هل يجوز إفطار رمضان للطاقم الطبي المباشر لعلاج المصابين بكورونا؟
ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه ما حكم إفطار الطاقم الطبي "الأطباء والممرضين" المباشر لعلاج المرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد؟ ومن جانبه أجاب الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية على هذا السؤال كالتالي:
من يباشر حالاتِ المصابين بالعدوى من الأطباء والطبيبات والممرضين والممرضات فإن لهم رخصةَ الفطر، وهذه الرخصة مبنيَّة على مدى احتياجهم للإفطار في التَّقوِّي لأنفسهم، والتَّقوِّي على مهمتهم وكفاءة عملهم، فإن اقتضت المباشرةُ المستمرةُ للمرضى الإفطارَ وقايةً لأنفسهم من الأخطار فلهم رخصة الفطر.
حكم إفطار الأطقم الطبية في رمضان
وإن احتيج إلى الإفطار لكفاءة العمل والاستمرار على الكشف والعلاج والرعاية المتواصلة للمرضى، وتعين على الطبيب ذلك -بعدم وجود من يحلّ محلّه- وجب الإفطار رعايةً لحق المرضى، واستنقاذًا لهم من الهلكة، ووقايةً لغيرهم من العدوى؛ ارتكابًا لأخف الضررين، ووقوعًا في أهون المفسدتين.
وبناءً على ذلك: فالأطباء والطبيبات والممرضون والممرضات يُشرَع لهم الإفطار إذا لزم الأمر؛ وقايةً لأنفسهم من العدوى التي يباشرون علاج مرضاها، وتقويةً لكفاءتهم في مهمتهم الجليلة في استنقاذ المصابين من هذا الوباء.
صيام الحامل في زمن الكورونا
كما ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه "هل يجوز للحامل أو المرضع الفطر في شهر رمضان في ظروف هذا الوباء خوفًا من الإصابة بالعدوى؟"، ومن جانبه أجاب الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية على هذا السؤال كالتالي:
الأصل في الحامل والمرضع وجوب الصيام على كلٍّ منهما ما دامتا مسلمتين عاقلتين غيرَ مسافرتين، وما دامتا لا يلحقُهُما ولا طفلَهما ضررٌ من الصيام، وهذا يُعرَف مِن قِبل المتخصصين، فإن لحقهما أو طفلهما ضررٌ دَخَلَا بذلك في قوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 184].
فإن كان الضرر يلحق الحامل أو المرضع من الصيام أو يلحقهما مع طفلَيْهما جاز لهما الفطر، وعليهما القضاء باتفاق المذاهب المتبوعة، خلافًا لابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما اللذَيْن ألحقاهما بمن لا يُرجَى زوال مرضهم، فلم يوجبا عليهما قضاءً وأوجبا الكفارة وحدها؛ نظرًا لتكرر الحمل والرضاع.
حكم صيام الحامل
وإن كان الضرر يلحق طفلَهما دونَهما، فمِنَ العلماء مَنْ أوجب عليهما القضاء دون الكفارة، وهم الحنفية، وعليه الفتوى، أما عند غير الحنفية فيجب عليهما القضاء والكفارة.
ومن العلماء من لم يوجب الكفارة إلا على المرضع وحدها، وهو قول الليث، ورواية عن مالك.
قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (3/ 99-100، ط. دار المعرفة، بيروت):
هل يجوز إفطار رمضان للحامل
[وإذا خافت الحامل أو المرضع على نفسها أو ولدها أفطرت؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ اللهَ تَعَالَى وَضَعَ عَنْ المُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ وَالصَّومَ، وَعَنْ الحَامِلِ وَالمُرْضِعِ الصَّومَ»، ولأنه يلحقها الحرج في نفسها أو ولدها، والحرج عذر في الفطر كالمريض والمسافر، وعليها القضاء، ولا كفارة عليها؛ لأنها ليست بجانية في الفطر ولا فدية عليها عندنا.
وقال الشافعي رحمه الله تعالى: إن خافت على نفسها فكذلك، وإن خافت على ولدها فعليها الفدية. ومذهبه مرويٌّ عن ابن عمر رضي الله عنهما، ومذهبنا مروي عن علي وابن عباس رضي الله عنهم، إلا أن المروي عن ابن عمر رضي الله عنهما الفدية دون القضاء، والجمع بينهما لم يشتهر عن أحد من الصحابة.. ولنا أن هذا مفطر يرجى له القضاء، فلا يلزمه الفداء كالمريض والمسافر، وهذا لأن الفدية مشروعة خَلَفًا عن الصوم، والجمع بين الخَلَف والأصل لا يكون، وهو خلف غير معقول، بل هو ثابت بالنص في حق من لا يطيق الصوم، فلا يجوز في حق من يطيق الصوم، ولا يجوز أن يجب باعتبار الولد؛ لأنه لا صوم على الولد، فكيف يجب ما هو خلف عنه، ولأنه لا يجب في مال الولد، ولو كان باعتباره لوجب في ماله كنفقته، ولتضاعف بتعدد الولد] اهـ.
