المخابرات العامة.. نشكركم على حسن تعاونكم
«نشكركم على حُسن تعاونكم معنا».. كان هذا جانبا من نص الرسالة التي أرسلها جهاز المخابرات المصرية، للموساد الإسرائيلى، بعد نجاح «جمعة الشوان» في مهمته المخابراتية الطويلة، داخل دولة الكيان الصهيونى، بامتياز.
وتنضم تلك العملية إلى عمليات أخرى لا تُعد ولا تُحصى، أنجزها جهاز المخابرات العامة المصرية، منذ إنشائه في عام 1954 وحتى الآن، تمكن خلالها من تنفيذ مهام معقدة وصعبة بنجاح منقطع النظير، جعله يحتل مرتبة متقدمة جدا بين الأجهزة المخابراتية العالمية.
منذ اللحظة الأولى لإنشائه بعد ثورة يوليو بعامين، في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وفرت الدولة المصرية لجهاز المخابرات العامة، جميع أسباب النجاح والتميز والقوة والمجد، فحقق ضربات مدوية، كان أبرزها داخل إسرائيل، كما لا تزال ضرباته عنوانا لوطنية كل من ينتمى إليه.
في عام 1954، أصدر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قرارًا رسميًا بإنشاء جهاز «المخابرات العامة»، وأسند إلى زكريا محيى الدين مهمة إنشائه بحيث يكون جهاز مخابرات قادرا على حماية الأمن القومى المصري، فكان دائما وأبدا عند حُسن الظن به، وبقى داعما للدولة المصرية، يحفظ أمنها، ويفضح من يعملون ضد مصلحتها، في الداخل والخارج، ويكشف أسرارهم، ويقودهم إلى المصير الذي يستحقونه.
«اليد العليا لمن يملك البحر، اليد العليا لمن يملك السلاح، اليد العليا لمن يملك السماء، اليد العليا لمن يملك المعلومات».. على هذه العقيدة الراسخة، شبّ جهاز المخابرات العامة المصرية، ومن خلالها لم يرض بغير قهر خصومه بديلا، فتأتى ضرباته أشبه بالصفعات العنيفة على وجوه كل من يتحين لحظة ضعف لـ«مصر»، فيحاول أن ينال منها أو يمسها بسوء.
منذ إنشائه قبل 61 عاما، كان جهاز المخابرات العامة ولا يزال، حاميا لأمن مصر القومى، في لحظات الانكسار وفى ساعات الانتصار، فكما لعب دورا مهما بعد نكسة 1967، من خلال المشاركة في عدد من روائع عملية الاستنزاف وتأمينها، ومنها: عملية تدمير الحفار الإسرائيلى، والحصول على محاضر القيادة العليا لجيش الدفاع الإسرائيلي، والاطلاع على المزيد عن آلياته ومطاراته ومخازن أسلحته، إلى جانب الكشف عن قوائم كاملة بأسماء وحداته وأماكن تواجدها وأسماء ضباطها، فإنه ظل أيضا حافظا للعهد، حتى تحقق نصر أكتوبر، وتصدى لمكر الكيان الصهيونى بعدها، وحقق بطولات تاريخية، تخلد أصحابها في سجلات الخالدين، كما تصدى لجميع محاولات الغدر والخيانة، التي أرادت بعض الأطراف من خلالها كسر مصر بعد ثورة 25 يناير 2011،، استغلالا لحالة تفشى الانفلات الأمني، من خلال عيون لا تنام، ويعشق أصحابها التحدى، ويهوون النجاح.
يحتل جهاز المخابرات المصرية المرتبة الأولى عربيا، وعالميا يأتى تاليا، لكل من: المخابرات الروسية والأمريكية والبريطانية والصينية والفرنسية، وسابقا لكل من: المخابرات الإسرائيلية «الموساد»، والإيرانية «السافاك»، والألمانية والسعودية، وينقسم الهيكل التنظيمى للجهاز إلى عدة مجموعات، بحيث يرأس كل مجموعة أحد الوكلاء ممثلًا لرئيس الجهاز. كما يحتوى الجهاز على مبنى يحوى مكتبة ضخمة وآخر للمعامل.
حتى وقت قريب كانت تعتبر شخصية رئيس المخابرات المصرية سرية وغير معروفة إلا لكبار قيادات الجيش ولرئيس الجمهورية، الذي يقوم بتعيينه بقرار جمهوري، ولكن رئيسها الراحل اللواء عمر سليمان كسر هذا التقليد، وكان شخصية معروفة للجميع، حتى إنه اكتسب حبا شعبيا جارفا قبل وفاته، ومن بعده صار اسم رئيس الجهاز معروفا ولم يعد سرا ولا خافيا على أحد.
في العام الماضى، أنتج جهاز المخابرات المصرية فيلما وثائقيا، عن إنجازاته، منذ نشأته، بعنوان «كلمة وطن»، مدته 41 دقيقة، يتباهى فيه بإنجازاته الخالدة، في حماية أمن مصر، ويتعهد بمواصلة دوره، مشددا على أن «عين المخابرات المصرية لا تنام، من وراء الستائر، رجال المخابرات المصرية يواصلون رصد ومراقبة القضايا، وتحليل الوقائع، ومواجهة الجرائم، وتنفيذ عمليات، والنجاح في إنجازات بدون أن نعرف صورهم أو من يكونون».
كما أكد الفيلم، الذي ننشر تفاصيله على الصفحتين «8-9» أن جهاز المخابرات المصرية حمى البلاد من مؤامرات إسرائيل وحلفائها الغربيين، في خطوة كانت مهمة لسببين، أولهما: أن يعلم المصريون، بعد ظروف عصيبة مرت بها بلادهم من ثورتين متتاليتين، أن أمن مصر القومى سوف يبقى محفوظا، برعاية الله، ثم بيقظة جهاز مخابرات لا يعرف المستحيل، والسبب الثانى: أنه حمل رسالة قوية لأعداء مصر في الداخل والخارج، الذين كانوا يخططون لإسقاط الدولة المصرية، فأدركوا أن نسور المخابرات المصرية تراقب خططهم الخبيثة، ومؤامراتهم الرخيصة.
فشكرا.. لرجال المخابرات المخلصين الشرفاء الذين يعيشون ويعملون في صمت من أجل حراسة الوطن من كل شيء في الخارج أو الداخل، لا أحد يعرفهم، ولا يجب أن يعرفهم أحد، لكن يجب على كل مصرى وطنى أن يفهم ويدرك حجم العطاء والبطولات والتضحيات التي يبذلونها في صمت، كما يجب علينا جميعا أن نفخر بجهاز المخابرات العامة الذي يعد واحدا من أخطر وأشرف أجهزة الأمن المصرية، والذي تخصص في صناعة الملاحم والبطولات والذي يدرك كل من يعمل فيه المعنى الحقيقى لـ«كلمة وطن».