المطيري: الرئيس السيسي وحده لن يستطيع حل أزمات مصر
- لايوجد إعلام محايد ولكل وسيلة وجهة نظر تتبناها
- مصر تسير في طريقها السليم نحو إرساء الديمقراطية
- المجتمع العربي لن يتحرر من أزماته إلا بتحرره من عبادة الفرد
- العرب يحملون جامعة الدول العربية أكثر مما تحتمل
- المجتمع العربي ابتعد عن الكثير من أخلاقياته بعد ثورات الربيع العربي
- الجرافيتي انتشر في كل أنحاء العالم العربي كوسيلة للتعبير البذىء
- المشير السيسي له دور وطني يجب أن يحفظه له التاريخ
- الأمم المتحدة بكل قامتها عاجزة عن القيام بأي دور
- على المجتمعات العربية الابتعاد عن الشخصنة للحاق بركب العالمية
قال فالح المطيري -مدير إدارة الإعلام بجامعة الدول العربية-: إنه لاتوجد وسائل إعلام محايدة على الإطلاق، وأن لكل وسيلة وجهة نظر واستراتيجية تتبناها، إلا أن الأزمة التي قد تظهر هي ما يتعلق بعدم الموضوعية.
وأوضح المطيري أن العالم العربي انجر إلى المحيط السياسي، وأصبحت السياسة تشكل أغلب حياة المجتعات العربية، وهو الأمر الذي يعد بمثابة إشكالية، فالمجتمع لن يعيش على السياسة، وليست هي وحدها التي تشكل الواقع، مشيرا إلى أن الإعلام ابن واقعه المعاش.
ويرى المطيري أن الوضع في مصر بعد ٣٠ يونيو وانضمام الجيش لإرادة الشعب كان متوقعا، خاصة من جيش مصر الذي تعود على ذلك منذ بداية تاريخه، معتبرا أن مصر تسير في طريقها السليم نحو إرساء الديمقراطية، والسير في مسار خريطة الطريق.
ودعا المصريين إلى اختيار برنامج بعد نجاح السيسي في انتخابات الرئاسة، لأنه لايمكن للفرد أيما كان أن ينهي أزمات مصر ومشاكلها، وعليه فإن مسألة اختيار برنامج انتخابي هو الأهم، معتبرا أن المجتمع العربي عامة لن يخرج من أزماته الا إذا تحرر من عبادة الفرد.
وفيما يتعلق بالجامعة العربية قال المطيري في حوار مع فيتو: إن المجتمع العربي يحملها أكثر من طاقتها، وأكثر من المنوط لها العمل به، مؤكدا على أن الجامعة، وهي أقدم المنظمات الدولية والإقليمية، ليست إلا ابنة للنظام السياسي العربي. ولن تتغير إلا بتغيره، فإلى نص الحوار:
- بداية كيف تنظر لما تقوم به وسائل الإعلام العربية، خاصة في الفترة الأخيرة التي تشهد حالة من افتقار الحيادية، والتحيز؟
لاتوجد وسائل إعلام محايدة، فكل وسيلة لها وجهة نظر، أو إستراتيجية معينة، أو أجندة معينة، تتبع سياسة دولة معينة أما التعامل بمثالية، وحيادية تامة فهذا أمر مستبعد على الإطلاق ولو كنت مالك وسيلة إعلامية، فهي ستعكس وجهة نظري الخاصة، أو زاوية رؤيتي لأي حدث سياسي، لكن أحيانا فإن عدم الموضوعية هو الذي تتجسد فيه الأزمة والإشكالية، في بعض الوسائل الإعلامية، أن أكون مختلفا مع أمر فهذا لا يمنع أن أعرض وجهة النظر الأخرى.
