أماني الطويل: إثيوبيا تكثف العمل ليل نهار ضد التقارب بين مصر والسودان
أوضحت الدكتورة أماني الطويل، مديرة البرنامج الأفريقي بمركز
الأهرام للدراسات الإستراتيجية، المخاطر التي يجليها سد النهضة الإثيوبي على السودان ومصر.
وأشارت الطويل في مقال لها جاء تحت عنوان "مصر والسودان.. نحو حوار إستراتيجي" نشرته الزميلة الأهرام، إلى أنه رغم الشواغل التي تسيطر على البلدين تجاه سد النهضة، لكن التعاون بينهما على خلفية التقارب الحادث يسعى لأفق أرحب متعلق بجميع القضايا التنموية، التي ترفع من القدرات الشاملة لمؤسستي الدولة فى البلدين.
وإلى نص المقال..
تثور العديد من الأسئلة حول حجم التقارب بين القاهرة والخرطوم أخيرا، وعما إذا كان هذا التقارب مؤقتا أى أنه مرتبط بملف سد النهضة، أم أنه ممتد ليشمل كل المخاطر الإقليمية الظاهرة في أقاليم حوض النيل والقرن الأفريقي والبحر الأحمر.
ولعل مثار هذه الأسئلة مرتبط بالزيارات التي جرت خلال الأيام العشرة الأخيرة على المستويين السياسي والعسكري، والتي استقبلت فيها الخرطوم الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس أركان القوات المسلحة الفريق أول محمد فريد، بينما حظيت القاهرة بزيارة رئيس الوزراء السودانى عبد الله حمدوك، بينما حلت وزيرة الخارجية د. مريم المهدى مرتين ضيفة عزيزة على القاهرة.
بطبيعة الحال يتوج ملف سد النهضة بما يمثله من مخاطر وأضرار على البلدين قمة الأجندة بينهما، خصوصا أن موعد الملء الثانى لبحيرة السد على الأبواب، بينما يعجز الاتحاد الإفريقى للأسف عن ممارسة ضغوط فعالة على إثيوبيا، واختارت واشنطن أن يكون الضغط على أديس أبابا من بوابة الانتهاكات التى ارتكبت ضد الإنسانية فى إقليم تيجراي وتجاهل حتى الآن الأمن الإنساني لشعبي مصر والسودان. ويبدو التقارب بين مصر والسودان في هذه الآونة محل قلق إثيوبي كبير، ويتم تكثيف العمل ضده ليل نهار، على المستويين السياسي والعسكري، وذلك بتقديرات خاطئة بوجود تحريض مصري على إثيوبيا في السودان، وذلك دون إدراك أن السلم الإقليمي أحد أهداف مصر الإستراتيجية، ذلك أن مصر ونخبتها السياسية، تعلم أن التموضع الإقليمي للسودان لا بد أن يشمل علاقات جوار طيبة بكل من إثيوبيا ومصر، وأن القاهرة غير ساعية لحرب في الإقليم، ولكنها تواجه من يسعون لحرب أو قلائل أو استنزاف لجيش مصر من جبهته الجنوبية.
في هذا السياق لا بد من استعراض طبيعة التحولات الإقليمية الراهنة التي تستوجب إدارة تفاهم مصري متعدد المستويات، وفي كل القضايا والتحديات المحيطة بالبلدين، ولعل أبرز هذه التحديات هي أولا قيادة إثيوبيا لتحالفات إقليمية أصبحت مهددة للأمن الإقليمي الشامل في كل من القرن الأفريقي والبحر الأحمر، ثانيا ظهور تفاعلات استباقية ضارة من إثيوبيا في ملف الحدود السودانية الإثيوبية. ويمكن القول إن الاتجاهات الإثيوبية، أصبحت مهددة للسودان على نحو غير مسبوق خلال العقود الأخيرة وهو أمر مؤثر في مصر.
