رئيس التحرير
عصام كامل

ألغام «ثانوية التابلت».. خطايا العام الماضي تهدد «التراكمية».. الوزارة لم تصدر أي نص مكتوب بشكل كامل حول المشروع وأهدافه وآليات تنفيذه وفلسفته.. و3 مليارات جنيه فاتورة «الأجهز

فيتو

هل تدخل تجربة الثانوية التراكمية نفقا مظلما خلال العام الدراسي المقبل؟.. الإجابة عن السؤال السابق مرهونة بحجم إدراك مسئولي وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني للأخطاء التي وقعت خلال العام الدراسي المنقضي، لا سيما وأن تكرار نفس الأخطاء كفيل بإجهاض مشروع «التراكمية» بالكامل، وبالمقابل نجاح الوزارة في تفادي أخطاء العام الماضي سيقود إلى نجاح التجربة واستكمال المشروع.

التحدي 
مصادر «فيتو» أوضحت أن «التحدي الذي تواجهه الوزارة ليس سهلا، لكنه في منتهى الخطورة، لأنه من المفترض أنه (عام التجريب) والعام المقبل عام التطبيق الحاسم، وتعتبر التكليفات الرئاسية لوزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي بشأن الاستمرار في نظام التقييم الجديد في مرحلة الثانوية العامة، والاستفادة من البنية التحتية لمنظومة الاختبارات الإلكترونية والتوسع فيها، وذلك بالتوازي مع تطوير بنك المعرفة والارتقاء بمحتواه لخدمة جميع مراحل التعليم في مصر، فضلًا عن دراسة تطوير منظومة المعلمين في مصر. فرصة كبيرة للوزارة لتصحيح مسار منظومة التراكمية وتفادي أخطاء العام الماضي، تلك الأخطاء التي سببت حالة الغضب لدى أولياء الأمور تجاه الوزارة وتجاه نظام الامتحانات الجديد في الثانوية التراكمية، وأكدت المصادر أنه «هناك اتجاه قوي من وزارة التربية والتعليم لاستكمال ما بدأته من تجريب خلال العام الدراسي المنقضي؛ لكن مع الاستعداد للعام الدراسي الجديد ٢٠١٩/٢٠٢٠ يتأكد أن العقبات التي تواجه الوزارة ربما تزيد عن عقبات العام الماضي.
الضبابية
واحد من أخطر العقبات التي تواجه تجربة الثانوية التراكمية، بحسب المصادر ذاتها، يتمثل في حالة الضبابية التي تفرضها «التربية والتعليم» حول التجربة وآليات تنفيذها، فحتى الآن لم تصدر الوزارة أي نص مكتوب بشكل كامل حول المشروع وأهدافه وآليات تنفيذه وفلسفته، وكل ما يدور مجرد تصريحات تطلق هنا وهناك دون إستراتيجية محددة يمكن الاحتكام إليها وتحديد ما تم منها وما لم يتم، فهل هذا يعني أنه ما زالت منظومة التعليم الجديدة بما فيها التراكمية مجرد أفكار في أدراج الوزارة؟! أم أن هناك إستراتيجية مكتوبة ومحكمة يمكن الرجوع إليها؟، وإذا كانت هناك إستراتيجية فلماذا لا يعلنها وزير التعليم على الملأ كما فعلت في عهد الوزير الأسبق الدكتور محمود أبو النصر، حينما وضعت إستراتيجية ٢٠١٤ وكانت تستغل كل فرصة لعرضها ومناقشتها من قبل القوى المجتمعية المختلفة، لأن الوزارة وقتها كانت تؤمن أن إستراتيجية ٢٠١٤ هي إستراتيجية لمصر وليست خطة لـ«أبوالنصر».
غياب المعلومة 
وأضافت المصادر: حالة الغموض حول مشروع «التراكمية» لا تقف عند حد تغييب الإستراتيجية المكتوبة؛ لكنها تشمل أيضا درجة غياب المعلومة الكاملة عن المسئولين قانونا عن التعليم الثانوي؛ فالمديريات التعليمية المنوط بها تنفيذ تلك السياسات كانت خلال العام المنقضي لا تعلم شيئا عما سيتم تطبيقه خلال الشهر المقبل في هذا الملف، وكانت تفاجئ بكل خطوة وعليها أمام ذلك أن تكون مستعدة، كما أنه لم يتم إشراك مديري المديريات في مراحل الإعداد للتنفيذ وكان ذلك سببا في تفاقم مشكلات التراكمية، كما أشارت إلى أن «الأمر بالنسبة للإدارة المركزية للتعليم الثانوي وقطاع التعليم العام لا تختلف كثيرا، فالإدارة المنوط بها متابعة تنفيذ كل ما يتعلق بالتعليم الثانوي العام لم يُذكر أنها كانت ضمن المتواجدين منذ بدء عملية تطبيق التجربة؛ ولعل رئيس الإدارة المركزية للتعليم الثانوي الحالي كان مثل الكثيرين يعرف بالأحداث بعد وقوعها، والوضع ذاته بالنسبة لمستشاري المواد، فقد غابت عنهم المعلومات الكاملة حول منظومة امتحانات الثانوية التراكمية».

