جيش أتلفته الصراعات.. 5 أسباب تجعل إثيوبيا غير قادرة على الحرب
اعتاد نظام رئيس الوزراء الإثيوبى، آبى أحمد
على، التشدق بين الحين والآخر بقدرات بلاده العسكرية على مواجهة أي تحديات أو
تهديدات خارجية، ويذهب بعيدا بالحديث عن القدرة التسليحية ومنصات الصواريخ بالمخالفة
لحقيقة الأمر المرير الذي تعيشه بلاده، ما يجعل دولته هشة غير قادرة على خوض
معارك خارجية نتيجة الانقسام الحاد بين المكونات العسكرية والصراعات الإثنية هناك.
صحيح أن آبى أحمد، سعى جاهدا خلال الأشهر الماضية لتحميل جبهة تيجراي أوزار فساد حكمه وجعلها شماعة يحملها فشله وتبرير محاولات الانقلاب التى تنخر مفاصل المؤسسة العسكرية، وهي أمور كشفت مدى هشاشة النظام القائم، وحل لغز محاولة أديس أبابا خلق صراعات خارجية لتصدير أزمته الداخلية رغم قناعته بخطورة أي مواجهة عسكرية خارجية فى ظل حالة الشتات الداخلى والتى اعترف بها مؤخرا رئيس الوزراء بتأكيده خوض جيشه حرب عصابات على 8 جبهات.
والعام الماضي قالت صحيفة "إيكونوميست" فى تقرير لها عن الصراع فى إثيوبيا، أن إثيوبيا تتجه نحو حرب أهلية، وذلك عقب إصدار رئيس وزرائها العام الماضى قرارا بمواجهة حكومة إقليم تيجراي المضطرب شمالي البلاد.
وذكرت "إيكونوميست" حينها، أن نذر تلك الحرب ظلت تلوح في الآونة الأخيرة، وتحديدا عندما سافر جنرال في الجيش الاتحادي الإثيوبي إلى تيغراي في 29 أكتوبر الماضي لتسلم موقعه الجديد نائبا لقائد القوات هناك، لكنه مُنع من الدخول.
التصعيد الأخير جاء بعد شهور من عداء مرير بين آبي أحمد وقادة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، التي كانت جماعة مسلحة قبل أن تتحول إلى حزب سياسي بعد أن قادت التمرد لإطاحة النظام الماركسي في أديس أبابا عام 1991.
وطوال 3 عقود منذ ذلك الحين كانت للجبهة الشعبية لتحرير تيجراي الكلمة العليا في الحكومة الاتحادية قبل أن تجبرها احتجاجات هائلة عام 2018 من إثنية الأورومو "التي تشكل ثلث الشعب الإثيوبي تقريبا" على إفساح المجال لآبي أحمد لقيادة البلاد.
التجاذب بين آبى أحمد مع تيجراي ليس هو الصراع الوحيد الذي تعانيه الدولة الإثيوبية، وذلك لأن رئيس الوزراء يخوض أيضا حربا ضد انفصاليين مسلحين في إقليم أوروميا الأكبر في البلاد الذي يتحدر منه هو نفسه.
ومنذ دخول فى الحرب مع جبهة تيجراي، يعيش آبى أحمد على أمل فرض السيطرة بضربة عسكرية سريعة طالت ولم تصل حتى الآن للمرجو منها، لعدة عوامل أولها، أن الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي هي الأفضل تسليحا والأشد من كل القوى الإثيوبية المعارضة، فقواتهم شبه العسكرية يقودها محاربون قدامى خاضوا العديد من المعارك ضد النظام الماركسي، وشاركوا في الحرب المدمرة ضد إريتريا بين عامي 1998 و2000.
ويقال إن الضباط التيجراي الذين فُصلوا من الجيش الاتحادي في عملية تطهير قام بها آبي أحمد عادوا إلى إقليمهم ليدربوا المجندين الجدد.
ثانيا، العوامل التي تجعل الصراع ضد تيجراي بالغ الخطورة أن الإقليم المضطرب هو القاعدة الرئيسة لأقوى وحدات الجيش الإثيوبي، حيث يتجاوز عدد الجنود فيها نصف تعداد الجيش برمته وتسمى "القيادة الشمالية" وهى التى تحملت وطأة الحرب ضد إريتريا، ويخشى الجيش الإثيوبى من عملية تمرد يقودها القيادات والجنود المتبقين من التيجراي داخل الجيش انحيارا لقوميتهم.
الأمر أيضا الذي يغذي النزعات الانفصالية، هو التركيبة الديموغرافية لإثيوبيا المكونة من تسعة أقاليم عرقية ذات حكم ذاتي، وتقول دائرة المعارف البريطانية إن هناك العديد من القوميات في إثيوبيا، مشيرة إلى أن التمايز اللغوي يعد من أبرز أسباب الخلافات في البلاد، حيث يوجد في هذا البلد نحو 100 لغة يمكن تقسيمها إلى 3 مجموعات لغوية رئيسية هي السامية والكوشية والأورومية وجميعها من الأسرة الآفرو آسيوية، كما أن هناك مجموعة رابعة تنتمي إلى النيلية وهي جزء من أسرة النيل الصحراء اللغوية، حسب ما ذكر تقرير سابق لهيئة الإذاعة البريطانية "بى بى سي".
