع خالٍ من التحرش الجنسي، النقطة الثانية الخاصة بالتدريبات فالتطوع في "شفت تحرش" ليس سهلًا، فهو أمر معقد نسبيًا، فهناك استمارة تطوع على صفحة المبادرة على مواقع التواصل الاجتماعي، أو موقعها الذي أطلق مؤخرًا، ومنوه فيها أنه خلال 30 يوما أو أكثر يتم الرد عليها.

ويمكن عدم الرد عليها من الأساس لأن كل استمارة تحتوي على أسئلة مجسات لقياس توجهات المتطوع، ويمكن أن تتسبب الإجابة على هذه الأسئلة في حجب الاستمارة عن القائمين على تفريغ الاستمارات، وإذا تمت الموافقة على الاستمارة يتم عقد مقابلة شخصية تشبه كشف الهيئة، تضم أسئلة كثيرة لقياس سلوكياته وتفكيره وبعدها يتم تقرير قبوله من عدمه وهذا هو المستوي الثاني.
في حالة قبوله فإن المتطوع يحضر 3 فعاليات ميدانية دون أي علاقة تربطه بالمبادرة، ويكون غير مكلف بأي مهام، وبعده إذا رغب هو في الانضمام ورأى أن آليات العمل مناسبة له، يستمر كعضو، وهو اختار من البداية مجال عمله التطوعي، بالإضافة إلى توقيعه على "مدونة سلوك" برقمه القومي وتضم الأدبيات التي تحكم سلوك المتطوعين مع بعضهم البعض أو الآخرين، وقد قام المتطوعون بوضعها مؤخرًا.

- ما الذي تقيسه أسئلة المجسات في الاستمارة؟
تقيس الأسئلة لدى المتطوع جنسه ورؤيته للمسئول عن التحرش، وهل يري أن المتحرش بها تتحمل أي مسئولية من نوعية "ايه اللي وداها هناك" أو "لابسة عباية كباسين"، وهذا معيار مهم لابد من معرفته عن المتطوع الذي يحاول الانضمام للمبادرة.

- هناك خبران نطلب تعليقك عليهما الأول يقول "إن دراسة للأمم المتحدة عام 2013 تقول إن 40% من المتحرش بهن في مصر لم يأت أحد لنجدتهن حين تم الاعتداء عليهن في الأماكن العامة" والثاني يقول " إن أب انهال بالضرب على ابنته حين تم التحرش بها أمامه"؟
الدراسة المذكورة في الخبر الأول تقول إن 99.3 % من النساء والفتيات في مصر تم التحرش بهن، وأن 40 % من العينة لم يقم أحد بنجدتهن حين استغثن، وهذا يؤكد وجود سلبية مجتمعية كبيرة وهى أن المجتمع لم يعد مهتما بنجدة أفراده، وأن الفتاة التي تتعرض للتحرش إذا تعرضت لانتهاك آخر مثل السرقة فإن المواطنين سيتعاطفون معها ويحاولون نجدتها، ولكن الانتهاك الجنسي المتمثل في التحرش سيقابل بحديث مثل "متفضحيش نفسك" وجمل أخرى نمطية، وهذا غير مفهوم أو مبرر وأن النخوة والشهامة وغيرها من المفاهيم تلاشت في المجتمع المصري.
أما الخبر الثاني فيكشف مؤشرا مرعبا، بأن المتحرش لم يعد يكتفي بالعبث بأجساد النساء ويهرب، وإنما تطور الأمر للتحرش بالنساء وهن في صحبة ذويهن، أما الأب فأنا أراه معنفا هو الآخر وضحية أكثر من ابنته، لأن نزعته الذكورية طعنت بعد انتهاك ابنته أمامه دون قدرته على مواجهة المتحرشين خوفًا منهم أو ضعفًا في ذاتهن، فرأي إلقاء اللوم على ابنته التي تقع تحت سلطته الذكورية وعنفها بأنها المخطئة وليس هو الذي لم يستطع توفير قدر من الأمان لها.