- لكن الأزمة أن تخرج وسائل إعلام من المحيط، والسياق العربي لتوجه ضد دول أو أنظمة بعينها، فما الحل في هذه الإشكالية؟
كما قلت هذا من جانب المثالية الذي ننظر فيه لواقعنا السياسي، فنحن لابد أن ننظر بموضوعية لواقعنا السياسي، وهذا الواقع في الحقيقة مشتت، مهزوم وضعيف، وبالتالي فإن إعلامنا العربي سواء كان إعلاما حكوميا، أو خاصا مشتتا، وضعيفا ومهموما، والحقيقة لن ينصلح الجزء مادام الكل غير منصلح، فالوطن العربي بحاجة إلى نهضة شاملة، ومشكلتنا كعرب من بعد " الربيع العربي" استهلاكنا الواقع السياسي، وأصبحت السياسة هي الهاجس والمسيطر على شئونا الحياتية، فأضحت الموضوعات السياسية هي الطافية على السطح، وأنجر الإعلام أيضًا لهذا الاتجاه، فأصبحت كل القنوات تتجه إلى إنتاج كم هائل من برامج "التوك شو"، وهو ما يدعو للتساؤل: هل العالم العربي أصبح يعيش على السياسة، هل المواطن العربي يصبح ويمسي على السياسة؟! فلابد من إصلاح عربي على كافة المستويات، إصلاح على المستوى السياسي، الاقتصادي، التربوي، التعليمي، الثقافي، بل وحتى على سلوك المجتمع، فلابد أن يكون هناك تعايش مع السياسة بشكل لا يعتدي على حقوق الآخرين، فتتعجب أنك -الآن- تسير في مصر أو تونس فتجد في الشوارع وعلى الجدران تعبيرات غير لائقة، وتعتدي على مشاعر الجمهور، فالشارع ملك للجميع، ولا يحق أن تجد مثل عبارات مسيئة تستغل بهذا الشكل في الشارع، فليس هكذا يكون التعبير.
- هل ترى أن المجتمع تحرر من الكثير من أخلاقياته بعد ثورات الربيع العربي؟
لم يتحرر بل ابتعد للأسف عن كثير من الأخلاقيات، بل وعن الحد الأدنى من الاختلاف في الحوار، فليس من المنطق أن تكتب شتائم بذيئة على الحائط، في كل الدول التي عايشت ثورات الربيع العربي، فالجرافيتي منتشر في كل أنحاء العالم كوسيلة للتعبير، لكن نجدها في أوربا مظهرا جماليا، لكن في دول الثورات نجد ذلك التعبير البذيء.
- من واقع حياتك في مصر كيف ترى الواقع المصري -مؤخرًا- في ضوء مشاهداتك؟
بالنسبة لي كنت متفائلا جدًا مما حدث في ٣٠ يونيو، وكنت أتوقع ذلك، وكنت أرى أنه ثمة تحرك شعبي مسنود، من قبل الجيش المصري، فالجيش في مصر هو صمام الأمان للمجتمع، ليس بعد ٣٠ يونيو فحسب، لكن على مدى تاريخ مصر، من أيام المماليك، محمد علي، وعبد الناصر، والسادات وما حققه في حرب ٧٣ وما تلى ذلك.
فالجيش المصري هو صمام الأمان، وهو لم يتحرك، وفق ما يروج الآن من مصطلح العسكر وكأنها إهانة أو انتقاص، كون العسكرية هي حركات انقلابية في الدول الأفريقية، وجمهوريات الموز، ودول أمريكا الجنوبية، لكن على العكس الجيش المصري تحرك وفقا لخريطة طريق لها بنود معينة، وطريق معين لتنفيذها، ومحور زمني محدد، بدأ من الاستفتاء، والآن أنهت مصر استحقاق الانتخابات الرئاسية بنجاح المشير السيسي، يعقبها الانتخابات البرلمانية، والقطار سيمر، إلى أن يصل لمحطة الأمان.
- لو كنت صاحب صوت في الانتخابات الرئاسية المصرية، لمن كنت تعطي صوتك ولم؟
أولا اعتبر نفسي مواطنا مصريا، ثانيا، وفقا للمطروح أمامي فأنا احترم وأقدر المشير السيسي لما له من دور وطني، ولحمدين صباحي لما له من تاريخ سياسي ونضالي، فالمشير السيسي له دور وطني يجب أن يحفظه له التاريخ، لأنه حقيقة تدخل في لحظة فارقة، هو والجيش المصري كمؤسسة حامية للجمهورية حفظوا مصر من حرب أهلية كانت على شفيرها، ولو طارت الفترة لكانت مصر ستدخل في نفق مظلم.
