رئيس التحرير
عصام كامل

الإسلاميون يحشدون "اللجان الشعبية" فى تونس


ازداد خطر الانفلات الأمنى فى جميع أنحاء تونس بشكل حاد عقب اغتيال المعارض اليسارى العلمانى شكرى بلعيد فى 6 فبراير الماضي.

فعلى الرغم من حالة الهدوء التى تخيم على البلاد حالياً مع عودة العديد من المواطنين إلى أنشطتهم اليومية، إلا أن حركة "أنصار الشريعة فى تونس" استغلت تلك الاضطرابات وقامت بتفعيل "اللجان الشعبية" التابعة لها لأول مرة. ويتضح من قدرة هذه الجماعة على حشد قواتها فى جميع أنحاء البلاد فى غضون ساعات مدى قوتها التنظيمية وطاعة أعضائها للأوامر الصادرة لهم من قادتها.


وقد تباينت أعداد أعضاء جماعة "أنصار الشريعة فى تونس" الذين انضموا إلى الدوريات من مكان لآخر حيث تراوحت أعدادهم من عشرة إلى خمسين عضواً فى بعض المناطق، إن لم يكن أكثر. وكان الإقبال الأكبر فى حى القيروان، حيث استمر استعراض القوة حتى يوم السبت، وهو ينطوى على قيام أعضاء لجنة بالتجوال وسط المدينة فى وضح النهار فى مواكب من الدراجات البخارية الصغيرة والسيارات وهم يرفعون رايات سوداء.
 
وأضفت جماعة "أنصار الشريعة فى تونس" على كل ذلك إطاراً يتعلق بحماية السكان والتأكيد على دورها كحامٍ حقيقى للاستقرار فى تونس، مقارنة نفسها بالدولة ومستخدمة شعار "أبناؤكم فى خدمتكم". وتسعى الجماعة فى الواقع إلى بناء دولة داخل دولة منذ تأسيسها فى مارس 2011 -- عن طريق إضافة دوريات أمنية إلى أنشطتها الاجتماعية والترفيهية مما أعطاها قبولاً شعبياً لدى التونسيين القانطين من الحكومة والإسلاميين الذين خاب أملهم فى "حزب النهضة".

إلا أن الوضع على أرض الواقع يختلف قليلاً، حيث تشير محادثات فردية جرت مع مواطنين تونسيين إلى أن العديد من الدوريات التى تقوم بها جماعة "أنصار الشريعة فى تونس" لا تتجاوز كونها صوراً تذكارية -- فعلى الرغم من "الحراسة" القائمة طوال الليل فى أحياء معينة، إلا أن الجماعة لم تظهر سوى القليل من القدرة على التأمين الفعلى لتلك المناطق، خصوصاً أنه لم تتحقق مخاوف اتساع دائرة العنف حتى الآن. والجدير بالذكر أن جماعة "أنصار الشريعة فى تونس" ربما تضع أساساً لأى انشقاق محتمل داخل "حزب النهضة"، باستيعاب المتشددين الذين أزعجتهم امتيازات مسودة الدستور التى تصب فى صالح العلمانيين والمواقف المعتدلة الملحوظة التى يتخذها رئيس الوزراء حمادى الجبالي.

وعلى الرغم من أن الجماعة قد تفرض فى يوم من الأيام شكل من أشكال الأحكام العرفية الحقيقية فى أماكن معينة، إلا أنها لم تظهر حتى الآن دليلاً واضحاً على امتلاك مثل هذه القدرات.

وبعد كل ذلك، فإن الحشد السريع والواسع الانتشار لجماعة "أنصار الشريعة فى تونس" لا يظهر أن الجماعة كياناً تنظيمياً قوياً. وفى حالة استمرارها فى تقديم خدمات اجتماعية وترفيهية، فقد تصبح لديها القدرة على إظهار القوة فى أكثر من مكان فضلاً عن أنها ستكون قادرة على استقطاب الكثير من الأفراد لدعم خططها. وفى الوقت الراهن، ربما تكون "اللجان الشعبية" قد تلقت أوامر بالتراجع، لأن جماعة "أنصار الشريعة فى تونس" لم تنشر أى شيء ذى صلة بها منذ نهاية الأسبوع. وعلى أى حال تواصل الجماعة اكتساب هيبة ومصداقية بين شريحة معينة من السكان لذلك ستستمر بلا شك فى محاولاتها للتغلب على منافسيها الإسلاميين والحكومة.

* نقلاً عن معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى

الجريدة الرسمية