باحث أزهرى يطالب بمعاقبة "المفتى بغير علم"
كشفت دراسة علمية للباحث حازم الجمل، المحامي بالأزهر الشريف، أن الأزهر بفكره ومنهجه الوسطي في الإسلام، أرسي دعائم ونظريات جديدة شملت الأفكار، والعلاقات الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، بل والتشريعات، حيث أشاع هذا المنهج الوسطي الحب والمودة، والأمن والأمان لدى عامة المسلمين في العالم، وصحح الأفكار والثقافات المغلوطة عن الإسلام والمسلمين، وأبرز بدوره الشمائل المحمدية.
وحاولت الدراسة التي قام بها الباحث،، وأطلق عليها " السياسة الجنائية المعاصرة في مواجهة مخاطر الفكر التكفيري"، البحث عن مدي أهمية وضرورة، سياسة التجريم والعقاب في مواجهة كافة صور السلوك غير المشروع، الناشئ عن مخاطر الفكر التكفيري، والذي يمثل اعتداءً – بالضرر أو الخطر- على العناصر البشرية، أو المادية، أو المعنوية، أو المرجعية،... التي ينهض عليها مفهوم المصلحة محل الحماية في الفقه الإسلامي، والتشريعات المعاصرة. باعتبار أن هذه السياسة التشريعية أصبحت اليوم أهم أداة فاعلة تضمن معالجة الخلل، والاستهجان الاجتماعي، الناشئ عن الفكر التكفيري، بما يمهد بعد ذلك للمجتمع الفاضل القائم روح المحبة والتسامح.
وأوضحت الدراسة أنه بالنظر إلى مخاطر الفكر التكفيري، وما يحدثه من خلل أو استهجان اجتماعي، ومخالفته لقواعد الدين الإسلامي الحنيف، فإنه يملك مقومات التجريم والعقاب على المستوي الوطني، لكونه يمثل تهديدًا صارخًا لمصالح أساسية في الدولة، كأمن الدولة، واقتصادها، والنظام العام فيها، والسلم الاجتماعي، وكذلك العلاقات الدولية والإقليمية، لكونه يتعدي حدود الدولة الواحدة، ويؤدي إلى تشويه صورة الإسلام والمسلمين في كل أنحاء العالم، ويؤدي إلى زعزعة الثقة والاستقامة الضرورية، ومن ثم تجتمع في هذه الآثار السلبية مقومات جرائم الضرر وجرائم الخطر، باعتبار أن هذا الأخير هو تهديد بضرر محتمل الوقوع، وهي مرحلة مبكرة من الحماية، يكون الغرض منها اعتراض خطوات السلوك قبل أن يصل إلى مرحلة الضرر.
وانتهت الدراسة إلى توصيات أهمها ضرورة البحث عن قواعد تجريمية لمواجهة المخاطر الناشئة عن الفكر التكفيري، كجريمة مستقلة بذاتها، وليس من خلال القواعد العامة للتجريم والمسئولية، نظرًا لأهمية المصالح التي تمس بها مخاطر هذا الفكر.
وإنه من الملائم عند صياغة النموذج القانوني للجريمة، خصوصًا عند اختيار الجزاء الجنائي، أن يراعي المشرع مدي المخاطر، والأضرار، الناشئة عن الفكر التكفيري، مع ضرورة وضع إطار مرن للعقوبة، بحيث يستطيع القاضي، توقيع الجزاء الملائم حسب ظروف الدعوي، وحسب مقدار ما تحدثه الجريمة من خلل أو استهجان اجتماعي. وأن يراعي المشرع ضرورة تجريم إحجام الشخص المسئول، عن دفع المخاطر الناشئة عن الفكر التكفيري، إذا كان واجبًا عليه قانونًا أن يمنع هذه المخاطر، وإذا ما توافرت بالضرورة عناصر التجريم الأخرى.
وشددت الدراسة على ضرورة وضع إطار تشريعي ملائم، ينظم ضوابط الفتوى في الإسلام، مع فرض جزاءات مناسبة للفتوى بدون علم، أو بدون الرجوع إلى الهيئة الإسلامية المختصة صاحبة الرأي في الدولة، بالإضافة إلى ضرورة الاهتمام بوضع إطار قانوني ملائم لضمان الفكر الوسطي في الإسلام.