وعليه: فإن خافت الحامل أو المرضع على نفسها فلها الإفطار، وليس عليها إلا القضاء وحده، سواء خافت مع ذلك على طفلها أم لم تخف.
وإن خافت على طفلها ولم يكن عليها هي من الصوم ضرر أفطرت، ووجب عليها القضاء أيضًا دون كفارة كما هو قول الحنفية وعليه الفتوى، واستُحبَّ لها أداءُ الكفارة إن استطاعت؛ خروجًا من خلاف من أوجبها.
حكم صيام المرضع
فإن تكرر حملها ورضاعُها وزادت أيامُ قضائِها فلْتَقْضِ ما تستطيع حال استرداد صحتها وقوتها، فإن الميسور لا يسقط بالمعسور، فإن زاد ذلك على طاقتها وضعفت مع ذلك قوتُها، ولم تَعُدْ قادرةً على القضاء التحقت بحكم من لا يُرجَى زوال مرضه، وصار عليها الكفارة وحدها.
على أن للحامل والمرضع في فطرِها ثوابَ صيامها، وفي راحتها أجر قيامها؛ لأنها معذورة مجبورة لو استطاعت الصيام صامت أو القيام قامت، فأكرم بها مِن مفطرٍ صائم، ونائمٍ قائم، قد جعلها الله للحياة منبَعًا، وللرحمة مستودَعًا، وللحنان موضِعًا، وأقامها في مهمة جليلة القدر عظيمة الشأن تنال بها جزيل الثواب وكريم الإحسان.
وبناءً على ذلك: فللحامل والمرضع الإفطار إن خافتا على نفسيهما أو على ولديهما، بل يجب عليهما ذلك إذا اشتدَّت المخافة وغلب ظن الضرر، وليس عليهما إلا القضاء وحده؛ سواء خافتا مع ذلك على طفليهما أم لم تخافا كما هو قول الحنفية وعليه الفتوى، ويستَحَبُّ لهما إخراجُ الكفارة إن استطاعتا؛ خروجًا من خلاف من أوجبها.
من يباشر حالاتِ المصابين بالعدوى من الأطباء والطبيبات والممرضين والممرضات فإن لهم رخصةَ الفطر، وهذه الرخصة مبنيَّة على مدى احتياجهم للإفطار في التَّقوِّي لأنفسهم، والتَّقوِّي على مهمتهم وكفاءة عملهم، فإن اقتضت المباشرةُ المستمرةُ للمرضى الإفطارَ وقايةً لأنفسهم من الأخطار فلهم رخصة الفطر.
حكم إفطار الأطقم الطبية في رمضان
وإن احتيج إلى الإفطار لكفاءة العمل والاستمرار على الكشف والعلاج والرعاية المتواصلة للمرضى، وتعين على الطبيب ذلك -بعدم وجود من يحلّ محلّه- وجب الإفطار رعايةً لحق المرضى، واستنقاذًا لهم من الهلكة، ووقايةً لغيرهم من العدوى؛ ارتكابًا لأخف الضررين، ووقوعًا في أهون المفسدتين.
وبناءً على ذلك: فالأطباء والطبيبات والممرضون والممرضات يُشرَع لهم الإفطار إذا لزم الأمر؛ وقايةً لأنفسهم من العدوى التي يباشرون علاج مرضاها، وتقويةً لكفاءتهم في مهمتهم الجليلة في استنقاذ المصابين من هذا الوباء.
صيام الحامل في زمن الكورونا
كما ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه "هل يجوز للحامل أو المرضع الفطر في شهر رمضان في ظروف هذا الوباء خوفًا من الإصابة بالعدوى؟"، ومن جانبه أجاب الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية على هذا السؤال كالتالي:
الأصل في الحامل والمرضع وجوب الصيام على كلٍّ منهما ما دامتا مسلمتين عاقلتين غيرَ مسافرتين، وما دامتا لا يلحقُهُما ولا طفلَهما ضررٌ من الصيام، وهذا يُعرَف مِن قِبل المتخصصين، فإن لحقهما أو طفلهما ضررٌ دَخَلَا بذلك في قوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 184].
