حمدين وشكرالله "اتكلوا على الله"
"يترفع الكبير دائما عن الصغائر ولا يعير من يريد عرقلته اهتماما".. وهذا النهج يتبعه المشير السيسي منذ أطل على المشهد السياسي المصري، ورغم أنه ليس بحاجة إلى برنامج انتخابي أو دعاية، بعد أن استدعته الملايين للترشح للرئاسة، إلا أنه يعمل في صمت عبر لقاء أطياف المجتمع، وكبار علماء مصر في العالم، مستعينا بما لديهم من رؤى وخطط لحل المشكلات المستعصية وفق أحدث ما توصل إليه العلم.. أما الطرف المنافس فاكتفى بشعارات استهلاكية ومهاجمة المشير ومغازلة "الإخوان" والدفاع عمن تسببوا في خراب مصر.
وعد حمدين صباحي أنصاره في حال نجاحه، بمحاكمة المشير السيسي، لكن لم يوضح هل يحاكمه لأنه ضحى بنفسه وواجه عصابة جعلت مصر رهينة الإرهاب؟!، أم يحاكمه لأنه لبى نداء المصريين وحافظ على بلدنا ومنع تقسيمها؟!
بشر حمدين أهل المحروسة بأنه سيلغي قانون التظاهر ويطلق سراح المعتقلين.. وهو يعلم يقينا أن القانون المصري أخف وطأة وأقل عقوبة من القوانين المماثلة في العالم وأولها الأمريكية والأوربية.. إذن صباحي يدعم الفوضى وإسقاط هيبة الدولة برفضه القانون وتبنيه الإفراج عمن نفذوا مؤامرة دولية لتدمير مصر.. وما إن أعلن المرشح الرئاسي عما يعتبره برنامجا انتخابيا، حتى انبرى أحد الذين يدافع عنهم صباحي داعيا إلى "تشكيل تنظيم مسلح لاغتيال ضباط الشرطة".. فهل هذه مصر الثورة التي يريدها حمدين وأنصاره؟!
ينوي صباحي في حال فوزه في الانتخابات، إقامة علاقة قوية مع إيران لتحقيق المصالح المصرية وحتى تكف أيديها عن التدخل في الخليج.. لكن لم يقل حمدين كيف سيمنع المد الشيعي الذي تسعى إيران إليه في مصر؟، ثم كيف ستكف أيديها عن الخليج وهي التي أعلنت صراحة قبل أيام أن "حدود إيران الفارسية تمتد حتى جنوب لبنان، أي عند المنطقة التي يحكمها حزب الله عميل الولي الفقيه"، بعد أن أحكمت قبضتها فعليا على العراق وسوريا بأنظمة حكم شيعية منذ سنوات.
إن ترويج صباحي لأهمية العلاقة مع الفرس تثير السؤال حول علاقته مع إيران وهي من أطراف المؤامرة على مصر، كما تعيد إلى الأذهان علاقته الغامضة مع صدام حسين ومعمر القذافي أكبر رموز الديكتاتورية والوحشية في العالم العربي وتثبت العلاقة معهما فيديوهات "يوتيوب" والصحيفة التي ترأس تحريرها صباحي!!
لم يتمكن حمدين من جمع التوكيلات المطلوبة للترشح لانتخابات الرئاسة، إلا بعد أن أعلنت رئيسة حزب الدستور د.هالة شكرالله عن دعم صباحي.. وقطعا هذا حقها المشروع وحق المنتمين إلى حزب أسسه البرادعي، وكلنا نعلم الدور الذي لعبه "البوب" منذ جاء إلى مصر قبل نحو ست سنوات وكيف أدار مخطط فوضى الشرق الأوسط، والتسجيلات المسربة لتفاصيل اتصالاته مع الأمريكيين تثبت ذلك.
لا يمكن لأحد أن يسلب حرية شكرالله في تأييد من تشاء، إنما ليس من حقها الاعتراض على أحكام القضاء، كما لا يحق لها ترديد "يسقط حكم العسكر" لأنه هتاف معيب تبنته جماعة إرهابية محظورة، ومجموعة من المرتزقة أغرتهم دولارات الخارج وعاثوا في مصر تخريبا.
ندمت لأنني أيدت نجاح شكرالله في انتخابات الحزب، بصفتها أول امرأة تتولى رئاسة حزب سياسي، وتمنيت أن تغير الصورة الذهنية المرتبطة بحزب البرادعي، لكنها بدلا من تبني سياسات وطنية وخدمية تنفع المجتمع وتسهم في دفع عجلة العمل، صدمت ملايين المصريين بالهتاف ضد الجيش الذي حمى الأرض ووحدة البلد من الإرهابيين والمتآمرين.
كان حري بالدكتورة شكرالله، ادراك أنه لولا الجيش وقائده المشير السيسي، ما أصبحت رئيسة للحزب وربما لم يكن للحزب نفسه وجود في ظل حكم "الإخوان"، كما استغرب اعتمادها نهج وفكر البرادعي دون أن تضع بصمتها وفكرها الخاص وكأن الخروج على تعاليم "البوب" محرما!!
توسمنا الخير في هالة شكرالله، لكن يبدو أن المصريين سيقولون لها قريبا "اتكلي على الله" مع حمدين صباحي ودعونا نعيد بناء "أم الدنيا".