دولة الأحواز السنية تبحث عن الخلاص من الاحتلال الإيرانى.. مساحتها 375 كليومترمربع.. سكانها 12 مليون عربى.. تساهم بنصف الناتج القومى لإيران وأكثر من 80% من قيمة الصادرات
عمل «الاحتلال الإيرانى الفارسى» على طمس هوية إقليم الأحواز لسلخه عن إطاره العربى ودمجه اقتصاديا وسكانيا ضمن أقاليم إيران الأخرى، رغم مشاركة الإقليم الشعوب الإيرانية فى الانتفاضة التى أطاحت بحكم شاه إيران، من أجل الاعتراف بالحقوق القومية للعرب، وحق تقرير المصير.
وتقدر مساحة الأحواز العربى بنحو 375 كيلومترا وعاصمته مدينة «المحمرة» التى تقع عند مصب نهر كارون الشهير، ويقدر عدد سكانه بـ12 مليون عربى، ويضم مسلمين من الشيعة الجعفريين، والعرب الصابئة المندائيين، وبعض الأقلية المسيحية.
يقول عمر عثمان الحياوى، الأمين العام ومسئول القيادة الميدانية للمنظمة الإسلامية السنية بالأحواز، إن الحركة الإسلامية السنية فى الأحواز بدأت تتبلور فى نهاية السبعينات وبداية الثمانينات، وبرزت كتيار إسلامى سياسى، فى أوائل التسعينات على شكل مجموعات، تنظم نفسها كخلايا فاعلة ونشطة.
وأضاف: "فى بداية القرن الحالى ظهر التيار السنى كقيادى للمجموعات الإسلامية على الساحة الأحوازية كلها، واتسع نطاق المنظمة السنية التنظيمى والسياسى بشكل واضح، بعد ضم أغلب القيادات الفكرية السنية، حتى صار لها خلايا منتشرة فى كل مدن الأحواز المحتلة، من الأحواز العاصمة التى تعرف بالناصرية، ومدينة عبادان، والمحمرة، فى إطار مجلس الشورى عام 2003 الذى سمى لاحقا بالأمانة العامة".
وأوضح أنه بعد تأسيس قاعدة المنظمة التنظيمية، ظهرت كمنظمة إسلامية ذات توجه عروبى ووطنى، وذات فكر سياسى واضح المعالم بنى على مفاهيم ومبادئ أساسية جوهرها الإسلام الحنيف وبإطار وطنى عروبى خالص، لكن بشكلٍ عام فالمنظمة لا تشترط أن يكون المنتمى لصفوفها إسلاميا بالضرورة، وما يهم التنظيم أن يكون المنتمى للمنظمة يسير على الخط السياسى لها، ويؤمن بمبادئها وهى: تحرير الأرض والفكر الأحوازى، ولهذا تجد فى المنظمة الكثير من العناصر الجعفرية والقومية والوطنية، وحتى العناصر ذات الفكر التحررى المعتدل، علاوة على وجود الصابئة المندائيين والمسيحيين فى إكمال بناء بيت المنظمة الإسلامية السنية الأحوازية.
واشار إلى أن هناك جماعات مسلحة على شكل خلايا منظمة فى كل المدن، لكنها فى طور التكامل، ولا تقارن بالإمكانيات العسكرية لدولة الاحتلال على الإطلاق، ودورها اليوم يقتصر على محاولة الدفاع عن النفس أمام هجمات العصابات الإيرانية الشرسة على المدن والأحياء.
وأوضح أنه ظهرت على الساحة الحركة الوطنية للمقاومة الأحوازية بقيادة فيصل العبده، ولها تواجد ونشاط فى الحميدية والبسيتين والملاشية والفلاحية والأحواز العاصمة، وهناك أيضا الكثير من الخلايا كفتح ومجد الأحواز، لكن نشاطها الإعلامى ضعيف جدا.
وتابع: ليس هناك إحصاء دقيق للشعب العربى الأحوازى بسبب الاحتلال الإيرانى، لكن "المنظمة السنية" بعد أن كلفت مؤسسة الدراسات القومية الأحوازية بإجراء إحصاء يتبع الأسس العلمية، قدر عدد الشعب ما بين 10 ملايين و12 مليون عربى أحوازى، ويضم الأحواز مسلمين من الشيعة الجعفريين، والعرب الصابئة المندائيين، وبعض الأقلية المسيحية، لكن ما هو بيّن على الأرض والساحة الأحوازية، فإن عقيدة أهل السنة والجماعة بفكرها الإصلاحى الشامل برزت بصورة واضحة بين أبناء الشعب.
وتقدر مساحة دولة الأحواز بـ 375 ألف كيلومتر مربع من حدود محافظتى ميسان والبصرة العراقيتين مرورا بسلسلة جبال زاجروس الحد الفاصل الطبيعى بيننا وبين الهضبة الـ"إيرانية" أو بلاد فارس بالمعنى الأصح حتى مضيق هرمز "باب السلام" الأحوازى.
