تقرير يحذر من تحول ليبيا لـ«بؤرة جهادية» ونقطة انطلاق لتصدير الإرهابيين.. وصول الإسلاميين للحكم زاد من دور الجهاديين في طرابلس.. والغياب الأمني في ليبيا يهدد دول المنطقة خاصة مصر وتونس
الأوضاع الجارية في ليبيا، ولا سيما النشاط الجهادي الذي ينذر بأزمة كبرى قد تكون ليبيا مصدرها لدول المنطقة.
وذهب التقرير إلى أن تصاعد النشاط الجھادي في لیبیا خلال الفترة الماضیة، یشیر إلى أنها ربما تتحول إلى "بؤرة جهادیة"، و"نقطة انطلاق" لتصدیر المشروع الجهادي الذي تتبناه بعض التیارات المتشددة، لا سیما في ظل انتشار المیلیشیات المسلحة وضعف قدرة الدولة على فرض سیطرتها وضبط حدودها مع دول الجوار.
تنامي نفوذ الجهاديين بعد القذافي
وأشار التقرير إلى أنه منذ سقوط نظام الرئیس اللیبي السابق معمر القذافى وليبيا تشهد نشاطا متنامیا للتنظیمات الجهادیة، وصل إلى درجة هیمنة بعض الجماعات المتطرفة على مناطق كاملة في أنحاء مختلفة من الدولة، حیث أصبحت مدن مثل درنة وسرت وصبراتة تحت سیطرة تلك التنظیمات بصورة كاملة، ویبدو أن ذلك هو ما دفع قیادات ورموز جهادیة، وفقا لتقاریر عدیدة، للانتقال إلى لیبیا، خلال بعض الفترات، مثل الجزائري مختار بلمختار المسئول عن عملیة احتجاز الرهائن في عین أمیناس بالجزائر عام ۲۰۱۳، وسیف الله بن حسین، المعروف بأبو عیاض، زعیم جماعة "أنصار الشریعة الإسلامیة" التونسیة.الإرهاب يهدد دول الجوار
ويتحدث التقرير عن مخاوف عديدة بأن تتحول ليبيا إلى بؤرة جهادية جديدة في المنطقة لما تمثله من تهديد مباشر لدول المنطقة، وعلى الأخص دول الجوار، وفي مقدمتها مصر وتونس، مشيرا إلى أن نجاح بعض الكتائب التابعة للتنظیمات الجهادیة ساهم في فرض هیمنتها على مدن كاملة، خاصة بعد وصول المجاهدین اللیبیین من سوریا، إلى تحول لیبیا لـ"بؤرة جاذبة" للجهادیین المنتشرین في مناطق مختلفة بالإقلیم، لسیطرة الإسلامیین على مقالید الأمور في البلاد، مع عدم وجود دولة مركزیة قویة قادرة على تطبیق القانون ومواجهة تلك التنظیمات.ويرى التقرير أن هذا ما دفع الجنرال دیفید رودریجیز قائد القیادة الأمریكیة في أفریقیا (أفریكوم)، إلى التحذیر من الانتشار الواسع لمیلیشیات إرهابیة على غرار تنظیم "القاعدة" وجماعة "أنصار الشریعة" داخل لیبیا بشكل یكاد یخرج عن السیطرة، بل إن رئیس الأركان الفرنسي الأمیرال أدورا غیو أكد في ینایر ۲۰۱٤، على أن "عملیة عسكریة دولیة هى الحل الأمثل لإعادة الأمن والاستقرار إلى الجنوب اللیبي"، إلا أن وزیر الخارجیة الفرنسي لوران فابیوس نفى ذلك، رغم أنه شدد على أنه "لا یجب ترك الأمور تتفاقم في الجنوب اللیبي"، وهي كلها مؤشرات تدل على أن التنظیمات الجهادیة في لیبیا أصبحت تمثل خطرا حقیقيا على أمن المنطقة في المرحلة المقبلة.
نماذج من القاعدة
ويضيف التقرير: وتعتبر التنظیمات الجهادیة الموجودة حالیا في لیبیا من "نماذج القاعدة"، حیث تتبنى أفكاره وتؤمن بأیدیولوجیته، وتعتبر أسامة بن لادن زعیما روحیا لها، ولكنها لم تنشأ بأمر من قیادة "القاعدة" المركزیة، ولیست لها علاقة تنظیمیة بالتنظیم الرئیسي، في حين تأتي "الجماعة الإسلامیة اللیبیة المقاتلة" وجماعة "أنصار الشریعة" وتنظیم "التوحید والجهاد في غرب أفریقیا لتكون أشهر التنظیمات الجهادیة النشطة في ليبيا.ويذهب التقرير إلى أن تصدر الإسلامیین للمشهد السیاسي في لیبیا عقب سقوط نظام القذافى، وسیطرتهم على كثیر من المناصب القیادیة، ساهم في انتشار التنظیمات الجهادیة، حیث وفروا الغطاء السیاسي والدعم المادى واللوجیستى لهذه التنظیمات، كما ساعدوها على تأسیس شبكة علاقات مع التنظیمات الجهادیة الأخرى في المنطقة مثل تنظیم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
ثلاث موجات جديدة
ويذهب التقرير إلى أن الوضع الحالي يفرض تداعيات عديدة في المنطقة عبر ثلاث محددات رئيسة "موجة جهادیة، خطر اقتصادي، تصدير المشروع الجهادي"، وكلها تصب في النهاية في جانب وصول الأمر في ليبيا إلى وضع متطور لتكون بؤرة انطلاق لهذه الموجات الجهادية.ويشير التقرير إلى أنه ینذر توافد بعض رموز التیارات الجهادیة على لیبیا، بانطلاق موجة جهادیة جدیدة في المنطقة من لیبیا، خاصة بعد دعوة مختار بلمختار زعیم تنظیم "المرابطون" الذي زار لیبیا مؤخرا، لتوحید التنظیمات الجهادیة تحت رایة تنظیم "المرابطون"، من أجل تحقیق الهدف الذي أعلنه عند تأسیس التنظیم وهو "إقامة دولة إسلامیة جهادیة من موریتانیا إلى مصر".
وفيما يتعلق بالتهديدات الاقتصادية، يقول التقرير إنه ربما یفرض تصاعد نفوذ ونشاط هذه التنظیمات تهدیدات جدیة لاقتصادات دول المنطقة بسبب سعيها إلى استهداف القطاعات الاقتصادیة الحیویة الموجودة في المنطقة، مثل صناعة النفط، إضافة إلى اختطاف المواطنین والسیاح الأجانب كرهائن، وهو الهدف المفضل لدى التنظیمات الجهادیة، الأمر الذي یمكن أن یحول دول المنطقة إلى دول طاردة للاستثمارات بسبب حالة عدم الاستقرار التي تواجهها".
أما ما يخص تصدیر المشروع الجهادي، فيرى التقرير أن تلك التنظیمات لا تسعى إلى تطبیق هذا المشروع في الدول التي تؤسس قواعد جهادیة فيها فحسب، بل تهدف إلى تصدیره إلى كل دول المنطقة، وخاصة دول الجوار (دول شمال أفریقیا)، ثم إلى كل دول العالم الإسلامي، خاصة أنها ترى أن مشروعها الجهادي هو الوحید القادر على إقامة دولة الخلافة الإسلامیة.