رئيس التحرير
عصام كامل

"السيسي" لسطوطة الفنجرى: أنا الرئيس يا هانم!

فيتو

كنت أتوقع نجاحه في انتخابات الرئاسة لكنى كنت أضع يدى على قلبى ترقبًا، ولم أكف عن الدعاء له حتى رأيته يقسم اليمين الدستورية كرئيس للجمهورية.. تهللت أساريرى بنجاح السيسي وتهلل وجه كل مصرى مخلص لوطنه وكل من أراد أن يرد الجميل لرجل حمل رقبته على كتفه وراح يحارب نظامًا حاكمًا كاد أن يعصف بمقومات بلد عريق مثل مصر دون أدنى مسئولية.


وعندما أصبح السيسي رئيسًا للجمهورية وجدتنى أرقبه بعين الناقد أعد عليه تحركاته وتصريحاته وأفسرها وأحللها راجية أن يكون عند حسن ظن شعبه به.

مر أسبوع يلو الآخر وشهر يعقبه شهر حتى بلغنا مائة يوم على حكم السيسي فقلت في نفسى ها هو وقت الحساب قد حان.. فقررت أن أجرى حوارًا صحفيًا مع رئيس الجمهورية لأقف من خلاله على إنجازات السيسي في تلك الفترة.

اتصلت بكل الجهات المعنية دون فائدة.. وكان الرد جاهزًا مفاداه بأن الرجل مشغول وأجندة مواعيده مكتظة عن آخرها وسوف نبلغه في وقت لاحق برغبتك.

انتظرت أكثر من عشرة أيام ولم يأتنى الرد.. لست معتادة أنا على تهميش طلباتى وخاصة حواراتى الصحفية.. فأية شخصية عامة تتمنى أن تحاورها سطوطة الفنجرى على تلك المساحة من الملحق الساخر بجريدة "فيتو".

لم يكن هذا هو عشمى في الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي طالما أتحفنا بعبارات من عينة رشحت نفسى من أجلكم ونزولا على طلبكم ولا يعنينى سوى المواطن الفقير.

كيف هذا وأنا أرى أن دولتكم المحيطة بكم تحاول مواراتكم عن أعين الشعب وصحفييه وكتابه المتميزين أمثالى أنا سطوطة هانم الفنجرى.

جلست أتفكر فيما دار معى ففطنت إلى أنه "لا يحك جلدك إلا ظفرك".. فتذكرت لقائى مع السيدة انتصار، حرم الرئيس منذ أسبوعين في المؤتمر الدولى للمرأة.. ومر أمام عينى شريط لقائى بها وكيفية تعارفنا، حيث قالت لى: أنا كنت أتمنى منذ زمن أن أراكى يا سطوطة هانم أيتها الفشارة المتألقة.

ساعتها شعرت بأن سيدة مصر الأولى تتابع أعمالى وخاصة عندما أكدت لى أنها تابعت سلسلة حواراتى مع الرئيس الأسبق المخلوع محمد حسنى مبارك وحرمه السيدة سوزان وأبهرتها حواراتى مع الدكتور الجنزورى وخليفته الببلاوى رؤساء الحكومة السابقين.. ساعتها طال الحديث بيننا وحصلت هي على رقم هاتفى وأعطتنى رقم هاتفها متمنية التواصل.

بعدها طلبت منها إجراء حوار صحفي إلا أنها فضلت أن تتوارى حاليًا وتتفرغ لإعانة زوجها الرئيس على أداء مهامه التي حملها على عاتقه حسب تعبيرها في ذلك الوقت.

المهم إننى قررت أن أستغل هذا الأدب الجم الذي تتحلى به حرم الرئيس فاتصلت بها لأجدها ترد على الجانب الآخر مرحبة بى ودار بيننا حوار لم يخرج عن حال مصر والمرأة المصرية والفقراء فشعرت ساعتها بأن هذه السيدة مهمومة بوطنها إلى حد كبير وتعمل في صمت دون الظهور الإعلامي على عكس عادة زوجات الرؤساء.

شجعنى هذا الحوار على أن أقص لها ما حدث معى من مسئولي قصر الرئاسة عندما طلبت لقاء الرئيس وكيف تجاهلونى لمدة عشرة أيام دون رد بحجة أن الرئيس مشغول وأجندته مكتظة بالمواعيد.

