«كلب العمدة» قصة قصيرة لـ«محمد ناجي زاهي»
محمد ناجي زاهي كاتب وصحفي صدرت له قصة قصيرة بعنوان «كلب العمدة» عن دار المنى للنشر، ننشر ملخصها:
أبويا الحاج إبراهيم عمدة بلدنا، كان له هيبة غريبة، وكان نزيه لدرجة إنه في مرة أجر قطار كامل من بنها لـ إسكندرية، ودلع نفسه مع رقاصة وفرقتها، علشان يفك عن نفسه، في مرة وهو زهقان ... وكان حضرة العمدة كل يوم في بيته جلسة عرفية، وكان أبويا ياخدنى أحضر جلسات أبويا العمدة، وألاقي فيها ناس من نواحينا ومن البلاد المجاورة ، وعمدتنا كان بيقعد على كرسي خشب كبير وضخم زي اللي بنشوفة دالوقتي في المسلسلات التاريخية، والكرسي كان مدهون ومطرز ببعض الأحجار الكريمة، وباقي الموجودين بلا استثناء بيقعدوا على الحصير .. ولو حد فيهم حب يتكلم يبقى لازم يستأذن أبويا العمدة وبعد ما يأذن له، يقوم يتكلم وهو واقف، وانتشر صيت العمدة في عمل الجلسات العرفية، مش في قرى المركز والبندر بس لكن دا وصل صيته لمحافظات أخرى، وبقى العمدة هو منقذ أي شخص يتسرق يعني لو واحد اتسرق منة أرضه وبهايمه ، كان يجيب السارق والمسروق ويعمل قعدة العرب، ويرجع الشيء المسروق من السارق لكن قبل ما يرده لصاحبه الأصلي كان بياخد نص المسروقات، إن ماخدهاش كلها، ويلصق بالمجني عليه تهمة ... إزاي يتسرق منه أرضه أو بهايمه.
وبالتبعية أبويا العمدة كان يركب الجاني والمجني عليه حق ، والمستفيد الوحيد من الجلسات العرفية هو العمدة وشوية الطواقي إلى حواليه (قصدي شيوخ البلد ) اللي كان بيضحك عليهم بعشوة ويقولهم وراها بالسم الهاري.
وتداول اسم أبويا العمدة على لسان كل راجل وست وطفل في البلد، ومكنش ينفع إن حد يناديله باسم غير أبويا العمدة يعني وجب على كل فرد في البلد احترامه بحكم الأبوة التي لا نعرف أصل نسبها وفصلها.
وكان أهم ما يميز أبويا العمدة إنه كان عنده كلب أسود ضخم والكلب ده كان بيمشي ورا العمدة في كل مكان حتى اعتقد كل أهالي البلد إنه مصدر نقل الأخبار من أهل البلد للعمدة هو الكلب ده وهو اللي بيفتن عليهم عند العمدة لما يكونوا بيتكلموا عليه، لدرجة إنهم لو شافوا الكلب ده ماشي في الطريق وهما بيتكلموا لازم يسكتوا علشان الكلب مايسمعش كلامهم ويروح يبلغه للعمدة وتبقى ليلة سودا عليهم وعلى أهلهم . لدرجة إن الكلب أصبح له هيبة في البلد وبقت هيبة الكلب من هيبة العمدة، ولو مجموعة من الناس ماشيين يوسعوا للكلب ويلقوا عليه التحية.
ولو شرد الكلب ودخل أي دار في البلد يبقى وقع على عاتق صاحب الدار إكرام كلب العمدة، من نفس أكل أهل الدار والجودة بالموجودة .
وفي يوم من الأيام عرفت الأهالي إن كلب العمدة مات فأهل البلد حبت تجامل العمدة، فعملوا صوان واتجمعوا فيه وذهبوا للعمدة علشان يعزوه ويواسوه في وفات الكلب ....
رحم الله كلب العمدة