وذكرت المصادر أن وزارة التعليم تواجه العام القادم تحديا كبيرا أيضا أمام «التراكمية» يتمثل في أنه أصبح هناك دفعتان من المفترض أن تطبق لهما منظومة الامتحانات التراكمية، وإذا كان طلاب الفرقة الأولى الصاعدين إلى الفرقة الثانية تسلم معظمهم أجهزة التابلت بالفعل، فإنه بقي على الوزارة توفير أجهزة التابلت للطلاب الملتحقين بالصف الأول العام المقبل، وهذا الأمر يتطلب تمويلا ضخما قد يتجاوز ٣ مليارات جنيه، فهل تم توفير هذا التمويل مبكرا حتى لا تتكرر أزمة العام الماضي في تأخير تسليم التابلت، خاصة أن العام الماضي تأخرت أجهزة التابلت كثيرا، وبرر مسئولو الوزارة الأمر بوجود بعض العقبات، وهي التبريرات التي لن يتقبلها الرأي العام مجددا، لا سيما أنه من المفترض أن الوزارة تعلم جيدا أن عليها توفير الأجهزة اللازمة مبكرا، وتلك الجزئية تقود إلى تساؤل آخر مفاده من يتحمل أعباء أجهزة التابلت للدفعة الجديدة.. هل تتحملها الوزارة؟ أم يتحملها أولياء الأمور؟ وإذا كانت الأولى فإلى متى ستتمكن الوزارة من تحمل تلك الأعباء في ظل الارتفاع المتوالي لأسعار التصنيع؟ وإذا كانت الوزارة تنوي تحميل تلك الأجهزة لأولياء الأمور فكيف يمكن تطبيق ذلك بعد أن وزعتها بالمجان العام الماضي؟ وهل سيقبل أولياء الأمور تحمل ذلك؟


وفي سياق ذي صلة، فقد جاءت تصريحات الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني حول مصير الطلاب الملتحقين بالصف الثاني الثانوي للعام الدراسي 2019/2020 بمثابة إنهاء لحالة الحيرة التي وقع فيها الطلاب حينما أعلن أن طلاب هذه الدفعة فقط لن يكونوا جزءا من الشهادة بسبب العقبات القانونية الموجودة، لأن الثانوية العامة ما زالت تدار وفقا للقانون رقم ٢٠ لسنة ٢٠١٢، ولم يعد خافيا على أحد أن ذلك القانون صار أزمة كبرى أمام تجربة «التراكمية» المعروفة بـ «ثانوية التابلت»، والأزمة الحالية أن الوزارة لم تكن في حاجة ملحة العام الماضي لتغيير القانون أو تعديله، لأنه كان عاما تجريبيا؛ لكن العام المقبل بات أمر تعديل القانون في حال التطبيق؛ ولكن في ظل إجازة مجلس النواب يصبح الأمر شبه مستحيل.
السيناريو الآمن
هذا الوضع جعل الوزارة تلجأ إلى تطبيق السيناريو الآمن، والمتمثل في استمرار الصف الثاني الثانوي كسنة نقل عادية لهذه الدفعة فقط، وبذلك لا يكون هناك تغيير بالنسبة للصفين الأول والثاني الثانوي، وأن الشهادة فقط لطلاب الصف الثالث الثانوي، وتم إعلان العام الدراسي القادم استكمالا لتطبيق منظومة الامتحانات الإلكترونية دون الدخول في حسابات الشهادة الثانوية.

وقالت المصادر: إنه توجد تساؤلات حول عدد الامتحانات فهل تستمر الوزارة في تطبيق 4 امتحانات لكل فرقة في العام بواقع امتحانين في كل فصل دراسي أم تعود الوزارة إلى تطبيق امتحانات الفصلين الدراسيين (الترمين) بحيث يكون في كل فصل دراسي امتحان رئيسي، باستخدام أجهزة التابلت لتخفيف العبء على الوزارة في إدارة تلك النوعية من الامتحانات، ومراعاة الوقت اللازم لعملية التصحيح، والتي كشفتها تجربة امتحانات مايو الماضي التي أداها طلاب الصف الأول الثانوي؛ ولكن حال تطبيق هذا السيناريو فستكون الوزارة قد أخلت بالأهداف الرئيسية للتجربة، والمتمثلة في عقد ٤ امتحانات للطالب في العام الدراسي الواحد من أجل منح الطالب أكثر من فرصة امتحانية.

