رئيس التحرير
عصام كامل

مخرج فيلم "ليلتين شتا": النوبة تعيش حالة اغتراب عن الوطن

فيتو

الفيلم يلقي الضوء على الأقليات
أهالي النوبة فقدوا إيمانهم بأي نظام سياسي


قرر شد الرحال مع زملائه إلى بلاد الذهب "النوبة"، فقلوبهم تعلقت بها منذ أن زاروها العام الماضي، فقرروا العودة من جديد، ليردو الجميل إلى أهالي النوبة على ما فعلوه وينتجوا فيلما على حسابهم الخاص يكون لبنة في مجال السينما المستقلة في مصر، إنهم فريق عمل فيلم "ليلتين شتا".. حاورت " فيتو" مخرج الفيلم الشاب خالد منصور..



*ما هي فكرة فيلم "ليلتين شتا"؟
الفيلم عن مأساة النوبة وعن مشكلة التهجير، فمعظم الناس في المجتمع النوبي تعتقد أنه مجتمع نيل وشجر وبكار ومثل هذه الأشياء اللطيفة، لكن الحقيقي أن أهالي النوبة يعانون من أزمة حقيقية؛ بسبب تهجيرهم من على ضفاف النيل إلى مجتمع صحراوي كله جبال ليس به خدمات، مما أدى إلى رحيل جيل كامل منهم وعاش معظمهم في مأساة وتعب، ونحن من خلال الفيلم نحاول تسليط الضوء على المجتمع النوبي الحقيقي وعلى المأساة التي يعيشها المجتمع في الفترة الحالية.

*لماذا اخترت مشكلة التهجير بالتحديد رغم أن مصر بها مشكلات عدة؟

أخذنا كفريق عمل النوبة كمثال لمناقشة مشكلات الأقلية بشكل عام، وفي جملة قالها المخرج الشاب عمرو سلامة أعجبتني جدًا وهي "هناك 90 مليون أقلية في مصر"، فكل شخص يعيش في وحدة وغربة ويشعر بأنه ضيف في بلده، ونحن نناقش المشكلة بشكل عام؛ فحتى القاهريين (أهل القاهرة) يشعرون بالوحدة والغربة بشكل دائم؛ لأنهم لا يحصلون على حقوقهم.

*ممن يتكون فريق العمل؟
من محمد مهدي، مؤلف، إسلام الشرنوبي، مدير تصوير، نادر نبيل وسلمان حسام، مصورين، سيد السويفي، مهندس صوت، محمود مسعود، مونتير، أحمد السيسي وحامد حسن، ممثلين، وجميعهم قدموا مجهودا كبيرا من أجل الفيلم.

*ما هي وسائل دعمكم؟
اعتمدنا على الدعم الذاتي بشكل كبير؛ فنصف تكلفة الإنتاج من أموال فريق العمل؛ لأننا نحاول تقديم سينما مستقلة، نحن من ندفع أموالها من أجل أن يكون هناك حرية أكبر للقضايا التي نناقشها، والجزأ الثاني من الدعم مقدم من قبل راديو حريتنا، راديو إنترنت، والذي ساعدنا في خروج الفيلم للنور، وساهم بشكل كبير في الدعم المادي.

*لماذا اخترتم أن يكون جزء من الفيلم "معرض النوبة ليس للبيع"؟
المعرض يلخص فكرة الفيلم؛ فليس هناك مكان في مصر للبيع، ولن نسمح لأي شخص بأن يفرط في جزأ من أرضه، والنوبيون عائدون إلى أرضهم على ضفاف النيل مهما طال الزمن، وهذه هي الرسالة التي نقدمها أن كل مصري سينال حقه في أرضه، حريته، وطنه، أمواله، اجتماعيًا، وأيضًا من خلال المعرض نحاول نشر قضيتهم بشكل أكبر، وأيضًا من خلال أعمال فنية أخرى حاولنا توصيل فكرة النوبة بشكل يختلف عن السينما.