في تفاصيل هذه الاتجاهات الإثيوبية نرصد التحالف الإثيوبي الإريتري في الحرب على إقليم التيجراي، وهو التحالف الذي جعل أسمرة متورطة في نوعين من الحروب أولاهما في إقليم التيجراي وهي الحرب المتهمة فيها إريتريا عالميا، بممارسة انتهاكات ضد الإنسانية، وحرب أخرى ضد السودان على الحدود التي توجد فيها قوات إريترية، طبقا لتقديرات عالمية أيضا، هذا التحالف الإثيوبي الإريتري ممتد إلى الصومال، وشخص الرئيس عبد الله فرماجو الذي يمارس حاليا مهامه الرئاسية دون غطاء دستوري حيث انتهت ولايته في الأسبوع الأول من فبراير الماضي، وهي حالة تسببت في فتح الصومال على صراعات مسلحة واغتيالات وتفجيرات في العاصمة مقديشيو، بشكل شبه يومي ضد استمرار فرماجو، وهو ما يعني تصاعد التوتر في بلد مركزي مؤثر في أمن البحر الأحمر الذي هو بالنسبة لمصر أمن قناة السويس.
أما على مستوى التفاعلات الاستباقية التي تقوم بها أديس أبابا، فقد مارست ربطا بين ملفي سد النهضة، وقضايا الخلافات الحدودية بينها وبين السودان وذلك اعتبارا من مارس 2020، وذلك حينما تخلت السودان عن التعاطي مع ملف سد النهضة بمنظور سياسي، يعلو فيه مبدأ التوظيف الإقليمي، كما جرى طوال عهد الرئيس المخلوع عمر البشير، إلى دراسة ملف سد النهضة على المستويين الفني والإستراتيجي وذلك كرد فعل سوداني مباشر على الانسحاب الإثيوبى من مباحثات سد النهضة.
وقد أدركت الخرطوم، ولو متأخرا، أن حجم المخاطر المؤثرة على السودان كبير، وقد تصاعد هذا الإدراك السوداني مع إقدام إثيوبيا على الملء الأول لبحيرة السد، ثم تفريغ الملء دون تنسيق مع السودان، وهو ماتسبب فى حالة انكشاف إستراتيجى للسودان وهدد حكومة الثورة الأولى بالانهيار، الذى رآه بعض السياسيين السودانيين المحسوبين على ثورة ديسمبر المجيدة فى السودان أنه مهدد أيضا لمؤسسة الدولة، بما يعنى فى الأخير أن السودان لا تتحالف مع مصر فى ملف سد النهضة ولكنها تنحاز إلى مصالحها الإستراتيجية أولا وتنحاز بالضرورة إلى مصالح شعبها، وأمنه الإنساني. وفيما يبدو لنا أن إثيوبيا مستمرة فى سياساتها المهددة للسودان والتى تسعى فيها إلى خلط الأوراق بالإقليم إذ نشطت مؤخرا فى ولاية النيل الأزرق ودعمت مجموعات معارضة هناك ضد حكومة الخرطوم، وذلك فى وقت تتهم فيه مصر والسودان بدعم جماعات معارضة لأديس أبابا فى إقليم بني شنقول، وهو اتهام قديم للسودان، وتتجاهل إثيوبيا فى هذا الاتهام مشاكلها فى عدم استقرار الأوضاع بين قومياتها المختلفة، وتلقى بهذا العبء الموجود تاريخيا وطوال القرن الماضى على جوارها الإقليمي المباشر.
وطبقا لهذه الخرائط من التحالفات متعددة المستويات فى الأقاليم المؤثرة بامتياز على الأمن الشامل لكل من مصر والسودان، انطلق من مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية الدعوة لفتح حوار إستراتيجي بين البلدين، وذلك حول مختلف القضايا، وفى المقدمة منها القضايا التنموية، التي ترفع من القدرات الشاملة لمؤسستي الدولة في البلدين،ولعلنا ننتظر تلبية الدعوة من الجانب السودانى واختيار الشريك الأكاديمى لنا، وذلك لفتح الحوار في جميع الملفات، واختيار العاجل منها كمثلث التنمية المعروف بالأمن الغذائي والمائي وأمن الطاقة، وذلك دون إهمال للملفات الخلافية المطلوب فيها بلورة تفاهمات غير مؤثرة على مستقبل دول وادى النيل مصر والسودان وجنوب السودان.