فإن كان الضرر يلحق الحامل أو المرضع من الصيام أو يلحقهما مع طفلَيْهما جاز لهما الفطر، وعليهما القضاء باتفاق المذاهب المتبوعة، خلافًا لابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما اللذَيْن ألحقاهما بمن لا يُرجَى زوال مرضهم، فلم يوجبا عليهما قضاءً وأوجبا الكفارة وحدها؛ نظرًا لتكرر الحمل والرضاع.
حكم صيام الحامل
وإن كان الضرر يلحق طفلَهما دونَهما، فمِنَ العلماء مَنْ أوجب عليهما القضاء دون الكفارة، وهم الحنفية، وعليه الفتوى، أما عند غير الحنفية فيجب عليهما القضاء والكفارة.
ومن العلماء من لم يوجب الكفارة إلا على المرضع وحدها، وهو قول الليث، ورواية عن مالك.
قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (3/ 99-100، ط. دار المعرفة، بيروت):
هل يجوز إفطار رمضان للحامل
[وإذا خافت الحامل أو المرضع على نفسها أو ولدها أفطرت؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ اللهَ تَعَالَى وَضَعَ عَنْ المُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ وَالصَّومَ، وَعَنْ الحَامِلِ وَالمُرْضِعِ الصَّومَ»، ولأنه يلحقها الحرج في نفسها أو ولدها، والحرج عذر في الفطر كالمريض والمسافر، وعليها القضاء، ولا كفارة عليها؛ لأنها ليست بجانية في الفطر ولا فدية عليها عندنا.
وقال الشافعي رحمه الله تعالى: إن خافت على نفسها فكذلك، وإن خافت على ولدها فعليها الفدية. ومذهبه مرويٌّ عن ابن عمر رضي الله عنهما، ومذهبنا مروي عن علي وابن عباس رضي الله عنهم، إلا أن المروي عن ابن عمر رضي الله عنهما الفدية دون القضاء، والجمع بينهما لم يشتهر عن أحد من الصحابة.. ولنا أن هذا مفطر يرجى له القضاء، فلا يلزمه الفداء كالمريض والمسافر، وهذا لأن الفدية مشروعة خَلَفًا عن الصوم، والجمع بين الخَلَف والأصل لا يكون، وهو خلف غير معقول، بل هو ثابت بالنص في حق من لا يطيق الصوم، فلا يجوز في حق من يطيق الصوم، ولا يجوز أن يجب باعتبار الولد؛ لأنه لا صوم على الولد، فكيف يجب ما هو خلف عنه، ولأنه لا يجب في مال الولد، ولو كان باعتباره لوجب في ماله كنفقته، ولتضاعف بتعدد الولد] اهـ.
وعليه: فإن خافت الحامل أو المرضع على نفسها فلها الإفطار، وليس عليها إلا القضاء وحده، سواء خافت مع ذلك على طفلها أم لم تخف.
وإن خافت على طفلها ولم يكن عليها هي من الصوم ضرر أفطرت، ووجب عليها القضاء أيضًا دون كفارة كما هو قول الحنفية وعليه الفتوى، واستُحبَّ لها أداءُ الكفارة إن استطاعت؛ خروجًا من خلاف من أوجبها.
حكم صيام المرضع
فإن تكرر حملها ورضاعُها وزادت أيامُ قضائِها فلْتَقْضِ ما تستطيع حال استرداد صحتها وقوتها، فإن الميسور لا يسقط بالمعسور، فإن زاد ذلك على طاقتها وضعفت مع ذلك قوتُها، ولم تَعُدْ قادرةً على القضاء التحقت بحكم من لا يُرجَى زوال مرضه، وصار عليها الكفارة وحدها.
على أن للحامل والمرضع في فطرِها ثوابَ صيامها، وفي راحتها أجر قيامها؛ لأنها معذورة مجبورة لو استطاعت الصيام صامت أو القيام قامت، فأكرم بها مِن مفطرٍ صائم، ونائمٍ قائم، قد جعلها الله للحياة منبَعًا، وللرحمة مستودَعًا، وللحنان موضِعًا، وأقامها في مهمة جليلة القدر عظيمة الشأن تنال بها جزيل الثواب وكريم الإحسان.
وبناءً على ذلك: فللحامل والمرضع الإفطار إن خافتا على نفسيهما أو على ولديهما، بل يجب عليهما ذلك إذا اشتدَّت المخافة وغلب ظن الضرر، وليس عليهما إلا القضاء وحده؛ سواء خافتا مع ذلك على طفليهما أم لم تخافا كما هو قول الحنفية وعليه الفتوى، ويستَحَبُّ لهما إخراجُ الكفارة إن استطاعتا؛ خروجًا من خلاف من أوجبها.