- الدراسة السابقة تقول إن 99.3 % من النساء المصريات تعرضن للتحرش، من وجهة نظر المبادرة ما هي الأسباب الرئيسية للتحرش؟
لا يمكن فصل جرائم التحرش والعنف الجنسي وانتشارها مؤخرًا عن الوقائع التاريخية التي جعلت هناك قبول مجتمعيًا لهذه الجرائم، فلا يمكن إغفال واقعة الأربعاء الأسود 25 مايو 2005 حين قامت قوات حبيب العادلي باقتحام بهو نقابة الصحفيين، والاعتداء على الصحفيات، هنا أجهزة الدولة مكتملة خلقت قبولا مجتمعيا لجرائم العنف الجنسي، وأصبح العنف الجنسي كعقاب بدلًا من ممارسته على نطاق ضيق في أماكن الاحتجاز يستخدم كعقاب اجتماعي في الشارع للمعارضة أو الخروج على المألوف، مثل سحل وضرب المتظاهرين، أصبح التحرش على يد حبيب العادلي الذي وضع حجر الأساس لاستخدام التحرش كوسيلة قمع مستحدثة، ومن هنا أصبح هناك قبول لجرائم العنف الجنسي، وجاء عام 2006 مع واقعة الراقصة الشهيرة في عيد الفطر، الدولة التي اتخذت موقفا متخاذلا وقامت بحماية الراقصة وتركت بنات الفقراء اللائي يخرجن لوسط البلد للتنزه، وتم تركهن للمتحرشين، وأصبح كل عيد أو مناسبة اجتماعية كبيرة، يخرج فيها المصريون إلى الميادين يحدث فيها جرائم عنف.
استمر الحال على هذا المنوال حتى ثورة 25 يناير، واختفت جرائم التحرش طوال الـ 18 يوما الأولى، بعدها مارس المجلس العسكري جرائم عنف جنسي بدأت في 8 مارس 2011، لم يكن واضحا فيها سلوك المجلس العسكري والإسلام السياسي، ولكن هناك انتهاكات وقعت للمصريات اللاتي نزلن للاحتفال باليوم العالمي للمرأة.
وفي 9 أبريل 2011 تمت ممارسة جرائم عنف جنسي وتعذيب وجرائم تحرش بالنساء المحتجات على يد قوات الجيش المصري في المتحف المصري، وبعدها اعتصام يوليو، وبعدها واقعة "ست البنات" وكشوف العذرية، وواقعة مجلس الوزراء، وتكرر استهداف النساء والفتيات في مشاهد سياسية مختلفة.
بعدها وصل الإخوان المسلمين إلى الحكم، وأصبح لديهم خطاب متدنٍ وعنصرية تجاه عموم النساء، حتى إن لجنة حقوق الإنسان في مجلس الشورى حينها كان لها تصريح شهير "بأن النساء والفتيات اللاتي تعرضن للعنف الجنسي في التحرير هن المسئولات عما حدث لهن لأنهن ذهبن للتحرير من أجل البغاء" وحين يكون هذا هو الخطاب لصناع السياسات في فترة من الزمن، ويخرج علينا المشايخ في الفضائيات ليتهموا النساء الذين يخرجن في المظاهرات بأنهن عاهرات، ويذهبن لممارسة الجنس الجماعي في الميادين، ماذا ننتظر من الشعب الذي عاش 30 عامًا من الجهل والفقر؟ ومن الطبيعي أن يتأثر بهذا الخطاب.
بعد الموجة الثورية في 30 يونيو لم يتغير الخطاب أو الوضع، ولا توجد آليات فعلية لتمكين المرأة أو مواجهة هذه الجرائم، والدولة غائبة عن كل المشاهد.

