اللواء على حفظي للعسكرية..رجالها
اللواء على حفظي العسكري خاض غمار الحروب، فأثبت أن الإنسان المصري أثمن ما تمتلكه مصر، فمنذ نعومة أظافره يجتهد ويثابر، حيث لم يكتف بالدراسة بل تفوق في الأنشطة الرياضية والاجتماعية والثقافية بالمدرسة.
كذا فضل فضل أن يلتحق بالقوات المسلحة رغم أن والده كان ضابط بوليس، وبعد تخرجه وضع في خيار صعب، إما أن يختار العمل بالقوات المسلحة أو اللعب في الفريق الأول بالنادي الأهلي، فوقع اختياره على القوات المسلحة، وظل يعطي في مجاله منذ تخرجه عام 1962 وحتى الآن.
> متى ولدت وكيف كانت طفولتكم؟
ولدت في شهر مايو 1941، الأسرة سوا كان الوالد أو الوالدة من جذور صعيدة من محافظة أسيوط، وكان الوالد ضابط بوليس "شرطة"، وتدرج في الوظائف إلى أن وصل لرتبة لواء بوزارة الداخلية، وكانت معظم خدمته خارج الصعيد، وكانت بداية خدمته بعد الزواج في محافظة المنوفية، وكان يعمل رئيس مباحث، وولدنا أنا وأخوتي وأخي في شبين الكوم بالمنوفية، ثم انتقل والدي للعمل بوزارة الداخلية بالقاهرة، حيث ولدت أختي الرابعة، وكنا نعيش في حي المنيل، وكان يتميز بالهدوء.
> وكيف كانت فترة الدارسة في حياة اللواء حفظي؟
مرحلة الشهادة الابتدائية كانت أربع سنوات، وكان الحصول على الشهادة الابتدائية يعطي إمكانية التوظيف في الحكومة، ثم مرحلة الثانوي وكانت خمس سنوات، بها شهادة البكالوريا أو الثقافة في العام الرابع، وفي السنة الخامسة ما يطلق عليها الثانوية العامة.
في البداية كنا نعيش في المنيل، بين فرعي النيل، وكنت في مدرسة الملك الصالح في فترة رياض الأطفال، حتى إنني أتذكر أسماء المدرسين الذين كانوا يدرسون لنا، وكانت العلاقات الإنسانية أو الاجتماعية سواء في الأسرة أو المسكن والمدرسة كان هناك طابع يميزنا كمصريين وتأثرنا به وشكل وجداننا، وهو الترابط بين كل المصريين.
> وكيف كان تأثير الترابط العائلي والمدرسي فيك؟
نحن من عائلة متوسطة مرتفعة، والدي ووالدتي لم يحرمونا من أي شيء يعود علينا بالخير، حت أن الوالد اختار لي مدرسة من أفضل المدارس في مصر هي "مدرسة الناصرية الخاصة" وكانت تقع في ميدان شمبليون بجوار ميدان طلعت حرب، وكان يتم انتقاء من يدخلون هذه المدرسة، وكان يدرس معي إسماعيل سراج الدين رئيس مكتبة الإسكندرية والممثل حسين فهمي، ومجموعة متميزة، والمرحلة العمرية من 9سنوات وحتى 12عاما كان لها تأثير كبير في حياتي بعد ذلك، وخاصة في مرحلة التكوين كفتي التي شكلت الجانب الفكري والثقافي لي، وفي هذه المدرسة مارست كل الأنشطة، تعليمي وثقافية، تجعل الشخصية تتكون، وأتذكر الأستاذ محمد جمعة مدرس اللغة العربية عندما كان يعطينا موضوع تعبير نكتبه عن طه حسين، لكن بعد قراءة كتب طه حسين، وكان يضع لنا بُعدا أدبيا وجزءً عقائديا وقرآنيا في عرض الموضوع، ولتشجيعنا كان يختار أفضل ثلاثة موضوعات لقراءتهم على الفصل.