نواب لجنة التعليم: تطبيق «التقييم التراكمى» للثانوية العامة قبل ٢٠٢٢ مستحيل

ما بين المصير المجهول الذي ينتظر الطلاب، وحالة القلق التي تسود بين أولياء الأمور، لا تزال وزارة التربية والتعليم تعاني من التخبط فيما يتعلق بـ«نظام الثانوية العامة»، فعلى الرغم من إعلان من قبل عن شكل نظام الثانوية العامة الجديد المعروف بالنظام التراكمى، والتأكيد بأن تطبيقه سيكون في عام ٢٠١٩/٢٠٢٠، غير أن المؤشرات الحالية تؤكد عدم إمكانية تطبيق ذلك النظام على الثانوية العامة العام الجديد أو العام المقبل حتى، وذلك بسبب عدم تعديل قانون التعليم الحالي بما يسمح بإجراء تقييم تراكمى لطلاب الثانوية العامة.

وفي هذا السياق أبدت الدكتورة ماجدة نصر، عضو لجنة التعليم والبحث العلمى بمجلس النواب، استياءها من عدم توافر أي معلومات عن موعد واليات تطبيق النظام الجديد للثانوية العامة، مشددة على أن حالة الضبابية هذه ساهمت في انتشار حالة من القلق بين أولياء الأمور حول مصير أبناءهم، وكيفية التعامل معهم.

قالت «د. ماجدة»: إن تطبيق النظام الجديد للثانوية العامة والذي سبق وأعلن عنه وزير التربية والتعليم ويتضمن إجراء تقييم تراكمى للثانوية العامة، لن يتم دون إجراء تعديل تشريعى على قانون التعليم، والقانون الحالي ينص على إجراء امتحان قومي على مستوى الجمهورية في وقت واحد للصف الثالث الثانوى، وهو ما يتبع حاليًا، وبالتالي فإن أي تعديل أو تطوير في شكل ونظام التقييم للثانوية العامة، يتطلب تعديل ذلك النص الخاص بطريقة تقييم مرحلة الثانوية العامة بقانون التعليم، لينص على إجراء الامتحانات بشكل تراكمي، سواء كانت تراكمى للصفوف الثلاث أو لصفين فقط أو تراكمى للصف الثالث فقط.

وأضافت: حتى الآن لم يتم إحالة أي تعديل تشريعى لقانون التعليم إلى مجلس النواب، ولم تعلن الوزارة عن إعدادها أو انتهاءها من إجراء ذلك التعديل، مع الأخذ في الاعتبار هنا أنه حال الانتهاء من التعديل – إن وجد- وإحالته للمجلس حاليا، فلن يتم اقراره قبل بدء العام الدراسى الجديد، نظرا لأن البرلمان يعد في إجازة برلمانية حاليا، وسيعود في دور انعقاده الخامس مطلع أكتوبر المقبل، أي بعد بدء العام الدراسى الجديد.

وتابعت: ذلك يعنى أن تطبيق النظام الجديد، العام الدراسى الحالي، يعد مستحيل، وبالتالي سيتم تقييم طلاب الصف الثالث الثانوى العام الجديد وفقا للنظام القديم، وكذلك طلاب الصف الثانى الثانوى العام الجديد لن يطبق عليهم النظام التراكمى وسينقلون إلى الصف الثالث الثانوى العام المقبل ٢٠٢٠/٢٠٢١ ويتم تقييمهم أيضا وفقا للنظام الحالي، وحال إعداد تعديل تشريعى لقانون التعليم، وإحالته للمجلس في دور الانعقاد المقبل، سيتم تطبيقه على طلاب الصف الأول أو الثانى الثانوى في عام ٢٠٢٠ /٢٠٢١ قبل بدء الدراسة، حسبما ترى الحكومة شكل النظام التراكمى سواء على ثلاث سنوات أم عامين فقط، وبالتالي فلن يكتمل تطبيقه قبل عام ٢٠٢٢ بصعود طلاب الصف الثانى إلى الثالث الثانوى.

في حين أكد النائب السيد حجازى، عضو مجلس النواب، أنه «هناك حالة من التخبط التي تعانى منها وزارة التربية والتعليم، بسبب عدم وضوح رؤية التطوير، وكل بيت مصري به طالب في الثانوى، ولا يعرفون ما سيواجهونه من نظام جديد خلال الأيام المقبلة، في ظل عدم وجود أي معلومات من الوزارة، ما يجعل مصير هؤلاء الطلاب مجهول، وأكمل: الحكومة أعلنت من قبل عن مواعيد لتطبيق ذلك النظام، ولم تلتزم بها، ولم تتقدم بتعديل تشريعى، يؤكد أنها تسعى جديا في تلك الخطوة، ما يعنى أنها ما زالت غير مستقرة على ذلك النظام.
الجريدة الرسمية