وأشارت الطويل في مقال لها جاء تحت عنوان "مصر والسودان.. نحو حوار إستراتيجي" نشرته الزميلة الأهرام، إلى أنه رغم الشواغل التي تسيطر على البلدين تجاه سد النهضة، لكن التعاون بينهما على خلفية التقارب الحادث يسعى لأفق أرحب متعلق بجميع القضايا التنموية، التي ترفع من القدرات الشاملة لمؤسستي الدولة فى البلدين.
وإلى نص المقال..
تثور العديد من الأسئلة حول حجم التقارب بين القاهرة والخرطوم أخيرا، وعما إذا كان هذا التقارب مؤقتا أى أنه مرتبط بملف سد النهضة، أم أنه ممتد ليشمل كل المخاطر الإقليمية الظاهرة في أقاليم حوض النيل والقرن الأفريقي والبحر الأحمر.
ولعل مثار هذه الأسئلة مرتبط بالزيارات التي جرت خلال الأيام العشرة الأخيرة على المستويين السياسي والعسكري، والتي استقبلت فيها الخرطوم الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس أركان القوات المسلحة الفريق أول محمد فريد، بينما حظيت القاهرة بزيارة رئيس الوزراء السودانى عبد الله حمدوك، بينما حلت وزيرة الخارجية د. مريم المهدى مرتين ضيفة عزيزة على القاهرة.
بطبيعة الحال يتوج ملف سد النهضة بما يمثله من مخاطر وأضرار على البلدين قمة الأجندة بينهما، خصوصا أن موعد الملء الثانى لبحيرة السد على الأبواب، بينما يعجز الاتحاد الإفريقى للأسف عن ممارسة ضغوط فعالة على إثيوبيا، واختارت واشنطن أن يكون الضغط على أديس أبابا من بوابة الانتهاكات التى ارتكبت ضد الإنسانية فى إقليم تيجراي وتجاهل حتى الآن الأمن الإنساني لشعبي مصر والسودان. ويبدو التقارب بين مصر والسودان في هذه الآونة محل قلق إثيوبي كبير، ويتم تكثيف العمل ضده ليل نهار، على المستويين السياسي والعسكري، وذلك بتقديرات خاطئة بوجود تحريض مصري على إثيوبيا في السودان، وذلك دون إدراك أن السلم الإقليمي أحد أهداف مصر الإستراتيجية، ذلك أن مصر ونخبتها السياسية، تعلم أن التموضع الإقليمي للسودان لا بد أن يشمل علاقات جوار طيبة بكل من إثيوبيا ومصر، وأن القاهرة غير ساعية لحرب في الإقليم، ولكنها تواجه من يسعون لحرب أو قلائل أو استنزاف لجيش مصر من جبهته الجنوبية.
في هذا السياق لا بد من استعراض طبيعة التحولات الإقليمية الراهنة التي تستوجب إدارة تفاهم مصري متعدد المستويات، وفي كل القضايا والتحديات المحيطة بالبلدين، ولعل أبرز هذه التحديات هي أولا قيادة إثيوبيا لتحالفات إقليمية أصبحت مهددة للأمن الإقليمي الشامل في كل من القرن الأفريقي والبحر الأحمر، ثانيا ظهور تفاعلات استباقية ضارة من إثيوبيا في ملف الحدود السودانية الإثيوبية. ويمكن القول إن الاتجاهات الإثيوبية، أصبحت مهددة للسودان على نحو غير مسبوق خلال العقود الأخيرة وهو أمر مؤثر في مصر.
في تفاصيل هذه الاتجاهات الإثيوبية نرصد التحالف الإثيوبي الإريتري في الحرب على إقليم التيجراي، وهو التحالف الذي جعل أسمرة متورطة في نوعين من الحروب أولاهما في إقليم التيجراي وهي الحرب المتهمة فيها إريتريا عالميا، بممارسة انتهاكات ضد الإنسانية، وحرب أخرى ضد السودان على الحدود التي توجد فيها قوات إريترية، طبقا لتقديرات عالمية أيضا، هذا التحالف الإثيوبي الإريتري ممتد إلى الصومال، وشخص الرئيس عبد الله فرماجو الذي يمارس حاليا مهامه الرئاسية دون غطاء دستوري حيث انتهت ولايته في الأسبوع الأول من فبراير الماضي، وهي حالة تسببت في فتح الصومال على صراعات مسلحة واغتيالات وتفجيرات في العاصمة مقديشيو، بشكل شبه يومي ضد استمرار فرماجو، وهو ما يعني تصاعد التوتر في بلد مركزي مؤثر في أمن البحر الأحمر الذي هو بالنسبة لمصر أمن قناة السويس.