وهنا قاطعتنى السيدة انتصار وقالت: هذا هو ما كان يخشاه الرئيس ويفكر جديًا بتغيير نظام القصر الرئاسى وإبعاد هؤلاء المجاملين الذين يسعون لراحته على حساب مطالب الشعب سواء عن قصد أو بدون.

هنا التزمت الصمت ولم أعقب.. فأنا خضت التجربة بنفسى والسيدة حرم الرئيس تقول كلامًا غريبًا وفى نبرتها كل الصدق.. شعرت سيدة مصر الأولى بما يجول بخاطرى فبادرتنى: خذى هذا الرقم ياسطوطة هانم لتتصلى به وتطلبى لقاء الرئيس.

أخذت الرقم وانتهت مكالمتى بالسيدة انتصار وطلبت الرقم لأجد من يقول لى أأمرى ياهانم.. فقلت له ما يؤمرش عليك ظالم أريد لقاء السيد الرئيس!

قال: طب ممكن أتعرف على حضرتك ؟!

قلت: أنا سطوطة الفنجرى من درب الفشارين !

وهنا تغيرت لهجة الرجل وتهللت أساريره وقال: أهلا سطوطة هانم الفشارة الجميلة.. بالتأكيد سيادة الرئيس مش هيتردد في لقاء حضرتك.. لكن دعينى أبلغه صباح الغد حيث يصحو الرئيس مبكرا ليمارس رياضته ثم يتناول الإفطار ويجرى بعض الاتصالات ليباشر شئون حكمه !

قلت: أوكيه ياجميل.. إذن أنتظر منك الرد غدا إن شاء الله!

انتهت المكالمة وبدأ عقلى "يودى ويجيب" ويقارن بين طريقة كلام الرجل وطريقة كلام كهنة القصر.

قضيت ليلتى هذه وأنا سعيدة بمكالمة سيدة مصر الأولى ومتوجسة خيفة من أن ألقى نفس الطناش الذي لاقيته في رحلتى الأولى في البحث عن السيسي حتى غرقت في النوم في ساعة متأخرة من اليل تقترب من الفجر.

وفى وسط أحلى نومة بدأ تليفونى "يرن" فتثاقلت ونظرت في الساعة لأجدها السادسة صباحا.. انتهت الرنة قبل أن أرد فحمدت الله لأننى لم أنم ساعتين كاملتين وكدت أن أعود للنوم قبل أن يرن الهاتف مرة أخرى مدونا على شاشته "رقم خاص".

دون تفكير وضعت الهاتف على أذنى واستلقيت على سريرى وقلت بصوت ناعس: أيوه مين معايا!

قال: إزيك ياسطوطة هانم ياجميلة!

قلت: بخير.. أيوه مين؟!

قال: أنا اللى صاحى منذ أذان الفجر علشان حضرتك تنامى قبل الفجر وتصحى متأخر.. أنا اللى بشتغل علشان حضرتك تستريحى ومبسوط بكده علشان خاطر مصر تستاهل كده وأكتر من كده.. أنا الرئيس ياسطوطة هانم!

وهنا وجدتنى أقفز من رقدتى لأتوسط الحجرة واقفة وقلت: أهلا يافندم أنا مش مصدقة نفسى.. بس حضرتك بتصحى بدرى أوى كده ليه يافندم؟!

قال: علشان نشتغل ياسطوطة هانم فلم يحن بعد وقت الرفاهية ويجب على الشعب كله أن يستيقظ مبكرا لينجز أعماله فأمامنا تحدىٍ صعب يجب أن نسهم فيه جميعا.. أؤمرينى ياست الكل فلقد أبلغونى أنك تريديننى وأنا لا أستطيع أن أتأخر عن شخصية مرموقة مثلك!

قلت: أنا مش عارفة أقول إيه بصراحة.. أنا عاصرت أكثر من رئيس ماشفتش رئيس بكل الأدب ده واللياقة دى!
قال: شكرا يافندم أؤمرينى!

قلت: مايؤمرش عليك ظالم ياسيد الناس!

قال: أنا مش سيد حد.. أنا خادم الناس.. أِؤمرينى يافندم!

قلت: نفسى أعمل معاك حوار صحفى!

قال: أطلبينى على نفس الرقم الذي اتصلتى منه بالأمس غدا في السادسة صباحا وسأجيب عن كل أسئلتك!