> وما هي ذكرياتك في المرحلة الثانوية؟
في المرحلة الثانوية كنت في مدرسة الأرمان بالدقي، وكانت مليئة بالأنطة المختلفة، وكنت رياضيا من ضمن أشبال النادي الأهلي، وكنت ألعب بالنادي الأهلي واستمريت في اللعب بالنادي حتى الفريق الأول، مع صالح سليم وطه والشربيني ولعبت معهم لمدة عامين، وفي الثانوية العامة كنت من القلة النادرة التي حصلت على مكافأة من وزارة التربية والتعليم، حيث حصلت على 5% من المجموع للحصة على بطولات رياضية، و5% أخرى للتفوق في النشاط الاجتماعي والاقتصادي، فحصلت على 10% من الدرجات في الثانوية العامة قبل دخول الامتحان.
> بالرغم من أن الوالد كان بوزارة الداخلية.. لكنك اخترت الكلية الحربية..فلماذا؟
في مرحلة الجامعة كنت أميل للالتحاق بكلية الهندسة، لكن المجموع فرق نصف درجة، فقدمت في كلية العلوم، وكنت أحب علم الرياضة أكثر من العلوم، وكان والدي مصممًا أن أدخل كلية البوليس، وعدم التحاقي بكلية الهندسة ولم أكن أميل للالتحاق بكلية الشرطة، وذلك نتيجة لعاملين الأول أن والدي دائمًا ما يتركنا ليقوم بعمله، حتى في أيام الإجازات، العامل الثاني أني كنت أشعر أن الرابطة التي تربط ضباط البوليس مع بعضهم ليست قوية، وهذان العاملان كانا لهما تأثير، وكان لي أحد أبناء عمي وكنت أحس أن الروح التي في الجيش مختلفة عن الشرطة، فقدمت أوراقي بالكلية الحربية وبعد الاختبارات قبلت فيها، والتحقت بالكلية الحربية عام 1958، وكان عمري 17 عامًا، وكنت ألعب كرة بالنادي الأهلي، ولعبت مع الفريق الأول في النادي لمدة عامين بعد التخرج.
> كيف كانت فترة الدراسة بالكلية الحربية؟
قضيت في الكلية عامين فقط وليس ثلاثة أعوام، فبعد أن نجحت من إعدادي لمتوسط، وفي منتصف "تيرم" المتوسط، كانوا محتاجين لتخريج دفعة جديدة، نتيجة لظروف الوحدة مع سوريا، وتم تخريج دفعة ونحن في التيرم المتوسط، وتم عمل مسابقة، ومن يحتاجونه انتقل نهائي ويتخرجوا في آخر السنة، والحمد لله وُفقت في الامتحان وانتقلت للنهائي ووفرت عامًا، وتخرجت في يوليو 1960، ولم آخذ أي جزاءات في ملفي بالكلية الحربي، وطيلة فترة عملي التي استمرت 37 عامًا، وأخذت نيشان الطالب المثالي أيام الكلية، وتخرجت عام 1962، وعمت في سلاح المشاة.
> لماذا لم تستمر في لعب كرة القدم؟
الفترة التي خدمناها في القوات المسلحة كانت صعبة علينا، وسبب عدم ممارستي النشاط الرياضي هي الظروف في القوات المسلحة، فقد بدأت ألعب في الفريق الأول في النادي الأهلي في الدوري الممتاز، بعد التخرج عندما أصبحت ضابط، وحاولت أن أكون ضابطا ناجحا ولاعبا ناجحا، فقد طلب مني عند التخرج الانضمام للاتحاد الرياضي للعب كرة قدم فقط مع القوات المسلحة وبالنادي الأهلي، لكني لم أتقبل هذا الأمر، وقلت لهم إني سأذهب لوحداتي، وسأعمل وفي حالة الاحتياج لي في الرياضة سأذهب، حاولت أجمع بين الإثنين، لكن العملية كانت صعبة، بسبب ظروف القوات المسلحة في ذلك الوقت، وخاصة أن هناك نقلة نوعية، لانتقال الجيش المصري من المنهجية العسكرية الغربية في التدريب إلى التدريب الروسي، ونتيجة التسليح الروسي كانت هناك عقيدة جديدة، وكنا الجيل الجديد الذي بدأ يشرب هذه العقيدة الجديدة، ومن هنا كان العبء علينا كبير وحتى أنجح في عملي وفي الكرة كان الأمر صعبًا.