أيضًا حمدين صباحي، له تاريخ سياسي، ومرجعية نضالية، وبما له من مواقف -أيضًا- نكن له كل التقدير والاحترام، وفي النهاية هما رمزان طرحا نفسيهما والاختيار النهائي كان للشعب المصري، الذي قال كلمته وفق رؤيته وقناعته بالبرامج،والمواطن الآن لا يحتاج أشخاصا، إنما هو بحاجة لبرنامج يستطيع تغيير الواقع، والمجتمعات العربية في رأيي إذا أرادت أن تلحق بركب العالمية، فيجب أن تبعد عن الشخصنة، وعبادة الفرد، فهي مضرة للمجتمع وأيضًا للفرد، فإلقاء أمر حل كل الأزمات لفرد بعينه للرئيس السيسي هو ظلم له، فلا أحد قادر على أن يحل مشاكل مصر كلها إلا أن يكون له برنامج سياسي وفريق عمل وتعاون شعبي كامل.
- البعض يقول: إن العالم العربي بحاجة لقنبلة تهدم كل القديم ليعاد البناء من جديد في كل شيء؟
لست من أنصار نظرية العدم وإعادة البناء، لكني من أنصار الإصلاح، حتى لو كان البناء متهالكا، فلابد من الحفاظ عليه، لأنه يمثل تاريخنا وإرثنا الثقافي وتراثنا الذي لا يجب الانفصال عنه، حتى الرسول عندما جاء، لم يقل أتيت لأعلمكم مكارم الأخلاق، بل جاء ليقول أتيت لأتمم مكارم الأخلاق، وهذا برغم مما كان يعانيه المجتمع من أزمات.
- برأيك أين يكمن حل الأزمات العربية، كيف الخروج بهذا المجتمع من مرتبة العالم الثالث التي ظل فيها طويلا؟
التعليم -اركز دائمًا على التعليم- فالتعليم هو طوق النجاة لهذه الأمة، فالأمة الإسلامية خرجت من الجزيرة العربية حينما بدأت تترجم علوم الآخرين، أصبح العالم الإسلامي والعربي هو قائد المسيرة الثقافية في العالم، وهو الذي أنار ظلام أوربا -الآن- لابد أن يكون الاستثمار العربي في التعليم فهو طوق النجاة.
- جامعة الدول العربية، يرى فيها المجتمع العربي في بعض الأوقات طوق النجاة بل ويعولوا عليها آمالا كبيرة غير متوقعة، لكن مؤخرًا بدأت الشعوب تراها بلا دور، ولا قيمة فعلية، حتى المظاهرات أمامها بدأت في التراجع..؟
دائمًا كانت الجامعة العربية تحمل أكثر من دورها، هي منظمة إقليمية، وبالمناسبة هي أقدم منظمة إقليمية -الآن- بعد عصبة الأمم، وهي وليدة النظام السياسي العربي، فهي لا تتحكم في النظام السياسي العربي، بل هي وليدته، تنفذ قرارات القمة، أو المجالس الوزارية المختلفة، ونحن كعرب، ولأن المواطن العربي أصبح محبطا بفعل الحال، فصار يحمل كل المشاكل على الجامعة العربية، ولننظر للمنظمات الأخرى، فمن قال بأن الأمم المتحدة قادرة على القيام بدورها، فالأمم المتحدة بكل قامتها عاجزة عن القيام بأي دور، وفيتو واحد في مجلس الأمن يعطل قرارات الأمم المتحدة، وهي لم تحل مشكلة حقيقية، من الخلافات الموجودة في العالم، ونفس الأمر فيما يتعلق بمختلف منظمات العالم الإقليمية، فهي لا تستطيع القيام بشيء في حد ذاتها كونها وليدة نظام سياسي معين، وهي شراكة بين عدة دول، وبالتالي فيتو من دولة واحدة يلغي قرارها، ولا يجب أن تحمل. الجامعة العربية أكثر من دورها فهي تسعى وتحاول، لكن تبقى هي وليدة النظام السياسي العربي، ولن ينصلح حالها إلا إذا انصلح الحال السياسي العربي، فهي بيت العرب، وهي وليدة النظام السياسي العربي.