أما على مستوى التفاعلات الاستباقية التي تقوم بها أديس أبابا، فقد مارست ربطا بين ملفي سد النهضة، وقضايا الخلافات الحدودية بينها وبين السودان وذلك اعتبارا من مارس 2020، وذلك حينما تخلت السودان عن التعاطي مع ملف سد النهضة بمنظور سياسي، يعلو فيه مبدأ التوظيف الإقليمي، كما جرى طوال عهد الرئيس المخلوع عمر البشير، إلى دراسة ملف سد النهضة على المستويين الفني والإستراتيجي وذلك كرد فعل سوداني مباشر على الانسحاب الإثيوبى من مباحثات سد النهضة.
وقد أدركت الخرطوم، ولو متأخرا، أن حجم المخاطر المؤثرة على السودان كبير، وقد تصاعد هذا الإدراك السوداني مع إقدام إثيوبيا على الملء الأول لبحيرة السد، ثم تفريغ الملء دون تنسيق مع السودان، وهو ماتسبب فى حالة انكشاف إستراتيجى للسودان وهدد حكومة الثورة الأولى بالانهيار، الذى رآه بعض السياسيين السودانيين المحسوبين على ثورة ديسمبر المجيدة فى السودان أنه مهدد أيضا لمؤسسة الدولة، بما يعنى فى الأخير أن السودان لا تتحالف مع مصر فى ملف سد النهضة ولكنها تنحاز إلى مصالحها الإستراتيجية أولا وتنحاز بالضرورة إلى مصالح شعبها، وأمنه الإنساني. وفيما يبدو لنا أن إثيوبيا مستمرة فى سياساتها المهددة للسودان والتى تسعى فيها إلى خلط الأوراق بالإقليم إذ نشطت مؤخرا فى ولاية النيل الأزرق ودعمت مجموعات معارضة هناك ضد حكومة الخرطوم، وذلك فى وقت تتهم فيه مصر والسودان بدعم جماعات معارضة لأديس أبابا فى إقليم بني شنقول، وهو اتهام قديم للسودان، وتتجاهل إثيوبيا فى هذا الاتهام مشاكلها فى عدم استقرار الأوضاع بين قومياتها المختلفة، وتلقى بهذا العبء الموجود تاريخيا وطوال القرن الماضى على جوارها الإقليمي المباشر.
وطبقا لهذه الخرائط من التحالفات متعددة المستويات فى الأقاليم المؤثرة بامتياز على الأمن الشامل لكل من مصر والسودان، انطلق من مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية الدعوة لفتح حوار إستراتيجي بين البلدين، وذلك حول مختلف القضايا، وفى المقدمة منها القضايا التنموية، التي ترفع من القدرات الشاملة لمؤسستي الدولة في البلدين،ولعلنا ننتظر تلبية الدعوة من الجانب السودانى واختيار الشريك الأكاديمى لنا، وذلك لفتح الحوار في جميع الملفات، واختيار العاجل منها كمثلث التنمية المعروف بالأمن الغذائي والمائي وأمن الطاقة، وذلك دون إهمال للملفات الخلافية المطلوب فيها بلورة تفاهمات غير مؤثرة على مستقبل دول وادى النيل مصر والسودان وجنوب السودان.
سد النهضة
القاهرة
قناة السويس
الرئيس عبد الفتاح السيسي
الاتحاد الأفريقي
السودان
سد النهضة الاثيوبي
امن البحر الاحمر
الخرطوم
واشنطن
مقديشيو
البحر الأحمر
ملف سد النهضة
اديس أبابا
عبد الله حمدوك
وادي النيل
إقليم تيجراي
اثيوبيا ومصر
القاهرة والخرطوم
السودان ومصر
الدكتورة اماني الطويل
مصر والسودان نحو حوار إستراتيجى
القضايا التنموية
القرن الأ فريقى
مريم المهدى