- ما هو تعليقك على قانون التحرش الجديد، وهل يستطيع وقف الظاهرة؟
هناك مشكلة في القانون، فقد بدأ الحديث عنه مع اغتصاب سائحة في أحد الفنادق، وخرج حديث متسارع وتصريحات مختلفة من صناع السياسات عن استصدار قانون يجرم التحرش الجنسي، وتم عرض مسودة أولية على المبادرات والمنظمات المختلفة التي اجتمعت وأعلنت رفضها وتحفظاتها على المسودة التي أصدرها مجلس الوزراء بمشاركة وزارة العدل، وتم إلقاء التحفظات في القمامة، وصدرت مسودة جديدة بتعديلات بسيطة.
ولم يتم وضع قانون جديد عن التحرش، وأن كل ما جري هو تعديل على الماد 58 من قانون صدر عام 1937، نعم أول مرة في البنية التشريعية المصرية يتم ذكر التحرش، ويتم الحديث عن ملاحقة النساء بوسائل الاتصال الحديثة، بالإضافة إلى الحديث عن النساء المتعرضات للعنف من ذويهم في المنزل أو العمل، ولكنه أغفل تمامًا الآليات، وكيفية الإبلاغ، لأن بموجب القانون فإن كل سيدة تم التحرش بها عليها أن تستوقف وتلقي القبض على المتحرش، وتصطحب اثنين شهودا وتذهب بهما إلى القسم، فإذا كانت قادرة على اصطحاب 3 ذكور إلى القسم منهم متحرش فأعتقد أنها قادرة على الحصول على حقها في الشارع دون اللجوء لدولة القانون، بدون التعرض لسيل من الإحراج بداية من رجل الشرطة الذي يريد الاستماع إلى كل تفصيلة بداية من سؤاله حول ما قاله، استكمالًا لكيفية لمسها، بالإضافة إلى كلمات مثل "ما تفضحيش نفسك" وابتزازها للتنازل، فإذا صمدت يتم تحرير المحضر بعد ساعتين، ويمكن للمتحرش أن يدعي عليها بأنها ضربته أو سرقته، فيتم تهديدها بأنه محضر أمام محضر، وأنها ستحبس وبالتالي يمكن أن ترضخ وتتنازل إذا لم يجبرها الأهل على التنازل، إذا نجحت ووصلت إلى النيابة بياناتها تسرب عن طريق أمين الشرطة الذي يأخذ المحضر للنيابة ليستخدمها المتحرش أو ذووه لتهديدها أو ابتزازها، وإذا صمدت بعد كل ذلك، فإن التوصيف يكون وفقًا للمحضر وهي إما هتك عرض أو محاولة إتيان أنثي بغير رضاها، ومثل هذه الجمل تخيف الفتيات للوصمة الاجتماعية، وتكون العقوبات هزيلة إما عامين وغرامة أو عاما تخفض في الاستئناف، وأغلب القضايا الأخيرة في الفترة الأخيرة تراوحت العقوبات فيها من سنة إلى 6 شهور.

- ما هي رؤيتكم لإنهاء جرائم التحرش؟
رؤيتنا تتمثل في أن يكون هناك قانون محترم يحارب التحرش الجنسي وضعه مشرع اعتمادًا على آليات ممكنة للتطبيق، بالإضافة إلى وجود شرطة نسائية نظامية لتلقي بلاغات النساء حول التحرش حتى لا تكون المتحرش بها مضطرة إلى إعادة ترديد كلمات الانتهاك الذي تعرضت له بترديد ما حدث لها من انتهاك لفظي أو جسدي أمام شرطي في ما يعرف بـ"الاستيفاء" أمام المتهمين وغيرهم من رجال الشرطة، ولابد أن تكون الشرطة النسائية مؤهلة لدعم الناجية من العنف الجنسي نفسيًا، ولابد من أن تكون هناك آليات جديدة لتأهيل المتحرش، بدلًا من حبسه في السجون العمومية ليخرج من السجن بعد فترة العقوبة متشبعا بكافة فنون الجرائم، ولذلك نطالب بسجن واحد للمتحرشين على كافة مستويات الجمهورية يشرف عليه علماء نفس لإعادة تأهيلهم، وبذلك يتم القضاء على الجريمة بدلًا من التعايش معها.
الجريدة الرسمية