الذكرى الـ51 للانقلاب على عبدالكريم قاسم بالعراق وإعدامه
مع بدايات الستينيات من القرن الماضى دخل العراق في صراع سياسيى محتدم بين فصائل ثورة 1958 التي اطاحت بالحكم الملكى في العراق، وأسست لجمهورية تولى رئاسة وزرائها العقيد عبد الكريم قاسم رائد حركة الضباط الوطنيين الذي قتل في مثل اليوم الـ 14 من رمضان الموافق 8 فبراير عام 1963، بعد خلافات حادة بينة وبين الشيوعيين وعدد من زملائة في حركة الضباط الوطنيين والقومويين بقيادة العقيد عبدالسلام عارف.
أصل الخلاف ما قبل حركة 14 رمضان
بعد تدشين الزعيم الراحل جمال عبد الناصر للجمهورية العربية المتحدة واندماج مصر وسوريا في وحدة كاملة تحت لواء الجمهورية العربية المتحدة رافعة كافة شعارات القومية العربية، نادي عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء العراقى وقتها بالاندماج مع الجمهورية العربية المتحدة كليًا وهو ما سانده فيه، أغلب القوميين وعدد من الفصائل والأحزاب السياسية وهو ما لم يرق للشيوعيين وبعض أعضاء حركة الضباط الوطنيين " الحاكمة " وطرحوا في مقابل فكرة قاسم أن تشهد العلاقات بين العراق والجمهورية العربية اندماج في الشق الاقتصادى والثقافى فقط دون الاندماج الكامل في كل الأمور، وبخلاف جدلية الاندماج مع الجمهورية العربية شهدت الأعوام التالية لثورة 58 بحث كل فصيل من فصائل الثورة عن مكاسبة الشخصية فسعى قاسم إلى الاستئثار بالحكم بينما جاهد القوميين من أجل موطأ قدم في السلطة للاستيلاء عليها فيما بعد، وأيضا الشيوعيين الذين ساروا في العراق منادين بضرورة اعتناق أفكارهم، وهو ما دفع عبد الكريم قاسم إلى اعتقال أغلب الشيوعيين وعزل المنتمين لهم من مناصبهم في الدولة وتفكيك المليشيات الشيوعية ومصادرة سلاحها.
بداية الحركة
اختار قادة الحركة الساعة التاسعة من صباح يوم الجمعة 8 فبراير من سنة 1963 للانطلاق، لكون يوم الجمعة يوم عطلة، ويمكن تحرك القطع العسكرية بسهولة، وصادف ذلك اليوم 14 رمضان. توجهت إحدى القطع المهاجمة إلى دار الإذاعة حيث سلمت القوة الخاصة بحمايتها للمهاجمين فبدأت الإذاعة تبث أناشيد ثورية ووطنية، وبعد كل تقدم يحرزه ضباط الحركة يصدر بيان عن قادتها وعن التقدم في نيل أهدافها كان نشيد " الله أكبر" له وقع على مسمع الجميع من كل التيارات لما له من ذكرى وتاريخ، كما كان نشيد "جيش العروبة يا بطل" لأم كلثوم له الأثر البالغ على معنويات الجنود والجماهير المترقبة لتطور الأحداث.. كما تم تكرار بث النشيد العراقي الشهير "لاحت رؤس الحرب تلمع بين الروابي".
في حين أغارت طائرات الميغ 17 والهوكر هنتر من السربين السادس والسابع في قاعدة تموز الجوية في الحبانية بقيادة كل من الطيارين المقدم الطيار منذر الونداوي والرائد الطيار محمد جسام الجبوري والعقيد الطيار حردان عبد الغفار التكريتي من القاعدة الحرية الجوية في كركوك وباشراف العميد عارف عبد الرزاق وآخرون محدثة أضرارا كبيرة في مبنى وزارة الدفاع.
الدبابات تحاصر وزارة الدفاع
حاصرت الدبابات وقوات المشاة مبنى وزارة الدفاع في حين طوقت وحدات من المشاة مع عدد غفير من المتطوعين من الجماهير مبنى السراي الحكومي، فهرب الكثير من وزراء ومناصري عبد الكريم قاسم وتواروا عن الأنظار، ولم تتحرك الفرق والوحدات العسكرية في أرجاء العراق لمناصرة نظام الحكم، سوى مقاومة قليل من الحامية العسكرية الخاصة بوزارة الدفاع ولم يبقى مع قاسم سوى بعض من كان في وزارة الدفاع، وهم كل من: العقيد فاضل عباس المهداوي ابن خالة قاسم ورئيس المحكمة الخاصة، والعميد طه الشيخ أحمد، مدير الحركات العسكرية، وقاسم الجنابي سكرتير عبد الكريم قاسم، والملازم كنعان حداد مرافق قاسم الشخصي
محكمة خاصة وإعدام قاسم ورفاقة
بعد الاستيلاء على مبنى وزارة الدفاع سلم عبد الكريم قاسم وأتباعة أنفسهم لقادة الحركة، في مبنى الإذاعة والتليفزيون، وعقدت هناك بعد مشاوارت مع عبد السلام عارف كوسيط بين قاسم وقادة الحركة للوصول إلى حلول وسيطة، محكمة خاصة لمحاكمة قاسم واتباعة، وتمت المحاكمة في مقر الإذاعة والتليفزيون، م إصدار بيان عاجل بتشكيل محكمة خاصة برئاسة عبد الغني الراوي وبعد تلاوة لائحة الاتهام انبرى فاضل المهداوى بالدفاع عن المتهمين، إلا أن وضعه النفسي لم يسعفه فانهار طالبا إعفاءة موجها سيلا من الكلمات لقاسم قائلا: "هذا إني مشايفة من سنة.. كله منك".وبعد مداولة صدر حكم الإعدام بحقهم، وقد رفضوا عصب أعينهم حيث تم تنفيذ الحكم من قبل عبد الغني الراوي ومنعم حميد وبعد جدل من قبل قادة الحركة حول عرض صورة رئيس الوزراء من خلال شاشة التليفزيون اتفقوا على عرضها بغية قطع الشك باليقين حول مصيره ومصير أركان حكمه أمام الجماهير المترقبة للتطور المتسارع للأحداث.