*من خلال تعاملك مع أهالي النوبة.. هل يرون أن الدستور سيحقق لهم مطالبهم؟

أهالي النوبة فقدوا إيمانهم بأي نظام سياسي سواء قديم أو جديد أو حتى قادم، فقد فقدوا إيمانهم تماما بالسياسة، وهم لديهم حلم واحد فقط أن بلدهم ستعود، وأن مصر كلها ستزورهم في بلدهم هناك، وأهالي النوبة لديهم قضية يرون أنهم سيحققونها مهما طال الزمن أو قصر، فقدوا إيمانهم بفكرة الدستور الحالي أو السابق أو النظام القادم وحتى لو هناك دستور آخر ويرون أن صبرهم هو فقط الذي سيحقق حلمهم.

*ما هي المصاعب التي واجهتكم في العمل؟

أكبر المصاعب هي بعد المسافة بين القاهرة والنوبة، لكن على مستوى التصوير سواء في أسوان بشكل عام أو النوبة بشكل خاص، الأهالي هناك طيبون بشكل ملائكي، وقدموا لنا كل ما في وسعهم من مساعدات ووفروا لنا المناخ المناسب للتصوير ورحبوا جدًا بنا، وعلى المستوى الشخصي استمتعنا بقضاء وقت هناك، ولم نواجه مصاعب كبيرة، واستطعنا إنجاز الفيلم في أقل وقت ممكن.

*إذن نستطيع القول رغم ضيق ذات اليد إلا أنهم كانوا أهل كرم كالعادة؟
جدًا، فالأهالي في النوبة وأسوان كرمهم لا يوصف فكانوا يحاولون تسخير كل طاقاتهم وكل ما لديهم من أجل إسعاد الضيوف، من دون إسعاد أنفسهم، وهو ما يظهر في الفيلم.

*لماذا اخترت اسم "ليلتين شتا"؟

لأن ما يعانيه الوطن بشكل عام والنوبة بشكل خاص "شتا" وإن شاء الله في وقت قريب كل الناس ستنال حريتها، ليليتن هو الزمن الذي يقضيه بطل الفيلم في النوبة، وشتا لأن الشتاء يعبر عن الوحدة والظلام والاغتراب الذي يعيش فيه الوطن كله.

*أنت بذلك ترى أن النوبة في حالة وحدة واغتراب عن الوطن ككل؟

بالضبط وهذه حالة عامة عند المجتمع كله كما قلت في بداية حديثي أن المجتمع يعيش في حالة وحدة واغتراب، وقريبا سيسطع النهار وتشعر الناس بأنها تعيش في وطنها.

*ما هي أبرز المواقف في الفيلم سواء بينكم كفريق عمل أو مع أهالي النوبة؟

أبرز المواقف أننا كنا نحتاج إلى طفلة في الفيلم عمرها ست سنوات، وكان من الصعب إيجادها، فالنوبة ليس بها أشخاص كثيرون؛ فالقرية تقريبًا تعدادها 1000 شخص، وبدأنا عملية البحث بلف كل الشوارع حتى وجدنا طفلة تلعب أمام منزلها، فقمنا بالتصوير معها، وكان من المفترض أن تصور جزءا ثانيا بعدها بيومين، وقمنا بالبحث عنها في كل البلدة ولم نجدها، وظللنا فترة طويلة حتى وجدناها بالصدفة وقمنا بتصوير المشهد معها.

*هل هناك مواقف أخرى متعلقة بالأهالي أنفسهم بعيدًا عن الفيلم؟

من أكثر المواقف التي أثرت بشكل كبير علينا جميعًا أننا وجدنا أحد الأشخاص الذين لا نعرفهم أرسل إلينا "توك توك"، ويدعونا لأحد الأفراح، ونحن لا نعلم من حتى صاحب الفرح، فقط وجدنا شخصا يتحدث إلينا أننا مدعوون لفرح وسيرسل لنا "توك توك" ليصطحبنا، وبالفعل ذهبنا ليلًا إلى الفرح، وقضينا السهرة مع أشخاص لا نعرفهم ولا يعرفوننا، وكنا في منتهى السعادة، وهذا يدل على الكرم الشديد جدًا وطيبة أهالي النوبة.
الجريدة الرسمية