ومن بين القوميات الكبيرة المشكلة للمجتمع والتى دخل معها أبى أحمد فى صراع، قومية الأورومو والتي تتركز في أوروميا بوسط إثيوبيا ويشكلون نحو 34 % من عدد السكان البالغ أكثر من 100 ملايين نسمة، وهم يتحدثون اللغة الأورومية، ويعملون بالزراعة والرعي، وتعد أكبر جماعة عرقية في إثيوبيا ويشكون منذ زمن طويل من تعرضهم للتهميش.
وكانت احتجاجات الأورومو المناهضة للحكومة قد اندلعت في عام 2015 بسبب نزاع بين مواطنين غالبيتهم من عرقية أورومو والحكومة حول ملكية بعض الأراضي، ولكن رقعة المظاهرات اتسعت لتشمل المطالبة بالحقوق السياسية وحقوق الإنسان، وأدت لمقتل المئات واعتقال الآلاف.
وأجبرت المظاهرات الائتلاف الحاكم في نهاية المطاف على استبدال رئيس الوزراء وقتها هايلي مريام ديسالين بآبي أحمد، الذي ينتمي إلى عرقية الأورومو، وتجددت الاحتجاجات مؤخراً وسقط عشرات المتظاهرين في الإقليم عقب مقتل المطرب هاشالو هونديسا في شهر يوليو 2020.
وتعد الأمهرة ثاني أكبر مجموعة عرقية في إثيوبيا ويتحدثون اللغة الأمهرية، وهي اللغة الرسمية للجمهورية الإثيوبية، ويشكلون نحو 27 في المئة من عدد السكان، وبحسب المعتقد التقليدي فإن أصول الأمهرة ترجع إلى سام الابن الأكبر للنبى نوح الذي وردت قصته في العهد القديم، ومؤخرا دبت الخلافات بينهم وبين آبى أحمد نتيجة فشله فى تمكينهم من أراضى الفشقة السودانية بالرغم من توفير غطاء عسكري للميلشيات وجلب عناصر من إريتريا لدعمهم إلا أن الجيش السودانى ناجح فى صد هذه الهجمات وإفشال هدف إثيوبيا فى مكافأة الأمهرة بمنحهم الأراضى السودانية هدية مقابل الصمت والدعم السابق لرئيس الوزراء.
الخلاصة مما سبق ترسم صورة واضحة المعالم لدولة غارقة في الصراعات والإثنية، تدلل على ضعف قدراتها العسكرية على المواجهة مع أي دول بالإقليم أو الجوار وتثبت مدى المعلومات المضللة التى يبثها آبى أحمد لشعبه فى الإعلام عن إمكانات بلادهم.
صحيح أن آبى أحمد، سعى جاهدا خلال الأشهر الماضية لتحميل جبهة تيجراي أوزار فساد حكمه وجعلها شماعة يحملها فشله وتبرير محاولات الانقلاب التى تنخر مفاصل المؤسسة العسكرية، وهي أمور كشفت مدى هشاشة النظام القائم، وحل لغز محاولة أديس أبابا خلق صراعات خارجية لتصدير أزمته الداخلية رغم قناعته بخطورة أي مواجهة عسكرية خارجية فى ظل حالة الشتات الداخلى والتى اعترف بها مؤخرا رئيس الوزراء بتأكيده خوض جيشه حرب عصابات على 8 جبهات.
والعام الماضي قالت صحيفة "إيكونوميست" فى تقرير لها عن الصراع فى إثيوبيا، أن إثيوبيا تتجه نحو حرب أهلية، وذلك عقب إصدار رئيس وزرائها العام الماضى قرارا بمواجهة حكومة إقليم تيجراي المضطرب شمالي البلاد.
وذكرت "إيكونوميست" حينها، أن نذر تلك الحرب ظلت تلوح في الآونة الأخيرة، وتحديدا عندما سافر جنرال في الجيش الاتحادي الإثيوبي إلى تيغراي في 29 أكتوبر الماضي لتسلم موقعه الجديد نائبا لقائد القوات هناك، لكنه مُنع من الدخول.
التصعيد الأخير جاء بعد شهور من عداء مرير بين آبي أحمد وقادة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، التي كانت جماعة مسلحة قبل أن تتحول إلى حزب سياسي بعد أن قادت التمرد لإطاحة النظام الماركسي في أديس أبابا عام 1991.
وطوال 3 عقود منذ ذلك الحين كانت للجبهة الشعبية لتحرير تيجراي الكلمة العليا في الحكومة الاتحادية قبل أن تجبرها احتجاجات هائلة عام 2018 من إثنية الأورومو "التي تشكل ثلث الشعب الإثيوبي تقريبا" على إفساح المجال لآبي أحمد لقيادة البلاد.