يقول الكاتب الصحفى على عبدالعال، الباحث المتخصص فى شئون الحركات الإسلامية، إن "من بين أهم الحركات السنية الموجودة فى إيران حركة جندالله، وهى حركة إسلامية مسلحة معظم عناصرها من أبناء الأقلية البلوشية السنية المتدينة التى تسكن مناطق إقليم (سستان ـ بلوشستان) الواقع جنوب شرق إيران على المثلث الحدودى مع أفغانستان وباكستان"، مضيفاً أنها "تأسست فى عام 2002 على يد الشيخ عبدالمالك ريغى وهو أحد طلبة العلوم الدينية، للعمل على الدفاع عن حقوق السنة عامة والشعب البلوشى خاصة، والمطالبة باستقلال أكبر للأقاليم السنية، أو إجبار النظام الإيرانى على التعاطى معها كحزب سياسى رسمى، ويطالبون بتقسيم الثروة تقسيمًا عادلا، وأن يكون للسنة الحرية فى بناء المساجد والمدارس، حيث تتهم الجماعة حكومة طهران باضطهاد السنة، وقتل علمائهم، وهدم المساجد وإغلاق المدارس.
وأكد عبدالعال أن الحركة فى بداية أمرها، ركزت على توزيع الكتب والنشرات فی المدن السنية، للفت انتباه أهل السنة إلى ما يجرى عليهم، وما لهم من حقوق اجتماعية وسياسية ومذهبية فى إيران، إلا أن السلطات الحكومية قامت باعتقال أعضاء الحرکة وأعدمت بعضهم، وهذا الأمر كان دافعا للحرکة إلی التعجيل بحمل السلاح ومقاومة ما تعانيه من اضطهاد.
وترى "جندالله" فى إيران دولة عنصرية "تأسست على فكر رجل واحد هو الخمينى، ووضعت حجر أساسها على فلسفة ولاية الفقيه ليس إلا"، وبينما يصنفها البعض على أنها حركة سلفية أصولية تنفى الحركة ذلك عن نفسها، معلنة أنها تطالب بقيام "نظام ديمقراطى علمانى يحترم اعتقادات الشعب ومذاهبه"، لذلك قام زعيم الحركة عبدالملك ريغى بالإعلان عن تغيير اسمها من جندالله إلى "حركة المقاومة الشعبية".
ويقول ريغى: "إن نضالنا لا يعتمد على العمل العسكرى فحسب، فلنا مطالبنا وحقوقنا"، مشيراً إلى أن نهجه يعارض الأطروحات الراديكالية، سنية كانت أم شيعية.. إلا أن جندالله تؤكد فى الوقت نفسه أنها لا تريد حكومة تعادى الدين.
وتنشط الحركة المسلحة فى مثلث حدودى ساخن حيث تتخذ من جبال "بلوشستان" مأوى لها، ولعل وعورة الجبال التى تتحصن بها هو سر قوتها وقدرتها على الاستمرار فى مناهضة الدولة القوية، حيث تضم الحركة أكثر من ١٠٠٠ مقاتل، ومنذ تأسيسها لم تتوقف الجماعة عن تنفيذ الهجمات وشن عمليات الاختطاف التى تستهدف جنودا حكوميين وعناصر فى الحرث الثورى وقوات الباسيج، مستفيدة من أسر الجنود لتفاوض الحكومة على إطلاقهم فتحصل على فدية مادية، وأحيانًا على بنادق وأدوات حربية.
يذكر أنه بعد عام 1920م، اتفقت بريطانيا مع إيران على ضم الإقليم إلى إيران، ومنح البريطانيين الإمارة الغنية بالنفط إلى إيران، وأصبحت الأحواز وعاصمتها المحمرة محل نزاع إقليمى بين العراق وإيران وأدى اكتشاف النفط فى الأحواز خاصة مدينة عبادان الواقعة على الخليج العربى مطلع القرن العشرين إلى تكالب القوى للسيطرة عليها بعد تفكك الدولة العثمانية.
ودخلت الحكومات العراقية المتلاحقة مفاوضات حول الإقليم وعقدت الاتفاقيات بهذا الصدد منها اتفاقية 1937 ومفاوضات عام 1969 واتفاقية الجزائر عام 1975 بين شاه إيران محمد رضا بهلوى ونائب الرئيس العراقى صدام حسين الذى ما لبث أن ألغى الاتفاقية أثناء الحرب العراقية الإيرانية بين عامى 1980 - 1988، وأعلن عودة الأحواز للعراق غير أن غالبية الأحوازيين قاوموا القوات العراقية، ودخل الجیش الإیرانى مدینة المحمرة بتاریخ 1925 لإسقاطها وإسقاط آخر حکام الکعبیین، ويعد السبب الأصلى لاحتلال إيران لهذه المنطقة الأحواز أو عربستان أو خوزستان إلى كونها غنية بالموارد الطبيعية (النفط والغاز) والأراضى الزراعية الخصبة، وبها أحد أكبر أنهار المنطقة وهو نهر كارون الذى يسقى سهلا زراعيا خصبا تقع فيه مدينة الأحواز، فمنطقة الأحواز هى المنتج الرئيسى لمحاصيل مثل السكر والذرة فى إيران اليوم، وتساهم الموارد المتواجدة فى المنطقة بحوالى نصف الناتج القومى الصافى لإيران وأكثر من 80% من قيمة الصادرات فى إيران.
ومنذ احتلال الإقليم تفجرت ثورات وحركات مقاومة "أحوازية"، وكانت البداية بعد 3 أشهر من الاحتلال بثورة شعبية سميت بـ"ثورة الغلمان"، وتوالت الانتفاضات والثورات مثل ثورة الحويزة 1928، وثورة بنى طرف 1936، ومعركة الشيخ عبد الله بن الشيخ خزعل 1944، وثورة عشيرة النصار 1946، وغيرها الكثير.