رئيس التحرير
عصام كامل

قطتي!


قبل سنوات كنت على موعد مع حفيدة الخديو توفيق.. الموعد كان هناك بمنزلها في المنيل.. كانت الاتصالات الهاتفية استغرقتنا طويلا.. وأصرت على أن نرى ما لديها من مستندات تثبت كما تقول ملكيتها لأراض لا أول لها ولا آخر خصوصا لدى وزارة الأوقاف..كان زميلنا العزيز أسامة خالد المحترم قد فجر القضية في " المصري اليوم " فأردنا معالجة الموضوع وتطويره بشكل مختلف بمواجهتها مع المسئولين أو أهل القانون ليمثل الطرف الآخر ونستطيع جميعا أن نفهم القصة لأننا لا نستطيع نشر الموضوع كما نشر!


في البيت العريق وفي الموعد المنتظر وجدنا حزنا شديدا وملابس سوداء ودموعا وانهيارا كبيرا للأسرة..كانت السيدة " فاطمة " تنتظرني في الموعد والذي التزمنا به تماما وعلى غير العادة..وفي الصالون أفهمتني وبهدوء بالغ وبحزن لا مثيل له أن قطة " البنات " قد ماتت! وأن الحزن يعم البيت واعتذرت لي على هذه المشاهد المؤلمة وأجواء الكآبة التي قابلتني..قدمت التعازي وأعلنت تضامني وأخفيت بعضا من الدهشة على ما رأيت!

كنت الواقعة مدهشة إنسانيا ورغم أنني لم أكن يوما من أولئك الذين يستخفون بمشاعر أحد ولا من أولئك الذين يقللون من حقوق الحيوانات الأليفة بل ربما العكس..فقد كان للحيوانات نصيب في تعاليم ديننا ووصاياه..إلا أنني لم أدرك قط قيمة ومغزى ما رأيت عند حفيدة الخديو إلا بعد أن صار عندي قطة...قطة شيرازي رائعة..حنونة أكثر من البني آدمين..وتمتلك رقيا في السلوك لم يصل إليه الكثيرون..تخجل وتنسحب إن فهمت أننا نريد ذلك..

وتبدي امتنانا ورضا أن منحناها حقوقها وتبدي سعادة وشكرا أن منحناها المزيد..وأمس..وقد أصابنا الارتباك ونحن نتسلم أغراضا طلبناها ولم أنتبه لخروجها خارج البيت وقد آلمتنا بعض الأمور عنها..وحين البحث عنها لمنحها طعامها إذا بها تصرخ من خارج المنزل ومن خلف الباب..أدخلتها على الفور..إلا أن دموعها كانت تغرق عينيها..لم تهرب ولم تنطلق بعيدا.. لم تجر خلف رائحة هنا أو طعاما هناك..إنما انتظرت العودة إلى بيتها..انطلقت مسرعة إلى الداخل تتأكد أنها هنا..بين معالم تعرفها جيدا..وأماكن تعودت عليها..ولم تتوقف دموعها واضطرابها فترة طويلة..حزنا على مستقبل تخيلته وتصورت لفترة أنه مصيرها المحتوم..

وسبحانك ربي..لا إله إلا أنت..لك في كل خلق حكمة وكل القلوب لك..تقلبها كيفما تشاء!
الجريدة الرسمية