> ومتى اتخذت القرار بترك كرة القدم؟
كان يعلمنا جيل من القادة العظماء، وفي يوم جاء القادة لتقييم الوحدة التي أعمل بها، وحصلت وحدتي -في طريق السويس- على أعلي تقييم بين الوحدات، وكنت ملازمًا أول وطلبني القائد اللواء سليمان مظهر، وكان دفعة عبد الناصر، وسألني "أنت بتلعب كره ليه هواية ولا حاجة تانية ؟"، فقلت له "هواية"، فأجلسني وأخرج ورقة بيضاء وقال ليّ "أكتب"، وكتبت إقرارًا بأنني لا أرغب في ممارسة الرياضة، إلا في إطار أنشطة القوات المسلحة وذلك حفاظًا على مستقبلي، وأمرني بأن أمضي على الإقرار، وبعد ذلك بدأت لغة القائد تتغير معي وتصبح أكثر حميمية، ثم قال لي "أنا كتبتلك الورقة لأني أتوسم فيك أحد القادة البارزين في القوات المسلحة، ولا أريد أن تشغلك الكرة عن مستقبلك"، وبالفعل تركت لعب كرة القدم بالنادي الأهلي عندما كان عمري 25 عامًا.
> كيف كان الارتباط العاطفي والزواج في حياة اللواء على؟
كان لقائي مع زوجتي قبل الارتباط لقاء عابر، وفي جيلنا عندما كنا شباب كانت الرومانسية أكثر، والتقينا معًا وسط مجموعة من الأصدقاء، وكانت هناك ظروف صعبة من قبل العائلتين، لكن الارتباط النفسي والعاطفي أكبر وتزوجنا وعشنا حياة بها التوازن في كل شيء، فالحياة عبارة عن مسئولية، وذلك يتطلب تعاونا وتقديرا لظروف بعضنا البعض لعبور المشاكل الزوجية، واستمر الزواج بيننا لمدة 45 عامًا.
> ما هي المناصب التي توليتها بعد حرب أكتوبر؟
بعد حرب أكتوبر 73 التحقت بكلية القادة والأركان للحصول على الماجستير الثاني، وحصلت على أركان حرب رقم 2، ثم خدمت في نطاق المنطقة الغربية على حدودنا مع ليبيا، عندما كان هناك توتر بيننا وبين الجانب الليبي عام 76، حتى استقرت الأمور، ثم عدت لأدرس في كلية القادة والأركان، ثم تم اختياري للعمل في إدارة المخابرات الحربية، ثم في رئاسة الإدارة لفترة ما، وعملت في الولايات المتحدة الأمريكية في سفارتنا، في المكتب العسكري نحو ثلاث سنوات من عام 81 وحتى 83، ثم عدت لرئاسة إدارة المخابرات، وبعد ذلك حصلت على زمالة أكاديمية ناصر العسكرية العليا، ثم عُينت في استطلاع بالجيش الثاني الميداني، ثم رئيس الاستطلاع بالقوات المسلحة، ثم قائدا لقوات حرس الحدود، فمديرًا للشرطة العسكرية، ومساعدا لوزير الدفاع، ثم محافظًا لشمال سيناء، وأنهيت خدمتي الرسمية في الدولة في نهاية عام 99 عندما تم تغيير حكومة الجنزوي والمحافظين.