رئيس التحرير
عصام كامل

جواز أمريكا من مصر بااااطل.. باااطل!


هل تذكرون "قصة السياق"؟.. إنها تلك القصة التي طالما يرددها سياسيون عندما تنزلق ألسنتهم بتصريحات يكتشفون حجم كارثيتها بعد أن تكون الفأس قد اخترقت الرأس، فيخرج الواحد منهم بقوله إن تصريحاته اجتزأت من سياقها وكان أشهر من قال بقصة السياق هم أعضاء جماعة الإخوان الذين وصلوا إلى الحكم في لحظة تاريخية اجتزأ فيها تاريخ البلاد من سياقه!!


تذكرت قصة السياق عندما بررت وزارة الخارجية فعلة وزيرها بواحدة من قصص الترجمة وهي المرادف الدبلوماسي لقصة السياق.. حيث قال مصدر بها إن وزير الخارجية نبيل فهمي لم يقل إن علاقة مصر بأمريكا علاقة زواج كاثوليكى في إطار تأكيده على عمق العلاقات بين الزوجين - عفوا البلدين - وقال المصدر إن هناك مشكلة في الترجمة أي أن المصدر قد وجد ضالته في الاجتزاء اللغوي.

ولقد اتصلت بأساتذة كبار في التاريخ وبعض الجغرافيين للسؤال حول زواج الدول، وما إذا كان أحدهم قد حضر عقد القران أو حفل الزفاف وهل تم هذا الزواج في مسجد أم أن الطرفين اتفقا على عقده في كنيسة؟.. ولم ترد إلى إجابات وافية أو شافية أو حتى "مجتزأة من السياق" حتى تاريخه.. وأغلب الظن أن هذا الزواج لم يعلم به إلا علية القوم وخاصتهم ومن بينهم سيادة وزير الخارجية نبيل باشا فهمى على اعتبار أن أمين عثمان كان هو من قال أيام الاحتلال الإنجليزي إن علاقة مصر ببريطانيا علاقة زواج.

المهم أننا أمام احتمالين أحلاهما مر، والاحتمال الأول أن يكون الوزير واثق في معلوماته أو أن تحت يده عقد زواج سواء كان رسميا أو عرفيا، والاحتمال الثانى أن تكون لاسمح الله العلاقة قد نشأت بين الطرفين كعلاقة محرمة، وهو ما تأباه المنظومة القيمية المصرية التي أعلنت من قبل رفض فكرة زواج مصر من بريطانيا وقتل صاحب الشائعة المغرضة آنذاك وإذا ما كان أحد الاحتمالين هو الحقيقة فإننا نصبح أمام مشهد مأساوى بالدرجة الأولى.

كيف تم هذا الزواج؟ ومتى؟ ومن هم الشهود؟ عربا كانوا أم عجما.. وأين كانت الإقامة أو بيت الزوجية؟ ومن الذي دفع المهر ؟ وهل جاء الزواج بعد علاقة غير شرعية كحل جبري فرضته ظروف الحمل ولامؤاخذة.. أين قضيا شهر العسل؟ في واشنطن أم القاهرة أم اختارا قضاءه في تل أبيب باعتبارها أم العلاقات غير الشرعية وصاحبة أكبر سجل تاريخى للاغتصاب.. الأسئلة كثيرة ومستفزة ولا يعلم إجاباتها إلا وزير الخارجية.

ربما كان الوزير مظلوما وربما سقط في يده بعد أن أخبره أحد سفرائه بوجود عقد زواج موثق في إحدى سفاراتنا بين الطرفين.. والسؤال الأهم: هل يرضى أهل مصر بزواج فتاتهم الجميلة الأصيلة وهي ابنة الحسب والنسب وصاحبة التاريخ التليد من حضارة لم تكن قد ظهرت إلى الوجود قبل عدة مئات من السنين؟.. هل يوافق أهل مصر على زواج غير متكافئ ؟ ومن ذلك الذي ورطهم في أمر لو صح لأوجب احتقارهم بين أهليهم وذويهم؟

وحتى تاريخه لم يفسر أي مفسر لماذا انزعجت الجماهير المصرية من تصريحات الوزير، ولماذا غضبت الصحافة هذه الغضبة؟ ولماذا عاد الوزير بعد التصريح الأزمة وكأنه في أزمة؟.. ربما يكون غضب الإسلاميين نتيجة طبيعية لأن مصر دولة إسلامية ولا يحق لها أن تتزوج من كتابية وربما كانت غضبة إخواننا المسيحيين لأن لدينا كنيسة وطنية أرثوذكسية في حين جاء الزواج كاثوليكيا في تصريح الوزير، أما المصريون العاديون إنما انشغلوا بالطريقة السرية التي جاء بها زواج لم يعرفوا تفاصيله وكأنه زواج سري.

وأخيرا يعود الحق لأصحابه ونكتشف أنه كان بيننا من يعرفون أدق تفاصيل هذه العلاقة، وأول هؤلاء الكاتب الكبير الراحل ثروت أباظة، إذ يبدو أنه جسد هذه المأساة في فيلم "شيء من الخوف"، ولا شك أنه كان يقصد أمريكا بشخصية عتريس، فالأخ عتريس كان دمويا وأمريكا دموية حتى النخاع والأخ عتريس كان لصا وأمريكا رأس اللصوصية في العالم وكان عتريس "نهابا" وقد قامت أمريكا على السلب والنهب.

وعلى ذات المنوال كانت فؤادة خيرة تروي الأرض العطشانة ومصر دولة الزراعة الأولى في العالم، وكانت فؤادة حنونة تدعو للحب وهو ما يتوافق مع الحضارة المصرية التي ابتنت مجدها على الحب والبناء والتسامح.. كان عتريس فظا غليظ القلب وهكذا هي أمريكا.. وكانت فؤادة وادعة، هادئة، حنونة، ودودة وهكذا كانت ولاتزال مصر ولم يبق إلا مشهد النهاية، وهو أن يحمل أهل فؤادة المشاعل ويتوجهون إلى بيت العريس في جاردن سيتى وهم يهتفون جواز عتريس من فؤادة باطل.. جواز عتريس من فؤادة باطل!!
الجريدة الرسمية