لا يوجد سوى سيناريو واحد حتى الآن
حار المحللون وحارت الأقلام، لا فى تحليل الوضع الحالى فى مصر وكيفية الخروج من ذلك المأزق المأساوى.. دولة عريقة حاولت أن تنهض فهوت، أرادت الخروج من ظلال قسوة نظام عبودى وقمعى إلى آفاق دولة مدنية حديثة كان حلماً فأصبح احتمالاً ثم أمسى سراباً وكابوساً..
كادت تجن العقول ونفقد كل أمل ورجاء فى أن يشرق علينا يوم غد جديد دون ألم أو انتظار المجهول الذى قد صار معلوما من فعل بنا هذا؟ الكل فى قفص الاتهام ولا يستطيع أن يبرأ ساحته أو يغسل يديه بماء النقاوة وإن تفاوتت درجات الاتهام، ولكننا كلنا قد ساهمنا فيما آل إليه مصيرنا وقد صدق فينا قول المولى تعالى "وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون"، لقد ظلمنا أنفسنا عندما رضينا بالاستكانة وما يسد الرمق عملاً بتلك الحكمة التى تعلمناها وصارت منهج حياة وهى "العين لا تعلى على الحاجب".
وبعد أن ثار أبناؤنا وقالوا ما لم نستطيع قوله أو حتى ما بين أنفسنا وأسقطوا النظام برموزه وأودعتهم السجون وحاكمتهم انسحبوا تاركين الساحة لأنهم توسموا فينا الحكمة على أمل أن نصنع لهم المستقبل الذى يريدونه ولكن للأسف لعبت أحلام السلطة وسطوتها برءوسنا وظننا أننا أمام كعكة فسال لعابنا وأصيب الجميع بحالة من الطمع فصار كل واحد يمد يده لكى يحصل على أكبر قطعة يمكن أن تصل إليها يده.
نسينا أن هذه الكعكة هى مصر هى الوطن وهى ملك لأبنائنا الذين استردوها وصنعوها بأرواحهم ودمائهم.. فصرنا فرقاً متناحرين متغطرسين تصلبت الرقاب والأعناق وصمت الآذان ولم نعد نسمع إلا لصوتنا، كل واحد يرى أنه على حق والآخر مخطئ، ملأ الشك قلوبنا فصرنا متربصين ببعضنا البعض وحاول كل طرف أو فريق أن يظهر عيوب الآخر وتشدد كل طرف ولم تعرف المصالحة لنا طريقا وصارت الخصومة والبغضة هى طبعنا بل هما إنجاز ثورتنا العظيمة التى كانت تصرفاتنا بمثابة تعفير لوجهها بالتراب..
لقد تحجرت المواقف وتوقفت العقول واختفى الحوار ليحل محله العنف والصوت العالى الذى تاهت فيه الحكمة وتكاد تتوه مصرنا بتاريخها ما الذى ينتظرنا إن لم نتفاهم ونتحاور كما يقول المحللون أن يبدأ حوار جاد ما بين القوى السياسية التى أعتقد أنها ليست هى بسلطان أو لها كلمة حتى يمكن أن تسيطر على الشارع الذى أفلت من بين يديها ولم يكن لها أية سيطرة أو وجود معه فى يوم من الأيام الناس باتت تنتظر البلاء وما أصعب الانتظار فوقوع البلاء أهون من انتظاره ولننتظر أن تأتى أوقات الفرج من عند الله سبحانه وتعالى.