وهنا لم أجد كلامًا لأقوله فشكرته وأنهى المكالمة رغم أننى كنت أتمنى أن ألقاه وجهًا لوجه كى ألتقط معه بعض الصور لكن يبدو أن الرجل عملى جدا.. المهم أننى أخذت أختصر في أسئلتى التي أعددتها قدر المستطاع بعدما رأيته في الرئيس من التزام واحترام لقيمة الوقت، الأمر الذي لم نعتاده فيمن سبقوه.

وفى صباح اليوم التالى وفى الميعاد المحدد طلبت الرقم ليرد الرجل البشوش ويرحب بى ثم يبلغ الرئيس الذي يبادرنى صباح الخير ياسطوطة هانم أؤمرينى!

قلت: لقد مر على حكمك مائة يوم فما هي إنجازاتك في تلك الفترة ؟!

قال: في البداية إحنا اتفقنا اننا مش هنشتغل بالقطعة.. فأنا لا يعنينى المائة يوم بقدر ما يعنينى على أي طريق وضعت مصر وإلى أين ستصل!

قلت: لا تؤاخذنى ياسيادة الرئيس أريد أن أجيب عن أسئلة الناس في الشارع!

قال: ومن قال لك إن الناس في الشارع تسأل هذا السؤال.. هذا السؤال إعلامي من الدرجة الأولى.. لكن الناس في الشارع تعلم أننى قررت الحد الأقصى للأجور الأمر الذي لم ينجزه أي رئيس قبلى رغم المطالبة به منذ عشرات السنين.. فأنا أنجزته بقوة الشعب.. والشعب إذا ما أحببته وأحبك كان بمثابة العصى السحرية!

قلـت: أعلم أن سيادتك قد أقررت الحد الأقصى للأجور وكدت أن تدخل معركة ضارية مع أصحاب الوظائف المرموقة!

قال: دخلت بالفعل لكنى كسبتها ودون ضجيج ألم يستحق هذا الإنجاز وحده أن يستغرق مائة يوم؟!.. فلقد وفرنا للدولة مليارات الجنيهات سنويا وخصصناها لتوفير مليون فرصة عمل سنويا.

قلت: ولماذا لم تستغل رجال الأعمال والمستثمرين حتى الآن ولم تعقد معهم أي اجتماع مثلما كان يفعل مبارك وفعل مرسي؟!

قال: المستثمرون ياسطوطة هانم بهم مجموعة كبيرة لا تعرف الله.. ولا تبحث سوى عن مصالحها ومن يقول غير ذلك فهو يضحك على نفسه ويجرجر الشعب إلى آمال واهية.. فها هي مصر بكل خيراتها مفتوحة للمستثمرين الجادين لكننى لن أعتمد على أشخاص في توفير قوت الشعب والتزاماته من كهرباء وغاز وعيش بل أعتمد على موارد الدولة المهدرة التي سأعيدها لأصحابها وأنا متأكد أنها كفيلة بإسعادهم.. فلقد اتخذت قرارًا بوقف عمل أي مستشارين بالوزارات والمحافظات ممن تخطوا سن المعاش، وهذا سيوفر مليارًا ومائتى مليون جنيه سنويًا وجهناها لحل مشاكل الصحة والعلاج على نفقة الدولة لكل من لا يعمل بالوظائف الحكومية.. هذا بخلاف التأمين الصحى المقرر للموظفين والمقنن بالفعل.. ألم يستحق هذا الإنجاز وحده مائة يوم أخرى؟!

قلت: أنا منبهرة بك ياسيادة الرئيس مع أننى متحفظة على أصحاب القصر الجمهورى الذين يبعدون عنك الناس!

قال: هم أساسا بعيدون ويتصل بهم كل من اعتاد ذلك وهؤلاء بعدهم في هذا الوقت رحمة فمجموعة العمل التي تنجز معى موجودة هناك في الوزارات كل في وزارته يعمل بالليل والنهار.. أما قدامى المسئولين ياسطوطة هانم فسينالهم ما نال المستشارين قريبًا إن شاء الله حتى نعمل معًا من أجل المواطن المطحون!

وهنا وجدتنى لا أجد أسئلة أوجهها للرجل فشكرته وأثنيت عليه بعد أن أدركت أن مصر في إيدٍ أمينة.. فبادلنى التحية وانتهى الحوار وأهلا ومرحبا بدولة السيسي إذا كان هدفها العمل والإنجاز دون النظر للوراء!
الجريدة الرسمية