التجاذب بين آبى أحمد مع تيجراي ليس هو الصراع الوحيد الذي تعانيه الدولة الإثيوبية، وذلك لأن رئيس الوزراء يخوض أيضا حربا ضد انفصاليين مسلحين في إقليم أوروميا الأكبر في البلاد الذي يتحدر منه هو نفسه.
ومنذ دخول فى الحرب مع جبهة تيجراي، يعيش آبى أحمد على أمل فرض السيطرة بضربة عسكرية سريعة طالت ولم تصل حتى الآن للمرجو منها، لعدة عوامل أولها، أن الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي هي الأفضل تسليحا والأشد من كل القوى الإثيوبية المعارضة، فقواتهم شبه العسكرية يقودها محاربون قدامى خاضوا العديد من المعارك ضد النظام الماركسي، وشاركوا في الحرب المدمرة ضد إريتريا بين عامي 1998 و2000.
ويقال إن الضباط التيجراي الذين فُصلوا من الجيش الاتحادي في عملية تطهير قام بها آبي أحمد عادوا إلى إقليمهم ليدربوا المجندين الجدد.
ثانيا، العوامل التي تجعل الصراع ضد تيجراي بالغ الخطورة أن الإقليم المضطرب هو القاعدة الرئيسة لأقوى وحدات الجيش الإثيوبي، حيث يتجاوز عدد الجنود فيها نصف تعداد الجيش برمته وتسمى "القيادة الشمالية" وهى التى تحملت وطأة الحرب ضد إريتريا، ويخشى الجيش الإثيوبى من عملية تمرد يقودها القيادات والجنود المتبقين من التيجراي داخل الجيش انحيارا لقوميتهم.
الأمر أيضا الذي يغذي النزعات الانفصالية، هو التركيبة الديموغرافية لإثيوبيا المكونة من تسعة أقاليم عرقية ذات حكم ذاتي، وتقول دائرة المعارف البريطانية إن هناك العديد من القوميات في إثيوبيا، مشيرة إلى أن التمايز اللغوي يعد من أبرز أسباب الخلافات في البلاد، حيث يوجد في هذا البلد نحو 100 لغة يمكن تقسيمها إلى 3 مجموعات لغوية رئيسية هي السامية والكوشية والأورومية وجميعها من الأسرة الآفرو آسيوية، كما أن هناك مجموعة رابعة تنتمي إلى النيلية وهي جزء من أسرة النيل الصحراء اللغوية، حسب ما ذكر تقرير سابق لهيئة الإذاعة البريطانية "بى بى سي".
ومن بين القوميات الكبيرة المشكلة للمجتمع والتى دخل معها أبى أحمد فى صراع، قومية الأورومو والتي تتركز في أوروميا بوسط إثيوبيا ويشكلون نحو 34 % من عدد السكان البالغ أكثر من 100 ملايين نسمة، وهم يتحدثون اللغة الأورومية، ويعملون بالزراعة والرعي، وتعد أكبر جماعة عرقية في إثيوبيا ويشكون منذ زمن طويل من تعرضهم للتهميش.
وكانت احتجاجات الأورومو المناهضة للحكومة قد اندلعت في عام 2015 بسبب نزاع بين مواطنين غالبيتهم من عرقية أورومو والحكومة حول ملكية بعض الأراضي، ولكن رقعة المظاهرات اتسعت لتشمل المطالبة بالحقوق السياسية وحقوق الإنسان، وأدت لمقتل المئات واعتقال الآلاف.
وأجبرت المظاهرات الائتلاف الحاكم في نهاية المطاف على استبدال رئيس الوزراء وقتها هايلي مريام ديسالين بآبي أحمد، الذي ينتمي إلى عرقية الأورومو، وتجددت الاحتجاجات مؤخراً وسقط عشرات المتظاهرين في الإقليم عقب مقتل المطرب هاشالو هونديسا في شهر يوليو 2020.
وتعد الأمهرة ثاني أكبر مجموعة عرقية في إثيوبيا ويتحدثون اللغة الأمهرية، وهي اللغة الرسمية للجمهورية الإثيوبية، ويشكلون نحو 27 في المئة من عدد السكان، وبحسب المعتقد التقليدي فإن أصول الأمهرة ترجع إلى سام الابن الأكبر للنبى نوح الذي وردت قصته في العهد القديم، ومؤخرا دبت الخلافات بينهم وبين آبى أحمد نتيجة فشله فى تمكينهم من أراضى الفشقة السودانية بالرغم من توفير غطاء عسكري للميلشيات وجلب عناصر من إريتريا لدعمهم إلا أن الجيش السودانى ناجح فى صد هذه الهجمات وإفشال هدف إثيوبيا فى مكافأة الأمهرة بمنحهم الأراضى السودانية هدية مقابل الصمت والدعم السابق لرئيس الوزراء.
الخلاصة مما سبق ترسم صورة واضحة المعالم لدولة غارقة في الصراعات والإثنية، تدلل على ضعف قدراتها العسكرية على المواجهة مع أي دول بالإقليم أو الجوار وتثبت مدى المعلومات المضللة التى يبثها آبى أحمد لشعبه فى الإعلام عن إمكانات بلادهم.