رئيس التحرير
عصام كامل

البرلمان القادم.. التحدي الأخطر أمام السيسي !!


* من المفترض أن يجرى اختيار رئيس جديد لمصر نهاية الشهر الحالي.. عبر انتخابات يتابعها العالم بشفافية ونزاهة وإشراف قضائي كامل.. ومن ثم فليس من الوطنية ولا حتى من أصول اللياقة السياسية- أن يبادر هذا التيار أو الحزب أو ذاك بالحكم مسبقًا بعدم نزاهتها أو حتى إبداء مخاوف إزائها تحمل هذا المعنى.. فذلك مما يخدم المتربصين شرًا بالتجربة الديمقراطية الوليدة في مصر.. فالكل يعلم أن ثمة شعبية جارفة يحوزها أحد المرشحين للرئاسة وهو المشير السيسي، ولا يخفى علينا أن خروج الملايين في 30 يونيو و3 و26 يوليو كان لتفويض الرجل بمحاربة الإرهاب.. ولا نبالغ إذا قلنا إن خروج الملايين في الاستفتاء على الدستور كان يشى ضمنيًا بالموافقة على خارطة المستقبل التي أشرف الجيش على تنفيذها تحت قيادة هذا الرجل، وهذا يعنى بالدرجة ذاتها رغبة هذه الملايين في ترشح السيسي لرئاسة البلاد وقيادة هذه المرحلة الحرجة.. لكن هذا لا يعنى أبدًا أن المعركة محسومة لصالحه مسبقًا بل هي منافسة جادة سوف يحدد ملايين الناخبين الفائز فيها؛ فإرادة الشعب هي من ستختار بإرادة حرة من يتولى مقاليد البلاد.. وأظن أن الشعب يسبق نخبته ويقدر على صنع مستقبله فهو المعلم كما عودنا.


* معركة الرئاسة يخوضها مرشحان اثنان فقط، والفرصة كبيرة للمشير السيسي ليفوز بالرئاسة والتحدي الأكبر في ظني الذي سيواجهه بعد أن يصبح رئيسًا للجمهورية هو انتخابات البرلمان القادم.. لما يملكه هذا المجلس من صلاحيات كبيرة تعادل وربما تفوق اختصاصات الرئيس بحسب الدستور الجديد الذي ضيق الخناق على الرئيس، وحدّ من اختصاصاته حتى جعل الحياة السياسية في مصر أشبه بحالة لبنان أو النصف المعطل كما يقولون.. فالرئيس لا يملك بمفرده تعيين الحكومة ورئيسها إلا بإقرار البرلمان.. هو فقط يسمى رئيس الوزراء والبرلمان يوافق أو يمتنع.. ومن ثم يحشد التحالف المناوئ لثورة الشعب جهوده للفوز بكعكة البرلمان، ويجهز المسرح لوجوه تحمل مشروعه وتنفذ أجنداته، ولا يبخل عليها بالمال والإرهاب مهما يكلفه ذلك.. وما اجتماعات التنظيم الدولي للإخوان ومخابرات الدول إياها للتآمر على مصر عنا ببعيدة.. فانتبهوا يا أولى الألباب !!

فإذا كان ذلك كذلك فقد آن الأوان لنسأل أحزابنا السياسية، وهى كثيرة بالعشرات.. ماذا أعدت لكسب معركة البرلمان.. ماذا يعرف المواطن عنها.. هل تملك كوادر مؤهلة للعمل بين الجماهير.. هل تدرك ما يحاك في الشارع للدفع بوجوه جديدة لتيارات لفظها المجتمع.. لكنها تناور وتخادع البسطاء لكسب أصواتهم..؟!

* نرجو من أحزابنا أن تكف عن المعارضة الصوتية وأن تنتبه لحجم المخاطر والعقبات التي تنتظر مصر ورئيسها الجديد، وأن تتفرغ لإدارة معركتها الحقيقية في رفع مستويات الوعي الشعبي ومحو الأمية والفقر والعشوائيات والمرض.. فمصر رغم أنها شابة بحكم تكوينها الديموجرافي، حيث إن أكثر من نصف سكانها شباب؛ لكنها مريضة منهكة القوى مبتلاة بنخبتها التي لم تقدم دليلًا أكيدًا على وطنيتها وصدقها مع الناس.. !!

* التحدي الأهم أمام الرئيس الجديد المشير السيسي هو البرلمان القادم.. فإما أن يأتي ويتشكل بأغلبية واعية مستنيرة تعمل لمصلحة الوطن وتساعده في تنفيذ برنامجه ورؤاه لإنقاذ البلاد والنهوض بها أمنيا وسياسيا واقتصاديا.. أو أن يكون "حجر عثرة" في طريقه ويدخلنا من جديد في النفق المظلم.
الجريدة الرسمية