رئيس التحرير
عصام كامل

ليلة بيضاء أفسدها تعهد

يحظى نجوم الفن المصري، باحترام ومحبة كبيرين في الدول العربية، باعتبار الريادة والتاريخ والتأثير في الجميع كله منذ نشأة السينما المصرية في العام 1896، صحيح أن هناك تباينا في المحبة والترحاب من بلد إلى آخر، لكن يبقى لبنان حالة خاصة مميزة في الأحوال كلها، نظرا للعلاقة الوثيقة بين البلدين منذ عشرات السنين في الفن والإعلام..

 

حيث احتضنت السينما المصرية منذ نشأتها عشرات الفنانين اللبنانيين، وحققوا من خلال أفلامها الشهرة والنجومية، كما كان لأبناء لبنان تأثير لا يمكن إنكاره في الصحافة المصرية. وحين توقف الإنتاج السينمائي بعد هزيمة 67، انتقل نجوم الفن المصري إلى لبنان، وكانوا محل ترحاب وشاركوا في عشرات الأفلام اللبنانية إلى أن استأنفت مصر الإنتاج الفني.

 

لايزال التعاون الفني مستمرًا بين مصر ولبنان، يقابله احتفاء كبير بالفنانين المصريين عند تواجدهم في بيروت، وأقرب مثال لذلك رفع الفنان تامر حسني، على الأعناق لدى وصوله لبنان الشهر الماضي لإحياء حفل، ورقص "فانزاته" على الطريق بمصاحبة فرقة موسيقية، ثم حضور الآلاف الحفل الغنائي.

 

ورافق عودة الفنان عمرو دياب، إلى لبنان لإحياء حفل بعد غياب دام 12 عامًا، تجهيزات تقنية واستعدادات أمنية غير مسبوقة، تقديرًا لنجوميته واحتفاء بعودته إلى بيروت، كان في مقدمتها تولي وحدات من الجيش اللبناني تأمين الطريق بكامله منذ وصوله وكذلك الحفل، الذي نفدت تذاكره كاملة واضطرت الشركة المنظمة لطرح تذاكر إضافية استجابة لطلب اللبنانيين، الذين ارتدوا جميعا ملابس بيضاء كأحد شروط دخول الحفل، وهو اللون ذاته الذي اعتمده نجم الحفل وفرقته الموسيقية.


كما حظي الحفل باهتمام بالغ، وكان في استقبال عمرو دياب بمطار بيروت، وزير السياحة وليد نصار، ترحيبًا بعودته بعد غياب وتكريمه أيضًا.

هجوم الصحافة اللبنانية

الحفل الذي كان محل اهتمام الجميع واستمتع به الحضور الحاشد، أفسده تصرف غير مبرر من الشركة المنظمة، تمثل في ورقة تعهد أرسلت للصحافة الراغبة في تغطية الحفل لتوقيعها، ما أدى إلى غضب الجميع وهاجموا المنظمين وعمرو دياب، أيضا لموافقته على المهزلة.

 

حملت الورقة الموزعة على الصحافة لتوقيعها عنوان "تعهد وإقرار بالإلتزام بقواعد وشروط حفل الفنان عمرو دياب وRodge"، وهي التي ندد بها نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزيف القصيفي، وأصدر بيانا رفض فيه بدعة منظم الحفل الذي أرسل تعهدا إلى الصحافيين والإعلاميين الذين يرغبون بتغطية الحفلة يلتزمون بموجبه عدم الانتقاد أو نشر ما يخالف رأي المتعهد أو الفنان أو الاثنين معا وإعطائهما الحق بحذف المادة..

باعتبار إن هذا التعهد يتعارض مع حرية الفكر والرأي والكتابة بل مع الحرية كمفهوم عام، ويتعين على الجميع رفضه وعدم توقيعه، ولو أدى الأمر إلى مقاطعة الحدث الفني، وكنا نرجو الا ينغصه هذا التدبير غير الموفق والمرفوض من الصحافيين والإعلاميين لأنه يطاولهم في صلب مهنتهم وفي حقهم بالكتابة والتعبير عن رأيهم فيه.

 

كما صدر بيانًا مماثلًا عن نادي الصحافة جاء فيه "فوجىء الوسط الإعلامي في لبنان بأن منظمي حفل الفنان عمرو دياب وضعوا شروطًا على الصحفيين الذين كانوا يرغبون بتغطية حفلته في بيروت أقل ما يقال فيها إنها تتنافى مع حرية الرأي والتعبير..

 كما أنها تضرب عرض الحائط الدستور والقوانين اللبنانية التي تكرّس حرية التعبير، ونطالب باعتذار علني من الفنان عمرو دياب ومن منظمي الحفل للصحافة اللبنانية ونطالب وزير الإعلام زياد المكاري باتخاذ موقف مما حصل منعًا لتكرار هكذا ممارسات لا تمت إلى الثقافة اللبنانية بصلة".

 

هجوم الصحافة اللبنانية على متعهد الحفل والفنان عمرو دياب، لم يمنع بعض الإعلاميين من شراء تذاكر، للتحرر من البدعة وكتابة ما يحلو لهم بعد الاستمتاع بالحفل، فيما دافع البعض الآخر عن الفنان المصري، وأنه لا يمكن أن يوافق على هكذا تعهد، لأنه بالأساس بعيد عن الإعلام والصحافة ويركز فقط في عمله، ولم يلجأ خلال مسيرته لمثل هذا التصرف حتى يفعله في لبنان!

 


لم تتوقف الأزمة عند حد التعهد، بل انتقد وزير البيئة اللبناني ناصر ياسين، مخلفات الحفل في الطريق العام وداخل المسرح، وقال: هذا هو الطريق العام المؤدي لمكان حفلة عمرو دياب، على واجهة بيروت البحرية والنفايات المرمية عشوائيا بعدها. أما في الداخل فحدّث ولا حرج، كنا قد لفتنا نظر بلدية بيروت لإلزام الشركة المنظمة رفع النفايات وتنظيف المكان على نفقتها..

لكن بعد هذا المنظر ينبغي على محافظ بيروت تسطير محاضر نظافة عامة بحق المخالفين حسب المرسوم الذي ينص على أن يعاقب من يرتكب مخالفة طرح النفايات والقشور أو العلب الفارغة وغيرها أو تركها أمام محله أو منزله، والزام الشركة المنظمة للحفل تنظيف الموقع والشوارع المحاذية على نفقتها الخاصة، تحت مبدأ الملوث يدفع".

الجريدة الرسمية